ليالي الذكريات الثلاثمائة وأربعة عشر- 3

الحرب غير النظامية والنظامية


إلناز درويشي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-7-17


أقيمت ليالي الذكريات الثلاثمائة وأربعة عشر في يوليو 2020 وقد شارك فيها ثلاث من رفاق الشهيد مصطفى جمران. وحسب موقع التاريخ الشفوي الإيراني أقيمت هذه الفعالية مع حفظ المسافة الاجتماعية في قاعة أنديشة الحوزة الفنية. وتحدث كلّ من السيد أبو الفضل كاظمي والحاج حسن شاه حسيني والسيد إسماعيل شاه حسيني عن ذكرياتهم في فترة الدفاع المقدس ومجموعة الحرب غير النظامية للشهيد مصطفى جمران ودور الدّراجون.

وتحدث في هذه الفعالية السيد إسماعيل شاه حسيني:

اليوم حين أتحدث عن بعض ذكريات الحرب والمقاتلين، يصعب على الناس تصديقها. والخطأ يقع علينا لأننا كنا نخفي هذه الذكريات، صحيح أنّ جميع المقاتلين حاربوا من أجل الله ولكن يجب عدم إخفاء شجاعتهم، وكان الدّراجون من ضمن هذه المجموعة.

وحول الحرب غير النظامية التي كان الشهيد جمران قائدها يجب أن أقول إنّ هذه الحروب غير النظامية كانت نظامية جدا. كان الدكتور المحور الأساس والمركزية ودائما يصيب في اختياراته. تحوّل الدكتور، بداية الثورة، من بذرة إلى وردة خزامى، كان مثل نسيم يعبر من بين المقاتلين، ولكنه رحل سريعا عنا. الشباب الذين يأتون للحروب غير النظامية، لم يقبضوا رواتب من أجل مشاركتهم ويعلمون جيدا بأنّ هناك احتمال 50 بالمائة ليعودوا، ولكنهم وقفوا صادقين. كان الدكتور من أول كلمة يعرف من أمامه؛ وكان يختار دائما الأفضل.

في تلك الفترة كان معظم عملي في طهران. في الأشهر الثلاث الأولى من الحرب كلما احتاجني الدكتور، كانت تأتي سيارة وتأخذني مع دراجتي، حتى طلب مني الدكتور تشكيل مجموعة الدّراجون المحترفة. كان عليّ البحث بين الدراجين لأختار من بينهم الصادقين والمخلصين؛ وفي نفس الوقت أطلب عدد الدراجات. وكنت أحتاج لهذا العمل دراجة نارية؛ تتحمل جلوس شخصان عليها وتتحمل ما سنلاقيه، لأننا سنذهب خلف تلال كرخة نور. في أحد الأيام اتصل بي مركز الاهوازوقالوا هناك مجموعة من الدراجين يعرفونك. عرفت ثلاث منهم فقط. ذهبت إلى الاهواز حيث المركز في مدرسة رودابة يرأسها السيد قمردوست. حين وصلت رأيتُ بعض الدراجين. وكانوا يعرفوني، ولكن ملامح معظمهم غريبة عليّ. ذهبت إلى مكتب المركز للسيد قمردوست ووضحت له الأمر. قال لقد وصلوا البارحة، استحموا، واتموا غسل الشهادة وحلق بعضهم شعور رؤوسهم وأعلنوا أنهم مستعدين لخدمة الدين. بقيت بينهم اسبوعا ودربتهم التدريبات الأولية وعدت إلى طهران. هذه هي المجموعة الأولى من الدراجين.

حين طلبني لأول المرة الجيش لمراقبة المكان، جلس عقيد خلفي على الدراجة وذهبنا إلى كرخة نور. حين وصلنا، رآني أحد العراقيين وكان ضخما وطويلا، استدرت وعدت. وجاء العرقيون خلفنا كان عددهم اثنا عشر عسكريا. ولكي أضيّعهم دخلت داخل حقل القمح وضيعتهم. وعادوا إلى الطريق الترابي. ذهب العقيد أعلى شجرة وسلّم المعلومات وقصف الشباب مكانهم. وكنت بكل طمأنينة أجلس تحت ظلّ الشجرة أتناول ما أحمله من طعام.

كان الدراجون محترفون. وكان جليل من هذه المجموعة. كانت رؤية الدكتور جمران قوية. من كان متحلقا حول الدكتور، من استشهد منهم ومن بقي على قيد الحياة، كلهم خواص. لأنّ الدكتور كان يعرف حقيقة البشر. العمليات التي يخطط لها ويقوم بها كلها مدروسة. مثل اغلاق المياه على العراقيين وإذا لم يقم الدكتور بهذا العمل، لوصل العراقيون إلى الأهواز.

وأريد ذكر ذكرى عن الحاج صادق عبدالله زادة. كان الحاج صادق بائع قماش في السوق ومسجد ملك. كان الحاج صادق يجلس بين المحاربين وحين يلاحظ أنهم بحاجة إلى مساعدة، ينسق مع طهران ليساعد عوائل المقاتلين. كان يوم الثامن والعشرين من صفر؛ وكان لدينا هجوم. كنت منشغلا بالمراقبة. جاء الحاج صادق بجانبي تحدثنا قليلا. قال اليوم أريد السفر إلى كربلاء! تعجبتُ. فتحت علبة فاكهة. أكل القليل منها، ثمّ توضأ وصلينا سويا، ودّعني وذهب. بعد مضي القليل من الوقت انتبهت إلى صوت آتٍ من قرية كوهه، وهي قرية صغيرة بيوتها من طين تخلو من سكانها. رأيت سيارة جيب تخرج وتتجه إلى العراقيين. وكان في داخل الجيب ضيف. فيها بضعة قذائف وصاروخ وجلس في السيارة أربعة أشخصا: الحاج صادق ومحمد ابن خالي ومنوجهر هاشمي تلميذي ومراسل. شغلت الدراجة النارية بسرعة  وذهبت إليهم. رأيتُ محمد ومنوجهر قد حملا الصاروخ والقذائف. كان لدينا القليل من العتاد. وكان العراقيون يقصفون بالمدفعية. وقد أصابوا الجيب. وجاءت مروحيتان لتقصف العراقيين. نجى محمد ومنوجهر. وذهب في تلك الليلة أخي لاحضار جنازة الحاج صادق والمراسل؛ لم يبق من المراسل إلا رجل ومن الحاج صادق القسم الأعلى من جسده وضعوها داخل كيس. وبعد فترة استشهد منوجهر هاشمي.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2510


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة