جامع ذكريات المكفوفين


2015-11-14


لا أعرف لماذا يتناسى مجتمعنا الثقافي ذكر الراحلين و مؤسسي دراسة المكفوفين قبل نصف قرن في إيران. منذ 19 أكتوبر 1964 و حتى يومنا هذا هل سأل أحد نفسه من وضع نظام التعليم الحديث للمكفوفين في إيران؟ و على فكرة هل نعرفه هو و شيراني رفيق دربه؟

حين دخلت مع أبي و أمي في صباح عام 1981 و 1982  الى مجمع طيب الهواء و جميل ظننت أن هذا المكان حديقة عامة. كان لافتا و شدني إليه. بقيت يوما كاملا في هذا المجمع مع أمي. لم أكن أعلم أن هذا المكان مخصص ليكون مكانا تعليميا للإثني عشر عاما القادمات. ذهبت عدة مرات أخرى مع أبي للإطلاع على وضع الحليب في المجمع. كان التعامل صميمي و صادق.

ترك هذا الموضوع بالتدريج للنسيان حتى جاء العام الدراسي الاول لي في مدرسة محلمان و اضطرت عائلتي بسبب ضعف بصري الى أخذي هناك. للتو علمت أن اسم هذا المجمع هو مجمع شهيد محبي التربوي.

لفترة لم أكن أعلم لماذا حين نسير في الممرات نتصادم مع بعض. في الحقيقة لم يكن واضحا علة حضوري في المجمع. مرت فترة حتى علمت لماذا أنا هنا و عليّ مرافقة أمثالي. أيام بل أعوام و السؤال ملتصق بذهني. من بنى هذه المدرسة؟ كم هي جميلة. من قدم أطروحتها؟ هل كتب أحد عن البناء تقريرا مفصلا.

مع مرور الوقت حين دخلت الثانوية تعرفت عن طريق معلمي المكفوفين من الرعيل الأول على اسم الدكتور سيد حسن علوي. ما عرفته هو أنه تبرع بالأرض للمكفوفين و بالتدريج بنيت و وضعت إدارة لإدارتها. و عرفت أيضا أنه طبيب عيون و لديه مصادمات مع الحكومة البهلوية.

في يونيو 1998 تركت ذلك المجمع و حديقته بحزن و فرح و بات السؤال يطرح في ذهني الآن بصورة أخرى: أين هو الآن؟ هل هو ميت أم حي؟ لا أعرف كيف أجده.

في أحد الأيام ذهبت لمراجعة بعض المصادر للتاريخ البهلوي الى مؤسسة دراسات التاريخ المعاصر الواقع في شارع فرشته. و مصادفة تعرفت على السيد مرتضى رسولي بور كاتب ذكريات الدكتور جهرازي. ذلك الرجل الاديب و الفاضل حين سمع أني أبحث عن الدكتور علوي اتصل مباشرة على الدكتور جهرازي و سلمني رقم الهاتف.

منذ ذلك اليوم و أنا على اتصال مع منزل الدكتور علوي يوميا. في كل مرة يتهرب بسبب ما من لقائي. حتى عاد من آخر سفر له من أمريكا، و مع اصرار إسبوعي قبل استضافتي ظهرا في منزله الواقع في فرمانيه. المنازل التي كانت طريقة بنائها لافتة بالنسبة لي. في نفس اللحظة عرفني على زوجته الطيبة . إستضافني الرجل و المرأة بكل طيبتهما بحذر و قلق. في لقائنا الاول كان يردد دائما سائلا إيايّ: في أي قسم أمني تعمل؟ أي ملفات تعنى بها؟ ما هو رأيك حول وضع الدولة؟

قدمت نفسي أنا أحد تلاميذ مركزك. لم يصدق أني أنوي فقط جمع ذكرياته. قال لقد سخرت ليلي مع نهاري من أجلهم. و تريد الآن معرفة الوضع الحالي. طالت هذه اللقاءات المرة و الصادمة لعامين.

علمت أنه حفيد حافظ الصحة بوشهري، ممثل أهالي مدينة بوشهر في البرلمان الأول في زمن الثورة الدستورية و رأى و من أجل رفع مشاكل الصحة و متابعة مشاكل الناس ألا يعود لطهران. أنهى دراسته في بومبي و لديه شهادتان في الأذن و الحلق و حصل على شهادة طب العيون من بريطانيا و له دور بارز في اصلاح البنية الطبية لطب العيون في الجامعات و المراكز العلاجية، و عبر تقديمه طرح علاجي استطاع اقتلاع كسل العيون من البلاد بصورة كاملة.

و هو على علاقة مع المستشارين البريطانيين و الامريكيين، في النهاية كانت أعمال شغب مدينة آذربايجان لها تأثيرها، كذلك انتخب من قبل أهالي بوشهر في دورة البرلمان السادسة عشر و هو عضو نشط في اللجنة النفطية و من مؤسسي جمعية الصداقة الإيرانية الأمريكية و مسؤل لجنة الحفاظ على المكفويين و من الأعضاء المهمين في تأسيس المحفل الإيراني الكبير أو المحفل الماسوني الإيراني.

حاورته منذ العام 2004 و حتى العام 2006 و سجلت حواراته في ما يقارب 70 ساعة. و بالطبع أضفت قبل أو بعد الحوار ما يقوله لي.

و استخدمت لتنظيم هذه الحوارات مصادر معروفة من الفترات البهلوية مثل ظهور و سقوط البهلوية ل حسين فرودست و مصادر التاريخ النفطي لتلك الفترة و عرضت كل المصادر عليه.

قال لي: " الذكريات التي أقولها، هي تراث جدي لأحفاده الاعزاء أي الجيل القادم". و أكد أنه ليس هناك دافع لتوثيق أو تسجيل ذكرياته و يرفض دعوة الجهات في خارج البلاد لتسجيل أو توثيق ذكرياته و يرى حصيلة هذه الحوارات هي إصراري على أخذها.

النقاط التي تتعلق بكيفية منح الأرض لمجمع المكفوفين من قبل عائلة مهدوي من نسل الحاج أمين الضرب و عملية بنائها هي قصة فيها الكثير مما نأخذه، من جانب آخر الدعم المادي و المعنوي من قبل البعض مثل حسين أعلا يستحق تسجيله في التاريخ. أتذكر جيدا لم يذكر هذا المجمع باسم الشهيد محبي، يقول و حسب المتبع في فترة رضا بهلوي أطلقت الاسم كما يطلق على المراكز الدولية و بعد الثورة جاء الثوار و قالوا سوف نطلق على المجمع اسم الدكتور علوي، لم أرضَ أبدا على هذه التسمية و ذكرت مسؤلي التربية و التعليم عبر رسائل لا يحق الاستفادة من هذا المجمع إلا للمكفوفين.

مع الأسف استخدمت دائرة التربية و التعليم قسم من المجمع لعملها الإداري.

الاكثر حزنا هو في الاعوام الأخيرة نال البناء التخريب و اضافة بناء جديد و تعليق لافتة كبيرة باسم جواد موفقيان و ترك كل التراث التاريخي لهذا المجمع للنسيان.

ليخلد اسم كل أهل افضل  لهذه الأرض. 

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4200



http://oral-history.ir/?page=post&id=5918