ربيعية

حوار بين اليوم والأمس مستلهمًا من الطبيعة

حميد قزويني
المترجم: مقدام باقر

2024-03-28


اين جهان كوه است و فعل ما ندا
سوي ما آيد نداها را صدا؛

العالم كالجبل وفعلنا كالنداء
و كل نداء سيأتينا صداه

تطرق أسماعنا نغمات الربيع. وتكشف الأرض عن وجهها الملوّن. تأخذ الطبيعة منحاها صوب العُلا وتطوي صفحة الشتاء. وكأنّ هذا المعلّم الدائم عاد ليلقّن الإنسان بأن الماضي غير منقطع عن اليوم والغد. من أجل أن ندرك الربيع، لا بدّ أن نعيش الشتاء ويجب أن نعرف أنه كلما كان الشتاء أبرد ومصحوبًا بثلوج أوفر، تطلّعنا إلى ربيع أفضل وصيف أحسن، فلا بدّ للإنسان أن يصون أمله حيّا في الشتاء بما ينبئ الشتاء به.

لقد قال أمير المؤمنين(ع): «ما فات مضى وما سيأتيك فأين قم فاغتنم الفرصة بين العدمين» [غرر الحكم ودرر الكلم/ص222] وفي حديث آخر قال للإمام الحسن(ع): «أَيْ بُنَيَّ إِنِّي وَ إِنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ وَ فَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَ سِرْتُ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إِلَيَّ مِنْ أُمُورِهِمْ قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ وَ نَفْعَهُ مِنْ ضَرِّهِ فَاسْتَخْلَصْتُ لَكَ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ نَخِيلَهُ وَ تَوَخَّيْتُ لَكَ جَمِيلَهُ وَ صَرَفْتُ عَنْكَ‌ مَجْهُولَه» [نهج البلاغة/ الكتاب31]

وقال سعدي الشيرازي، الشاعر الإيراني:

سعديا دي رفت و فردا هم‌چنان موجود نيست / در ميان اين و آن فرصت شمار امروز را؛ أيا سعديّ قد مضى الأمس ولم يأت الغد بعد / فاغتنم الفرصة بين هذا وذاك

بطبيعة الحال، لا يستطيع الإنسان أن ينتفع بزمانه الحاضر جيّدًا إلا إذا كان عنده أمر راهن. إنه لا بد له أن يبني الحاضر والمستقبل بواقعية وبفهم موضوعي للماضي وبعيدًا عن الوهم.

يرى بعض الكتاب أن البحث التاريخي هو عبارة عن حوار بين الماضي والحاضر. وهذا الحوار دليل على وجود الأمر الراهن في الحياة. المجتمع الذي يولي اهتمامًا بالحاضر، فإنه لن يتوقف عند سرد القصص الخيالية، بل سيعمد إلى توجيه التساؤلات عن الماضي. هيرودوت، أول مؤرخ يوناني، قد انطلق في عمله بالسؤال عن الماضي، ليضع بذلك الأساطير التي قد صُدِّق بها يومئذ على جانب. فمثل هذا المجتمع يعبّر عن رغبته في الإصلاح.

يسعى الباحث التاريخي لأن يستنطق الماضي عبر تساؤلات ناجمة عن متطلبات اليوم ويخوض معه حوارًا هادفًا منضبطا ليخرج بجواب مناسب.

فلنغتنم ونقيّم هذا الحوار الدائم.

مبارك عليكم ربيع الإيمان المتمثّل بشهر رمضان، وكذلك ربيع الطبيعة أيها الصالحون!


النص فارسي
 
عدد الزوار: 247



http://oral-history.ir/?page=post&id=11795