رواية من عامة صامتة

صورة الشاه في ذهن العامة من الشعب الإيراني

إعداد: جعفر كلشن روغني
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-2-2


يعد سقوط مكانة محمد رضا بهلوي كملك لإيران في أذهان الشعب وتغيير عميق في نظر الناس إليه من بين العوامل التي يعتبرها العديد من الثوريين وعلماء الاجتماع في عصر البهلوي، وخاصة تلك التي أدت إلى انتصار الثورة الإسلامية، وفعالة في الإطاحة بالنظام. في الواقع، بداية، سقطت صورة الملكية ووضعها في العقول وفقدت كرامتها ومصداقيتها، ثم رفض الملكية والأسرة الحاكمة، ثم أصبح الصراع العملي والعلني لتفكيكها واضحاً. بناءً على ذلك، من الضروري وجود فهم أعمق وأفضل للثورة الإسلامية من أجل الحصول على فهم صحيح وعميق لصورة الشاه في عقول وأذهان الشعب الإيراني ومدى قوة مختلف جوانبها ومعرفة أنّ الناس العاديين في المجتمع الإيراني، والذين يكونون غالبيته، وكيف رأوا الشاه، وما هي الصورة التي لديهم عن الباطن ومنزلة ومكانة الصورة وقوتها.

موريو أونو Morio ono  أستاذ ومدير معهد الثقافة الشرقية بجامعة تويو اليابانية، هو واحد ممن سافروا إلى إيران عدة مرات قبل انتصار الثورة الإسلامية وبعدها، وقد ترك ذكريات رائعة وقيمة لتلك الرحلات والملاحظات. كان حاضراً في إيران عام 1966م ونشر جزءاً من مذكراته في تلك الأيام في كتاب بعنوان "كنت في إيران عام 1978[1]" . في بداية مذكراته في تلك السنة، قدم صورة مثيرة للاهتمام وفريدة من نوعها للناس العاديين من الطبقات الدنيا في المجتمع ، يصور واحد منهم محمد رضا بهلوي.

وفقًا لأونو، وفي تلك السنة، بينما كان يعيش في منزل في شارع  ويلا (نجات اللهي الحالي)، كان لزوجين يدعيان حسين وبيبي بيجان حارساً مؤقتاً يقومان بـ "غسيل وتنظيف المبني" حيث كانا يعيشان في غرفة صغيرة فوق المبنى وبجانب السقف "(ص12).  درس حسين حتي الصف التاسع بينما درست بيبي جان حتي الصف السادس الإبتدائي.

في صباح إحدي الأيام، نزلت بيبي جان مغمورة بسعادة كبيرة من سلالم المبني متجهة نحو السيد أونو حيث قالت له أنها رأت حلماً جمعها بالشاه وتحدثت معه في الحلم. في وصفه لحلم بيبي جان في كتابه، وضع أونو صورة الشاه في أذهان الشعب الإيراني وكتب: "في كل مكان ذهبنا نري صورة الشاه حيث وضعوها في منزل السيد عظيمي (مالكنا) وفي أماكن أخرى، وربما يشاهدونه على شاشة التلفزيون. لم يكن من السهل على الطبقة الدنيا، مثل هذين الزوجين، مقابلة كبار البلاد، وخاصة الشاه. بالإضافة إلى ذلك، تحدثت وجهاً لوجه مع الملك في حلمها، متحممة لدرجة أنه لم تستطع إخفاء سعادتها عن الآخرين. لكن في الحقيقة استحوذت عليها هيبة ومكانة الشاه. حيث أنّ السلطة المطلقة جعلت بيبي جان مضطربة للغاية".(ص3)

إنها تصف حلمها وكيف حكته بطريقة غريبة: "لا أعلم مكانه، لكن الملك ظهر فجأة بين عائلتنا. لأنني لم أتخيل حتى أنّ الشاه سيأتي يوماً ولو في مخيلتنا إلي بيتنا، كنت متحمسة جداً وفجأةً ظهر. لكنني أردت أن أقول شيئاً للشاه ... قبّلت أختي المتحمسة ساق الشاه وضحكت أختي الكبرى من فعلتها. في هذا الحلم، قالت بنفس واحد ومستمر: ذهب زوجي إلى المدرسة الابتدائية والثانوية لمدة تسع سنوات تكراراً ومراراً، لكنه لم يجد وظيفة لائقة بعد، وكان عليه أن يقوم بأعمال شاقة مثل التنظيف والحراسة. أطلب من صاحب الجلالة همايون شاه على أن يأمرهم بمنحه عمل جيد. بعد قول بضع جمل،  تدفقت الدموع على وجهها ولم تستطع التوقف عن البكاء وعدم قول ذلك أمام الشاه. في هذا الحلم، وقف زوجها حسين وجهاً لوجه الشاه، وكرر ما كان يقوله كما لو كان قد تجرأ على ما قالته زوجته. كما عبرت أختها الكبرى عن نداء لكل كلمة تبادرت إلى ذهنها لدعم طلب أختها. لم تكن بي بي جان تأمل أن يقبل الشاه طلبها، لكنه على الأقل يعدها بلطف وبرأفه. لكن الشاه أخذ وجهاً مخيفاً ووقف ووبخها قائلاً: "ابتعدي، وإلّا سأقتلك".

تجمدت بيبي جان وحسين زوجها وأختها من الخوف ولم يتمكنوا حتى من الهرب. استيقظت بيبي جان من نومها، والتي كانت تنضح عرقاً ... وجدت بيبي جان عين الحقيقة في الحلم الذي جمعها بالشاه ومدي ظلمه الواقعي.(ص 14و15) كتب السيد أونو في نهاية سرده للمنام ومغامراته قائلاً: "هذا وجه الشاه الذي تجلي في المنام، يجب أن يكون وجه وسيرة الشاه التي تجلت في أذهان عامة الناس في إيران، لاسيما بيبي جان".(ص15)

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2421


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة