مقتطفات من "الذكريات الخالدة"

تاريخ تأسيس حزب الجمهورية الإسلامية

إعداد: فائزة ساساني خواه
ترجمة: حسن حيدري

2021-1-23


لقد كنت أفكر في إنشاء حزب وجمعية سياسي إسلامية منذ سنوات عديدة. خاصة بعد عام 1953م وانقلاب 19 أغسطس 1953م، وبالنظر إلى الخبرة التي اكتسبتها من الحركة الوطنية الإيرانية في 1950-1953، كنت أؤمن بشدة بأنّ قواتنا يجب أن تصبح منظمة سياسية إسلامية فاعلة. كانت الأخبار التي سمعتها عن المنظمات السياسية الإسلامية في المجتمعات الأخرى مثيرة للاهتمام. لقد تابعت الأخبار باهتمام. عندما تشكلت حركة الحرية رحبت بالخبر، وعندما لم يذكر في دستورها الإسلام كمدرسة وعن نهضة الحرية كحزب إسلامي بمعني الكلمة، انتقدت الأصدقاء الذين أسسوا حركة الحرية وقلت: هذا الحزب ليس علي أسس مدرسة ما، لقد أطلقتم عليها أيضًاً اسم نهضة الحرية، وهي ليست حرية الإسلام كله. الحرية من أهم القضايا الإنسانية وأحد أركان الإسلام، ولكن ليس الإسلام كله. قال الأصدقاء: "لأننا أردنا هذه التسمية مماشاة مع مَن يتحسس من عنوان الإسلام وألا يهربوا من هذه المنظمة".

لكن الحقيقة هي أنه لم يكن مجرد الاسم، فالقصة كانت أنّ العقيدة أظهرت بعض المسلمين قد أتوا وشكلوا حزباً، لكن في هذا التنظيم السياسي لم يقدموا الإسلام كمدرسة كاملة، في نفس الوقت كانوا مهتمين بهذه المنظمة. . لأنهم على الأقل شخصيات بارزة من المسلمين المفكرين والمتشددين والنشطين قد اجتمعت في هذه المنظمة. لكن لأنني لم أكن ملتزماً دينياً وفكرياً بالإسلام ، فقد رفضت الانضمام إليه. في تلك السنوات، توصلت إلى مجموعة نشطة للتعرف على أيديولوجية الإسلام في شكل مدرسة كاملة، وتم تشكيل مجموعة بحثية لمناقشة الحكومة في الإسلام، التي تلاشت تحت ضربات النظام. لاحقاً وخلال السنوات الخمس التي قضيتها في ألمانيا، تم تشكيل مجموعة ناطقة بالفارسية لتنظيم الطلاب المسلمين، وفي نهاية اليوم، تمت دعوة العديد من الأصدقاء للحضور وتشكيل منظمة ذات نواة سياسية يمكنها استقطاب الطلاب الأكثر استعداداً. بالضبط في السنة الأولى التي كنت فيها هناك، حددت هذا الموعد ثم أتيت، لكنه لم ينجح. عندما عدت إلى إيران عام 1970م، كنت أبحث مرة أخرى عن منظمة سياسية خالصة. حتى عام 1980 عندما تم توضيح واكتشاف موضوع مجموعة مجاهدي خلق.

كنت سعيداً جداً لأنّ منظمة مجاهدي خلق تبدو وكأنها منظمة إسلامية سياسية عسكرية، وقد أيدتها بصدق وتمنيت أن أكون بينهم، لكنني كنت مشهوراً ولأنني كنت شخصية معروفة لدى الشرطة وكان من الممكن أن يجدوني بسهولة، فقد منعني من المشاركة رسمياً في هذه المجموعة، لكن بعد ذلك أدركت تدريجياً أوجه القصور الأيديولوجية والسياسية الأساسية في عمل المجاهدين، وعندما أصدروا البيان في عام 1975م، أي أدلى بعضهم بتصريحات إضافية، كنت قلقاً للغاية. في تلك السنة بدا لي أنه يجب علينا العمل على إنشاء منظمة سياسية إسلامية حقيقية، وخلال تلك السنوات عقدنا اجتماعات مع عدد من رجال الدين المناضلين. كان ذلك في صيف عام 1977م، حيث كان بعض أصدقائنا يفكرون في خلق نواة روحية تقوم على التأكيد على التقوى والإيمان، والقتال وامتلاك رؤية إسلامية تقدمية، وفي نفس الوقت التفكير بشكل إبداعي والعمل الإسلامي وخالٍ من أي ميول غير إسلامية ولقد انغمسنا في التفكير الانتقائي وأردنا أن تنشئ هذه النواة الدينية المناضلة الملتزمة فرعاً سياسياً واجتماعياً وأن تكون قادرة على إنشاء حزب سياسي وتنظيم قوي في فراغنا الاجتماعي.

في أوائل عام 1978م تم وضع الأساس لهذا العمل. عقدنا لقاءات مع بعض الأصدقاء لإعداد جدول الأعمال والنظام الأساسي، والتي حضرها بعض الإخوة، وتحدثنا مع أصدقاء مختلفين من طبقات اجتماعية مختلفة، وكنا مصممين على جعل وجود هذا الحزب سرياً وشبه سرياً أو علنياً إن أمكن. لقد قمنا ببعض الأبحاث حول هذا الموضوع، فمن الطبيعي أن ضغط النظام في ذلك الوقت كان لا يزال مرتفعاً وكان لإعلانه الكامل مخاطر وكانت الجهود تبذل من أجله. قررنا أن نبذل هذا الجهد في الأنشطة العادية لرجال الدين، والتي تشبه الحفلات حقاً، لكنها تبدو كمنظمة إلى جانب رجال الدين. لذلك عندما كانت علنية، ولكن كحزب، أبقت عمل الحزب سرياً. كنا مشغولين بالتحضيرات، وتسارعت الأعمال المكثفة للثورة التي استغرقت كل وقتنا، ولم نفعل ذلك حتى النصر.

في الوقت نفسه، وقبل النصر بثلاثة أو أربعة أشهر فقط، عندما كان الإمام تحت الضغط في العراق وذهب إلى باريس، أرسلنا صديقاً حاملا رسالة ونسخة من الفكر والنظام الأساسي إلى الإمام للتحدث مع سماحته. ولنسأل عن رأيهم حول هذه المنظمة وكيف كان من الصعب على صديقنا الذي لم يستطع الحصول على جواز سفر، أي تأشيرة عراقية، أن يذهب إلى سوريا ليتمكن من الذهاب إلى العراق ببطاقة مرور ثم الذهاب إلى النجف، لكن الأوان قد فات. وصل إلي هناك قبل يومين من مغادرة الإمام الراحل (رحمه الله) النجف.

لقد أثار الموضوع مع الإمام، لكنه لم يعد لديه الظروف الخاصة والفرصة لإكمال الموضوع، وذهب الإمام إلى باريس وعاد صديقنا. بعد أن ذهب الإمام إلى باريس، ذهبت أيضاً إلى باريس لزيارة الإمام ورؤيته، ومن الأمور التي أثرتها مع الإمام أنّ لدينا فكرة كهذه، وإخواننا السيد طاهري خرم آبادي والسيد حسن طاهري في النجف تحدثا معك من قبل. قال: نعم فعلوا ذلك، لكننا لم نستطع أن نتناقش بشكل كامل. لقد تحدثت معه بالتفصيل. قال: هذا بشرط ألا يحرمك الكثير من واجبات الثورة اليومية.

وبعد أن عدنا إلى إيران، انشغلنا بأعمال الثورية اليومية حتي بعد تحقيق الإنتصار المنشود.

وبعد الانتصار أثار أخونا السيد رفسنجاني هذه المسألة مع الإمام مرة أخرى وطلب رأيه وأبدى رأيه في هذا الموضوع. وبعد يوم أو يومين التقى به السيد الهاشمي مرة أخرى. وكان الإمام قد سأل: ماذا حدث وأصروا على إعلانه عاجلاً. وهكذا أعلنا في العشرين من فبراير بعد نحو سبعة أو ثمانية أيام من فوز الحزب، مما أدى إلى تدفق الناس والتسجيل فيه. وفي العام الماضي أو نحو ذلك، لم نتمكن من فعل ما نطمح إليه في الحزب كما توقعنا. زادت مسؤولياتنا المتزايدة فيما يتعلق بالثورة ومرحلة انتصار الثورة وقلصت وقتنا للأنشطة الحزبية، وبالطبع لم يجد الحزب التماسك الحقيقي الذي أردناه [1].

المصدر: مطهري، مرتضى، الذكريات الخالدة (من حياة آية الله الدكتور سيد محمد حسيني بهشتي)، طهران، دار نشر الثقافة الإسلامية، 1999، ص 264 - 268.

---------------------------------------

[1] .كيفية تشكيل حزب الجمهورية الإسلامية، جريدة الجمهورية الإسلامية، العدد 801، 4/3/1982م، عدد خاص.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2247


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة