فوق سماء ميمك ـ 12

مذكرات الملازم أول طيار أحمد كروندي

إعداد : حجة شاه محمدي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2021-5-9


 

أخيراً، تمكنا من أخذ سيارتي جيب بإصرار. دخلنا الطريق الرئيس وسلكنا طريق ميمك. كان جزء من الطريق مبلطا  وتمكنا من عبوره بسرعة كبيرة. لكن منذ دخولنا الطريق الترابي، تباطأت حركتنا. كنا نسير بلا مبالاة تقريباً عندما تعرض الطريق فجأة لإطلاق نار كثيف. وبسبب كثرة الرصاص الذي أطلق على الطريق أو على الطريق، زادت المسافة بيننا وبين السيارة التي أمامنا، والتي كان علي متنها منوجهر وصفر أيضاً. لقد ضاع الجيب - من حين لآخر - وسط غبار الانفجار وذهلني ذعر غريب. كانت عيني على السيارة التي تحمل صفرعندما اصطدمت رصاصة بجانبنا، وأخذت السيطرة على الجيب من بين يدي السائق. في منتصف الطريق، ترنح الجيب من جانب إلى آخر. آلمتني أذناي بسبب موجة الانفجار، وكان السائق يحاول جاهداً السيطرة على السيارة. عند الوقوع في الحفر، اصطدمت بالسطح للمرة الثالثة وسقطت على الكرسي بعنف. رائحة الدخان والبارود عمت المنطقة. لم يكن لدينا أخبار عن السيارة التي أمامنا.

انحرف السائق السيارة عن الطريق واتخذ طريقا آخر. بعد لحظات خمد صوت الانفجار وسحبنا أنفسنا تحت قوس المدفعية من مسافة بعيدة عن الطريق. الآن يمكننا أن نرى سيارة جيب أخرى تسرع عبر ميمك. نزلنا بحذر عند سفح الجبل وصعدنا. كانت الخنادق شبه فارغة. من أسفل المنحدر، سقطت أعيننا على الخندق الكبير الذي كان المقر. عند الوصول إلى الخندق، لفت انتباهنا صوت: "يا إخوة، لماذا أنتم هنا؟"

كان عقيداً بوجه مغبر يقف على جرف مرتفع. قرأت إسمه: "جميل نصيري زيبا".

الرجل الشجاع الذي كان ينتظر وحده في تلك الذروة. رجل ليس لديه أي آلية عسكرية من حوله، لكن قوة إيمانه تكمن في مقاومة جيش كان مسلحاً وهو ورفاقه القلائل- يصمدون بإيمان راسخ - ضد هجوم العدو. عند رؤيتنا - بطريقة مؤجلة - كرر سؤاله وتابع أنه يجب عليكم المغادرة في أسرع وقت ممكن، لأنّ العراقيين يتقدمون بسرعة كبيرة وقد يتم القبض عليكم في أي لحظة. لكن إصرار العقيد لم ينجح.

قال صفر: "سماحة العقيد، نريد أن ندخل لنحدد أهدافنا".

كان هذا الطلب ثقيلاً جداً على العقيد نصيري زيبا، لكننا تمكنا أخيراً من إرضائه بالذهاب إلى  نقطة العمليات مع أحد ضباطه المسمى عباس. صعدنا المنحدرات الشديدة واحداً تلو الآخر، ووصلنا إلى القمة ودخلنا القناة. في تلك اللحظة، حيث كان جزءاً من ميمك لا يزال في أيدي قواتنا ؛ كنت سعيداً إلي حد ما. كان طول القناة حتى وجهة النظر حوالي 500 متر، وكانت تهتز باستمرار من جراء انفجار قذائف الهاون والمدفعية، وتناثرت التربة المحيطة بها على رؤوسنا ووجوهنا.

لم نكن قد عبرنا القناة بعد عندما رأيت جثث عدد من الشهداء رقدوا بسلام في القناة. تم إلقاء جزء من أجسادهم تحت التربة، كانت مخبأة. وضعت جثث العديد من الشهداء بجانب بعضها البعض في الزاوية المؤدية إلى النقطة المنشودة. لم يكن لدينا طريقة للعبور. اضطررت للدوس على جثثهم. لم تكن هناك طريقة أخرى. تحدثت مع عباس وسألته لماذا لم يتخذ أي إجراء لجمع الشهداء من داخل القناة. نظر إليّ عباس ضاحكاً وقال: "سيدي، هؤلاء لم يموتوا. هم نائمون".

قال له صفر: "ماذا تقول؟"

قال عباس: "سيدي، لم يموتوا... إنهم نائمون.  منذ 48 ساعة بدون ماء وطعام كافيين للمقاتلين. حتى الآن، إذا أيقظناهم، سيطلقون بضع رصاصات وينامون مرة أخرى."

كان من المستحيل الوقوف على قدمين لمدة 48 ساعة ومحاربة العدو المتواجد في المنطقة بكل أنواع الأسلحة. قلت: كيف قاتلوا 48 ساعة؟

قال: "سيدي، حتى الآن، إذا أيقظتهم، فسوف يقاتلون مرة أخرى. "ليس لديهم القدرة علي الوقوف. ذهب أحد مرافقينا وقال للجندي: حسن، حسن، قم من مكانك.

الجندي الذي كان يناديه عباس قفز بقفزة حادة، وأخذ سلاحه ووجهه نحو القوات العراقية، باحثاً عن أهداف من داخل فوهة سلاحه، مثل شخص يطلق النار بيقظة كاملة. كان غريباً بالنسبة لي. بين الحين والآخر، كنت أسمع زئير تكبيره. لكنه أطلق بضع طلقات فقط وسقط أرضاً مرة أخرى وأغمض عينيه. وسقطت قذيفة هاون على المكان وتطايرت في الجو تناثرت الكثير من التراب.  كان صفر وفريد ​​لا يزالان يتعرفان علي المنطقة.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2198


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة