رحلة الى قبل 32 عاما

ثالث يوم نوروزي في الجبهة

الراوي: عبدالله ملكي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-3-30


كان العام 1985 ثالث عيد لي في جبهة الحرب وتقع على عاتقي مسؤليتين، أحدها مسؤلية مجموعة ثقافية للحرس في محور جناره وهي تحت مسؤليات الفريق الثقافي لحرس ثورة مريوان والثانية التعاون مع قائد محور جناره.

كانت مراسم العيد في الجبهة بسيطة جدا، ولكنها تُقام بحميمية. قضينا عيد العام 1985 في كردستان. تبادلنا القبل مع الشباب وفعلتُ ما تعلمته في طفولتي من أبي الحاج، أغمض عيني وأدعو من اعماق قلبي. أعرفُ أن انتصار جند الإسلام، هو أملي الوحيد في ساعة تغيّر السنة الجديدة.الجميع ودون أن يتفوّهوا بكلمة، كان أملهم هذا. بعد تبادل التحيات، وزّع الشباب الحلويات. قلتُ لنفسي، إن شاء الله سوف سنتناول حلويات الانتصار.

في بعض الاحيان يتزايد عملنا الى درجة ننسى فيها دخول السنة الجديدة. المشاكل وحجم العمل ينسينا هذه اللحظة، ولكني أذكر عيد العام 1985 الذي أقمناه. وأيضا دون عوائلنا. عادة تكون فترة إجازاتنا في الصيف. نحن الذين كنا دون زوجات نعطي إجزاتنا أكثر للمتزوجين ولا نذهب في إجازة في السنة إلا مرة أو مرتين، خاصة في العيد حيت تقلّ السيارات ويجب أن نتقسم وعادة من هم مثلي دون زواج، نتراجع عن الذهاب والاجازات.

ولا تقل منكقة جناره عن مازاروستاق، وإن كانت أكثر برودة ويصل الربيع متأخرا لها لكنها جميلة مثل الجنة، الجنة الذي صورّها الله بكل تفصيلها الجميلة. تظهر الزرود والنبتات النادرة بين الصخور والأحجار وأينما نظرنا، نسمع صوت خرير المياه الصافية والباردة مخرجة التعب من أجسادنا. أحياناً أغضب من حصول أعداء الثورة على كل هذا النعم وأحدث نفسي: رحمة الله تشمل الجميع.

حين تظهر عائلتي عتبها من الفترات الطويلة لغيابي عبر الرسائل، كان متاعي حقيبة صغيرة، أعدّها واتجه الى مازاروستاق. وتتداعى في ذهني كل أحداث جناره ومريوان. أحياناً، أعدّ خططاً لساعات من أجل العمليات والبرامج الثقافية. لا يسمح لي قلبي أن أقضي لحظة دون هدف، لأنه في مريوان، كله وسقز وجناره ثبت لي: كم الزمن مهم، حتى فرصة لقاء أخي أسد الله، الذي كان قليلا في قرية محراب حيث كان ينهي فترة عسكريته، لا تأتي. كم كنتُ أودّ أن أراه وأتحدث له، ولكن... كان الطريق صعباً. حتى في إجازاتنا حين نذهب للقرية، لا نلتقي. كان يستغل كل إجازاته، ولكني أبقى قليلا مع عائلتي ولا يمكنني الانتظار حتى يعود، عليّ العودة الى مريوان قبل وقوع حدث، ولا يرضى قلبي أن يتلاشى الأمن النسبي بعد أعوام من فقده في أثناء غيابي. أحيانا غياب أو حضور فرد في مقر يبات ملموسا ولذلك قلّما يأخذ مسؤلين المحاور إجازة، ويعصبون الاجازات جدا.

في ذلك العام وبعد قضاء عطلة النوروز وبعد أن عادت كل القوات للمناطق، ذهبتُ بوجدان مرتاح. حين وصلتُ الى مازاروستاق،كانت زهرة متفتحة من زهور الحاج بابا. وكنتُ مثله مشتاق. كانت أعوام طفولتي خضرة ولا تنسى بحضوره ولأنّ إجازاتي متباعدة، كانت عائلتي تسعد بلقائي ويستقبلوني بحفاوة والأهم من كل ذلك هو المراسم الدائمة لتقديم خروف في حسينية قرية بهنه كلا برفقة أبي.  كان أبي دائما ينظر لي بعينيه النافذة، كأنه ينتظر قدومي والآن يجد آثار صعوبات الحرب في تجاعيد وجهي وجحوظ عيني، كان يحزن من أجلي. لكنه يعرف جيدا أن نضجي مديون للحرب ولا يندم على ذهابي...

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3492


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة