سيمين بهبهاني في التاريخ الشفهي

محمود فاضلي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-12-13


سيمين بهبهاني

التاريخ الشفهي الأدبي الإيراني المعاصر

حوار: محمد هاشم أكبرياني

دار ثالث

الطبعة الأولى: 1393

السعر: ثمانية آلاف تومان

 

يأتي كتاب سيمين بهباني ضمن سلسلة كتب " التاريخ الشفهي الأدبي الإيراني المعاصر" و يشمل ستة حوارات مع الشاعرة و بمساعدة ابنها علي بهبهاني امتدت الحوارات من 2001 الى 2006. و بسبب الوضع الصحي غير المستقر لسيمين بهبهاني و تعب السنين كانت ستة حوارات لا غير. إنهي الكتاب في العام 2006 و لكن لم يصدر حتى العام 2014 عن دار ثالث. الكتاب يعرض حياة الكاتبة الخاصة و آرائها الأدبية و الإجتماعية و السياسية منذ ولادتها و حتى العام 2006. في هذا الكتاب تمتد سيرة سيمين على صفحات الكتاب عبر لغتها و صوتها.

و يشرح المشرف على مجموعة التاريخ الشفهي الأدبي محمد هاشم أكبرياني طريقة العمل في هذه السلسلة. لو كانت الشخصية على قيد الحياة، يتمّ الحوار مباشرة معه ( لا مع من حوله) و إذا كانت الشخصية متوفاة، يأتي الحوار مع أفراد عائلته و أصدقائه و زملائه. تهدف السلسلة الى تقديم تقرير عن حياتهم الخاصة و الإجتماعية و الإحترافية. لا يدخل التحليل و النقد ضمن المشروع. الإطار العام للمشروع، التطرق الى مراحل مختلفة من حياة الشخصية و التطرق الى نشاطاتهم الأدبية و السياسية و الثقافية. على هذا الأساس تمّ اعداد 250 سؤالا من قبل مشرف المجموعة و سلمها لأعضاء الفريق. و تجري خطة العمل على محورية هذه الأسئلة، و نظرا الى حياة كل شخصية، تطرح أسئلة تتطرق الى الجزئيات من قبل المحاور حسب ما يحتاجه الحوار.

حوار سيمين بهبهاني مثل بقية الحوارات تبدأ بالولادة و مكانها و العائلة حيث تقول: " ولدت في 1927. في منطقة همت آباد في عائلة مرفهة و أصيلة و تملك شجرة للعائلة. كانت تقام أمسيات شعرية في بيتنا و أدبية. كان أبي صحفي، و أمي صحفية أيضا. لكل شخص منهما صحيفة و كان منزلنا يأمه الكتاب و الشعراء و الأساتذة."

كانت بهبهاني في التاسعة حين شهدت موت أحد أبناء المنزل، ترى الذكرى من أكثر ذكريات الطفولة مأساوية: " شهدت موت من يصغرني. من ذكرياتي المرّة، موت ذلك الطفل. ذلك الطفل حين مات صباحا، جاء الى جانبي و نام مرفرفا مثل طير، كان مستاء و حين حضر الطبيب صباحا كان قد مات." و في هذا القسم تتحدث سيمين عن أمها كشخصية مؤثرة عليها: " كانت أمي امرأة معروفة جدا في زمنها. كانت شاعرة و كاتبة و صحفية ومعلمة. تعرف اللغة الفرنسية و الإنجليزية جيدا. كانت اعجوبة الى حد ما. كانت امرأة مثقفة بصورة كاملة. قد يكون كل ما لدي من أثر تربيتها. من الناحية الدينية كانت أمي متدينة جدا... تقيم أصول الدين. أي لا تترك صلاتها. و من الناحية الثقافية كانت منفتحة."

تقول عن أبيها: " كانت مقالات أبي لها دائما صداها. بين الناس كلما كتب يقف خلفها معجبون. بسبب بعض أعماله غالبا ما يسجن أو ينفى و كان ذلك سبب انفصاله عن أمي. لأنه بعد زواجه من أمي و مرور خمسة عشر يوما نفي أبي الى كرمانشاه." و تقول عن فترة دراستها: " درست فترة الأبتدائية في خمس سنوات. أي من سنة الخامسة قرأت. درست الصف الرابع و الخامس سويا.... أجبرت على أخذ دبلوم فني. بقيت دراستي عند هذا الحد. أكملت دراساتي في بيت زوجي. بعد أن أنجبت طفلين بدأت من جديد بالدراسة ثم دخلت كلية القانون. ثم حصلت على بكلريوس القانون القضائي و هذا حين بتّ شاعرة معروفة."

أول أمسيات شعرية كانت في بيتهم، تتذكر: " منذ سن الرابعة عشر حضرت هناك، قرأت الشعر، حتى أني كنت قريبة من شهريار. كان يراني مثل ابنته. تعرفت في هذه الأمسيات على شهريار و سيعد نفيسي و ملك الشعراء بهار و كانوا يدعموني. الوضع لم يكن مثل الآن الشباب يروون أنفسهم اساتذة و ليسوا بحاجة الى أستاذ. كنت اسمع نصائحهم. مثلا لو لم أضبط القافية أو كان عيبا في نصي الشعري يعلموني و كنت أسمعهم و أحترمهم.كنت أحبهم كلهم. كل ما لدي هو من الأساتذة حيث تركوا تأثيرهم عليّ و من بركة أمي المثقفة و من بركة المنزل إذ كان مركزا للتجمع الادبي."

و تشرح تعرفها على الشعراء الإيرانيين قائلة: " حفظت تقريبا كلستان. كنت أعرف نمط خاقاني. كنت في الثالثة عشر حين نادت أمي درويشا الى منزلنا، كان اسم الدرويش " رهيك" كان في حدود الأربعين. كانت لديه قصيبة طويلة.يجلس على بطانية و لا ينظر اليّ أبدا. كان الدرويش يدرسني " نظامي" و يعرف نظامي جيدا ثم درسني مولوي." و تقول بهبهاني عن مضمون نصها الشعري: " كنت دائما في شعري صادقة و أعبر عن الحق و ما أراه حقيقة و يسكن في قلبي، كتبته و لم يستطع أحد الوقوف أمامه." و تقول عن الأجواء السياسية الحادة و الحركة اليسارية: " أكثر نصوصي الشعرية الإجتماعية جمهورها من اليسار، كان محروما من دعم الشارع. يجب أن تراه في شعري، لا يمكنني الحديث عنه." و تقول عن الكتاب المطروحين في زمنها: " كان حجازي مطروحا جدا. كان هناك ثلاث كتاب طرحوا بقوة. أحدهم صادق هدايت كان له معجبين كثر، و بالطبع أعداء كثر أيضا. و الثاني القاص علي دشتي. أعتقد أن كتب دشتي هي بحوث ثم عمل على حافظ و صائب و خيام و أخرجها."

بعد زواج بهبهاني تركت العمل السياسي و و قالت موضحة هذه الحركة: " حتى سقوط مصدق كنت متمسكة بالفكر الماركسي و أينما ينشط أكون هناك. بعد فترة مللت و مع حالة عرفانية يأست من كل شئ. كأني أدركت خديعة كبيرة و تركتها. بعد 28 مرداد خاصة بعد إعدام أعضاء التودة و كانوا ثلاث مجموعات و كل مجموعة تتكون من 12 شخص من بينهم كان مرتضى كيوان حيث كان يراسلني، تركت عمليات الإعدام أثرها عليّ. تلبستني حالة عصبية و كنت أراجع الطبيب دائما."

كان لقطع دعم حزب التودة تأثيرا سلبيا على سيمين بهبهاني: " هناك أمران سببا لي إزعاجا، أحدهما لم أكن أحب انفصال آذربايجان عن إيران و تعلن عن نوع من الحكم الذاتي. كان يتبادر دائما الى ذهني سؤال لماذا يدعم حزب التودة هذه الحركة و يقبل بالحكم الذاتي لآذربايجان. أتذكر خالي الذي كان ضابطا في تبريز قطعوه هناك قطعا صغيرة و لم يسلمونا جسده. إنقطعت علاقتنا معها بصورة كلية و لم يصلنا خبر عنه حتى وصول خبر موته. الموضوع الثاني أبي حين قبضوا عليه، من أجل نشاطاته و الجلسات التي يشارك فيها. قبض عليه في عملية مواجهة الأحزاب و الحركات السياسية. لم يكن أبي مرتبطا بأي فريق.... يهاجم أبي على إحدى مقالته، و يقتل شاب باسم شبستري و هو بائع صحف. و ينسب حزب التودة مقتل الشاب لأبي."

و تشرح بهبهاني الفترة الانفعالية بعد العام 1953 و عدم الاعتماد على حزب التودة قائلة: " كان منزلنا في طهران الجديدة و لم يكتمل بناءه بعد. كلما جاءت الرياح تصدر النوافذ أصواتا عجيبة. كلما جاءت هذه الأصوات العجيبة أركض الى السطح ظانة أن أعضاء حزب التودة تجمهروا في الشوارع و تحدث ثورة، و أرى أن لا شئ غير الأصوات يرتفع. إنتظرت فترة أن يصدر عملا من حزب التودة، في حال حين كنت أسأل ماذا سيحدث؟ يجيبوني لم يأت الأمر، كان الأمر يجب أن يصدر من الكرملين. لذلك فهمت الامر دفعة واحدة كل تلك الأيام التي كنت أسير خلاف رأي أبي و أمي ( كنت أنا و إخوتي ندعم حزب التودة) كلها ذهبت مع الريح. كنا ندعم منظمة و عقدنا عليهاالآمال بينما كانت خالية من الداخل و عبر تلحين بين دولتين كبيرتين يختتم كل شئ. منذ تلك اللحظة فقدت الإعتماد بكل شئ."

و تأتي في الكتاب على ذكر نيما مؤسس الشعر الحداثي في إيران: " كان نيما من الشعراء الذين لا تظاهرون في زمن حياتهم. بصورة ما هو شهيد طريق الأدب الحداثي. كان يجب أن يستقبل في حياته مثلما تم تقبل و استقبال أعماله و نتاجاته بعد وفاته، و لكن في تلك الفترة لم يكن هناك استعداد ذهني للناس لإعطائه تلك القيمة. القيمة الحالية، ردة فعل عدم الاعتناء و التجاهل في زمن حياته. نفس المراكز الادبية كانت تحتقره،لأنهم تصوروا أن نيما تجاوز على العروض الشعرية و لم يضع القوافي مثلهم و قد ارتكب معصية كبيرة. و وصل الأمر أن نيما يقع في هول ما يراه من تجاهل. بالطبع قال في مكان ما إني أسمع الآن تصفيق الناس في المستقبل."

و تقول بهبهاني عن خسرو كلسرخي: " كان كلسرخي يأتي كثيرا الى منزلنا، كان مثل ابني، كنا جيرانا و كان أخوه صديقا لي. و كان كلسرخي يحبني كثيرا ( من أجل نصوصي الشعرية الإجتماعية) و يحترمني كثيرا. كتب أفضل نقد عن شعري. كان متعصبا جدا. بمعنى آخر كان أصولي و ثابت في الرأي. مهما حولت معه زوجته: " إذهب للعمل!" حسنا، لم يكن يعمل إلا في صحيفة كيهان أو اطلاعات. كان في مضيقة مالية. في بداية زواجه رزق بطفل. يقول: " لا لن أذهب للعمل لأن شخصيتي – شخصيتي السياسية- سوف تتداعى مع العمل في الحكومة" حسنا، في نفس الوقت كنا نعمل في كل مكان! مثلا كنت أعمل في ثانوية، يقول لي: " لا، لن أعمل!" أقول له: " أنا أيضا أعمل، عملي هو التدريس، أتحدث مع تلامذتي و أفتح عقولهم، لا مشكل في ذلك! و إذهب انت الى مكان للعمل و الخدمة!" يرد: " لا عملك يختلف عن عملي! لو كنت معلما، لذهبت! و لكني لا أعمل عملا إداريا!"

صدر كتاب سيمين بهبهاني في 120 صفحة و ألف نسخة، الثاني من شهر بهمن عن دار ثالث. 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4504



http://oral-history.ir/?page=post&id=6013