كتاب " دليل البحث الحواري، السياق و الأسلوب"

جواد بهروز فخر
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-11-08


للتاريخ الشفوي مكانة خاصة كأحد الأساليب الجديدة التي لها مكانة علمية و لها ماهية تخصصية و متعددة التخصصات، خاصة في الحقول الإجتماعية و النفسية و الفنية و الأدبية و العمومية، و بالتحديد في حقل التاريخ البحثي و التدويني.

و يأتي الحوار ، في التاريخ الشفوي، كعمود أساسي للطريقة البحثية، كان الحوار مقدم على التاريخ الشفوي إذ يمنحه موضوعية و وجودية، بصورة أن التاريخ الشفوي بعيدا عن الحوار، لا يمكن تصوره و تفعيله. في الواقع معرفة وفهم دقيقة و فضلى للتاريخ الشفوي يستلزم تدقيقا جديدا و تعمقا أكثر في الحوار و ما يتعلق به من قضايا و موضوعات. لو كان هذا الكلام: " المادة الأولية للتاريخ الشفوي يولد عن طريق الحوار" لا يقبل الانكار، يتحتم إذن في معرفة و تعريفه، له جذور و أساس في الحوار، أن نعرفه جيدا و نعرّفه كذلك جيدا. لهذا موضوع الحوار في التاريخ الشفوي له اهتمامه المركزي و معرفته و التطرق للبنى النظرية  و الموضوعات المتعلقة به لها ضرورة للباحث في التاريخ الشفوي. و لتعميق العملية و توسيع المعلومات المتعلقة بفن الحوار الذي هو عماد و أساس التاريخ الشفوي من المهم إضافة الى توليد المصادر المحلية-الإيرانية،(1) من آراء و تجار علمية متخصصة و خبيرة من كل المجتمعات العلمية صاحبة الرأي في هذا المجال و الاستفادة منها. و لذلك التعرف و تعريف المصادر التي تعكس آخر ما توصل له الباحثون في هذا المجال سوف نغتنمه لفتح طرق جديدة.

صدر كتاب  " دليل البحث الحواري، السياق و الأسلوب" و هو ترجمة كتاب " Handbook of Interview Research: Context and Method  " الصادر في أمريكا تأليف جابر اف غوبريوم (2) و جيمز آ.هولشتاين (3). يمكن اعتبار هذا النتاج مصدرا قويا و غنيا إذ كتب بإحترافية مغطيا كل جوانب موضوع الحوار. صدرت ترجمة الكتاب عن مساعدية القسم البحثي لكلية الإمام محمد الباقر (ع) في العام 2005 و الطبعة الثانية في العام 2008. لم يكتب اسم المترجم على غلاف الكتاب أو في تعريف الكتاب و حسب العادة تأتي في المقدمة توضيحات المترجم و لكن هذا الأمر أيضا لا نجده في الكتاب. وقد يكون ذلك من سياسة الناشر. و مع الأسف رغم أهمية الكتاب و الكم الهائل من المعلومات لم يطرح الكتاب بصورة جيدة إذ عدم التوزيع الجيد من الناشر و اغفال كتابة اسم المترجم و الأعداد المحدودة من نسخ الكتاب،  و الحصيلة اغفال الكتاب. يقع الكتاب في ثلاث مجلدات و 1680 صفحة و إضافة الى مقدمة المترجم هناك مقدمة الكاتبين و قسم في ستة أقسام أساسية و اربع و أربعين فصلا. و يعتبر كل فصل مختار مقالة محترفة في حقل طريقة و قضايا و موضوعات الحوار.

ناشر الكتاب الإيراني يقول في مقدمته:

" في نظرة كلية، يعتبر الحوار في تقسمه و طرقه المتعددة، طريقة أساسية لمعرفة مفاهيم فكرية و جمع المعلومات و العلوم على مدى التاريخ العلمي. و مع توسع أنواع المعرفة العلمية، خاصة مع أهمية طريق العناية الكيفية في القراءات الإجتماعية، تصاعد الإهتمام بالحوار من قبل الباحثين كطريقة معرفية. و مع تراكم استخدام الحوار في عدة فروع علمية ألزم بالتدريج طرح الإبستمولوجية و المنهجية بداية في خصوص الطرق و الأطر للحوار و من ثم الإستراتيجية التحليلية و فهم محتوى و دلالة الحوار. قد يكون الكتاب هو حاصل قسم من تغيرات بنيوية في طريقة و معرفة الحوار و هو نفسه ناتج تحولات كبيرة في كل الحقول العلمية. يقع كتاب "    دليل البحث الحواري، السياق و الأسلوب " و مع أسلوبه الموسوعي الشاملة 44 مقالا في 7 أقسام ( المقدمة إضافة الى ستة أقسام).

يعتبر الكتاب أهم موسوعة حوارية حاملا عدة مقالات تفصيلية الأبعاد و العمل و مناقشا طرق و اطر الحوار، يمكن للكتاب أن يكون دليلا جامعا للباحثين في مجال المرحلية و التخصصية(...)، المحاورين و (..) ، و مع حجم معلومات الكتاب يمكن للقراء حسب مستواهم و ضرورات عملهم الرجوع إليه."

و مع قلة المصادر المحكمة  و الإحترافية في هذا المجال باللغة الفارسية، المجلدات الثلاث و خاصيتها الموسوعية سيكون مصدرا غنيا و دليلا مناسب للمحققين و المتخصصين في الحوارات و الثقافة الشفوية، من هنا تأتي أهمية الكتاب و تعريفه مجددا.

و نقرأ في ملخص أقسام الكتاب الذي جاء في المقدمة:

" جاءت المقدمة في فصلين محللة القضايا الكلية و المقدماتية و التاريخية العامة للحوار و التحولات المنهجية و القضايا الجديدة الإجتماعية و اللغوية المتعلقة بالحوار. في هذا القسم، تطرح الفكرة أو الاطروحة الأساس للكتاب إذ لا يمكن اليوم اعتبار الحوار أنه طريقة أو آلية لجمع المعطيات و المعلومات البكر بل الحوار كواقعية إجتماعية في تعاملات الفرد،  إجتماعيا و مؤسساتيا في كل حقول المجتمع الحديث، في تشكل مفاهيم و معاني و مناسبات القوة و التفسير و تبرير السلوكيات و العقائد، كلها تلعب دور حواري.

القسم الاول من الكتاب يحتوي على استمارات الحوار و يشكل 6 مقالات، عدة طرق للحوار ألفها عدة مفكرين، اهتم بها الكتاب. في الواقع هذا القسم يطرح الإطارات ( شكليا) الحاكمة و الأساسية في كيفية القيام بحوار و طريقة أخذ الحوار من المحاور و المقال الأخير في هذا الفصل يطرح الإتجاهات الحديثة ما بعد حداثية و ينقد الإطارات المرسومة للحوارات.

في القسم الثاني تناقش 8 مقالات طريقة القيام و ملاحظات و مشاكل الحوار مع رد المحاورين. تمّ الإعتناء في كل مقال بالطبقات الإجتماعية مثل الأطفال، الرجال، النساء، كبار السن، الجماعات القوية و الإثنية، النخب و المرضى. و نوقشت بالتفصيل إطارات القيام بالحوار و تحليله كل على حدى و ضرورة رعاية المحاورين و الباحثين.

القسم الثالث يأتي تحت عنوان مراجعي الحوار، يأكد هذا القسم على طرق و أطر إحترافية و منظمة للحوار، التي تنظم من قبل مراكز التربية و التعليم و السلطة القضائية و الجهات الثقافية لإختيار و توظيف الطاقات الإنسانية و كذلك حوار المراجعين لمثل هذه المؤسسات.

إختص القسم الرابع من الكتاب بمسائل فنية الحوار و كيفية و الميزان العملي و الآليات التواصلية مثل الهاتف و الحاسوب و الانترنت حين الحوار. حاولت كل مقالة مناقشة كل آلية و طريقة بالتفصيل و طرح القضايا الجديدة و طرق الاستفادة منها للمحاور و تحليل المعطيات. تبتني كل مقالة على تحليل معطيات الحوار الميدانية و الاستطلاع الإجتماعي الذي يتعلق بصورة عينية بالمشاريع البحثية و المستنتجة من إمكانيات الفاعل. و تعنى إحدى المقالات بصورة خاصة بالصعوبة الفنية و الكيفية لما يدون عن طريق الأشرطة و بقية الآليات الحديثة و ذلك لمراعاة الامانة و قوة الحوار و هو أمر ضروري.

القسم الخامس إستراتيجية التحليل يمكن اعتباره من أهم أقسام الكتاب حيث يسلط الضوء على مناقشة بعض الاطر النظرية و الاستراتيجيات المتعددة و تحليل نقاط الضعف و القوة فيها و هي حصيلة معطيات من حوارات اجريت بعدة صور. في هذا القسم جاء التحليل النظري، التحليل السردي، إستراتجيات التحليل للتاريخ الشفوي و نظرية الاثنولوجي و كلها في سبيل مناقشة القضايا الكيفية للحوارات و كيفية القيام و تقيم الحوارات من عدة رؤى.

في القسم الاخير من الكتاب  تناقش خطاب المنهجية النظرية ما بعد الحداثية و اللغويات ، طريق الحوار، العوامل المؤثرة على العلاقات و الناسبات الحوارية للمُحاور و المحاور، القضايا البعدية الحوارية في الحياة الإجتماعية و الثقافية الفردية، عدة أطروحات لتقديم نتائج الحوار و دور عدم المساواة الإجتماعي و الإقتصادي في الكيفية و نتائج الحوار.

من مميزات الكتاب في مجلداته الثلاث " دليل البحث الحواري، السياق و الأسلوب "  هو ضم ملحق في المجلد الثالث يشتمل على أسماء الاعلام و الأسماء العلمية مع واحد و ستين اسم لكتاب المقالات تعرفه على الأسماء و سيرتها العلمية و الأكادمية. إضافة لذلك، خصص ملحق في الجزء الأخير للموضوعات للوصول سريعا للموضوع المحدد.

في النهاية أرجو و عبر طرح هذا الكتاب العلمي و الإحترافي مجددا و الذي لم يعرف جيدا أن يطرح بقوة أكبر و يعاد طباعته مجددا ليتاح للمهتمين بالحقل التاريخي الشفوي.

 

  1. من مصادر المحلية- الإيرانية في مجال الحوار، يمكن الإشارة الى كتاب " الحوار في التاريخ الشفوي" و هو عبارة عن مقالات عرضت للورشة الرابعة للتاريخ الشفوي، التي أقيمت بجهود قسم التاريخ الشفوي مركز القراءات و البحوث الثقافية و الادبية الملتزمة المركز الفني و صدرت عن دار سورة مهر في العام( 2008 ).
  2. Jaber F. Gubrium .
  3. James A. Holstein .
  4. بعض المقالات كتبت من قبل عدة كتاب.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 3952



http://oral-history.ir/?page=post&id=5884