مذكرات إيراهيم يزدي- الجزء الثاني

محمود فاضلي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-12-16


ستون سنة صبرا و شكرا  

مذكرات الدكتور إبراهيم يزدي

دار: كوير                

الطبعة الأولى: 1394

السعر: 21 ألف تومان

يوضح يزدي وضع جامعة طهران و دور و نفوذ الحركة اليسارية في العام 1949-1950 : " في العام 1949 و 50 كان الجو الغالب يقف الى جانب الحركة اليسارية الماركسية. لم يكن عدد الطلاب الوطنيين أو الإسلاميين كبيرا. معظم الطلاب لم تعنهم السياسة و أكثر نشاطات الطلاب المنظمة هي في الأساس لتلبية إحتياجات الطلاب. و لكن الحركة الوطنية كانت تلخبط التجمعات و يوم بعد يوم يزداد عدد الطلبة الداخلين في السياسة. أدى هذا الأمر الى سير الجو السياسي ليصب في صالح الحركة الوطنية.

مع توسع الحركة الوطنية و تشكيل جبهة جديدة في جامعة طهران طرحت قضية إيجاد جبهة موحدة من الجامعيين الوطنيين في بداية العام الدراسي 1950 بين أعضاء الحزب النشطين و الطلاب المستقلين الوطنيين. أقيمت الإنتخابات لمنظمة الطلاب، في الكليات كلها و تحت مراقبة ممثل من إدارة كل جامعة، شارك الطلاب الوطنيون بقوة و موحدين في الانتخابات و حصلوا على الأكثرية في الكثير من الكليات. و لكن الخلاف بين فريقين من الطلاب كانت جادة الى حدّ أنهما لا يمكنهما العمل في تنظيم ديمقراطي واحد الى جانب بعض. تجمعت طاقات الوطنيين و شكلوا المنظمة ( الوطنية) لطلاب جامعة طهران.

و على هذا وجدا تنظيمان طلابيان و لكي يتميزا عن بعضهما، قدما نفسهما، كتنظيم جديد، تحت عنوان ( نقابي أو وطني) لطلاب جامعة طهران. كانت المنظمة تحت سيطرة التودة و تصدر صحيفة " دانشجو" ( الطالب). و أصدرت المنظمة ( الوطنية) مطبوعة " دانشجويان" ( الطلبة). منذ هذه اللحظة انسجمت أكثر من أي وقت نشاطات الطلبة. كان قسم تحت قيادة التودة بصورة كاملة و القسم الآخر تحت قيادة الطاقات الوطنية إضافة الى منظمة ( الوطنية) طلاب جامعة طهران، و كانت الأحزاب الوطنية النشطة في الجامعة  و الجمعية الإسلامية للطلبة تدعمهم. كل واحد من هذه المنظمتين الطلابية، تعمل حسب رؤاها و عقائدها. كانت منظمة الطلاب الساعد المنفذ لتصميمات القيادة في التودة و منظمة الشباب للآخر.

تحولت جامعة طهران الى أكثر المراكز نشاطا و حركة و حماسا و تغير الى أهم المراكز الصراعية بين طاقات وطنية و التودة."

ثم يشير الكاتب الى نشاطات منظمة ( الوطنية) لطلاب جامعة طهران حيث شاركوا في عدة تظاهرات منها تظاهرة شراء الصكوك الوطنية في بداية العام 1330 و تظاهرات ال 14 آذر نفس العام حيث كان التحرك ضد ثقافة تصويب قانون جديد لامتحانات التلامذة. ثم يشير الى الانتفاضة الوطنية في الثلاثين من شهر تير 1331 ( 1952) بعد نشر خبر استقالة الدكتور مصدق و انتخاب أحمد قوام كرئيس للوزراء من قبل الشاه.

و يوضح عن المشاركة الخجولة للطالبات في هذه الفترة: " طوال نشاطات الجمعية الإسلامية الطلابية من العام 1941 و حتى 1961 لم تحضر النساء فيها. هذا الغياب لهو أسبابه. الأول كان عدد الفتيات في الجامعة مقارنة بالشباب قليل جدا، ما عدى فرع طب النساء و الولادة. الثاني في تلك الأعوام العوائل المتدنية لم تكن مستعدة لارسال بناتها الى الجامعة. في الجامعة تجد فقط ثلاث طالبات واضعات الحجاب الإسلامي على رؤوسهن."

و يذكر الكاتب انقلاب 28 مرداد: " الانقلاب العسكري 28 مرداد 1332 (1953)، يعتبر من الأهم و الأكثر تأثيرا في التاريخ المعاصر لبلادنا. انقلاب 28 مرداد كان انتقال قورة من دولة وطنية الى دولة تمد يدها للخارج. إنقلاب 28 مرداد نقطة نهاية الفترة التنموية للحركة الوطنية بقيادة الدكتور محمد مصدق. الإنقلاب كان أول تعاون جديد و عملي بين القوى العظمى الغربية و تدخل في الشأن الداخلي لبلد من العالم الثالث لتغيير حكومة وطنية و وضع بديل ممثلة في حكومة تأمن مصالحهم. الإنقلاب مثال استثنائي في فترة الحرب الباردة و تحقق أول نموذج لسحق المعاهدات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية."

و يرى الكاتب أن إنقلاب 28 مرداد مازال في حالة مناقشة و بحث في المراكز العلمية العالمية و مازال حيا، في المقابل لم يعط هذا الامر أهمية في إيران، في فترة حكومة الشاه الذي اعيد عبر الانقلاب، كان يفهم أمر منع طرح إنقلاب 28 مرداد، و لكن في التشكيلات السياسية و بعض الجامعات في فترة ما بعد انتصار الثورة نظروا الى الانقلاب بلا مبالاة. و يرى أنه مازال هناك من لا يود دراسة انقلاب 28 مرداد بل أحيانا لا يقبلون طرحه و لا يرونه انقلابا عسكريا خطط له على أيادي أجنبية، بل هو " انتفاضة وطنية". هذه الرؤية أدت الى أن إيران في تحليل جذور اعتراض الشعب الإيراني على سياسات و عمل الحكومة الامريكية، كان مستعدا لتقبل انقلاب 28 مرداد و خروقات الدولة الامريكية و البريطانية الواضحة لميثاق الأمم المتحدة و التدخل في الشؤن الداخلية الإيرانية. في حال أن العرف في المعاهدات الدولية، على أمريكا و بريطانيا أن تعتذرا من الشعب الإيراني رسميا للصدمات التي أوقعاها على الشعب الإيراني، و تدفع تعويضات. و يصل الكاتب الى نتيجة مفادها رغم وجود كل الإساءات للحركة الوطنية و قائدها، إرتبط عقل الجيل الشاب مع الحركة الوطنية لتأميم النفط.

و يصف الكاتب الأيام السوداء بعد انقلاب 28 مرداد: " بعد الانقلاب كنا جميعا نحاول معرفة الاخبار: من قبض عليه، أين سجنوا، من قتل بالرصاص أو بالعصي من قبل البلطجية." ثم يطرح أسئلة تتعلق بأرضية دلائل وقوع الانقلاب، منها، لماذا حدثت؟ ما الذي دعى الى سقوط الحكومة بهذه السرعة؟ مازال هذا السؤال رغم مرور 50 عاما يطرح الى الآن. و من رؤية الكاتب أنه يأسف لأن زملاء الدكتور مصدق الذي كانوا وسط الحدث و من متخذي القرارات قلة منهم حللوا الانقلاب و أجابوا على الأسئلة.

الشخص الذي طرح الموضوع بصورة عامة و سريعة هو المرحوم صديقي. كان من القربين و صديقا وفيا لمصدق. قيم الأعمال التي حدثت و أشار الى الاخطاء و الغفلات " إعداد تظاهرات سنوية ثلاثين تير، التظاهرات المستقلة المليونية و عناصر اليسار، فترة المفاوضات مع وفد يمثل الاتحاد السوفيتي لحل الأزمة الحدودية و ادعاءات إيران، ترك الناس بعد اجتماع 25 مرداد في ميدان بهارستان و عدم تعليم الناس حفظ الامن و النظم و في النهاية حلّ البرلمان من قبل مصدق" .

و يأتي يزدي على أخطاء و تعلل مصدق حتى ظهور الانقلاب نقلا عن آخرين منهم الدكتور سيف بور فاطمي ( سفير إيران في الأمم المتحدة في حكومة مصدق) أو فريدون كشاورز نقلها. من رؤية كشاورز " قام الدكتور مصدق بعمل مهم جدا و لكنه أخطأ. من أخطائه أنه لم يشكل حزبا ....من اخطائه الاخرى أنه أقسم على القرآن و وقع على أنه لا يعارض الملكية مما أجبره على عدم معارضة أي عمل تقوم به ضده." بالطبع يرى الكاتب أن المهندس بازركاني كان عمله صحيحا في وقته: " لو وضعنا انفسنا مكانه و نظرنا الى الحركات بعمق، لا يمكننا أن نقول أنه أخطأ و لو كان، فهو خطأ يقوم به كل بشري في حياته، و لقلنا علينا الانتصار دائما تحت أي ظرف كان. و لكن إذا علمنا أن الحقيقة في العالم لا تسير بصورة مثالية و علينا العمل، و التجريب و الإكمال، لم تكن هزيمة كاملة بل انتصرت جهات عدة فيها."

و إن كان يرى أن انتصار التأميم النفطي كأول حركة شعبية بعد استبداد ملكي لعشرين عاما و استيلاء التيار الاجبني و يراها مهمة جدا و لكنه يعتقد في نفس الوقت ب: " أمام أيام سعيدة و مشوقة، كانت هناك أيام سوداء و حزينة و هزائمية. هزيمة نهضة، هزيمة مواجهة، و على مستوى شعب، هزيمة جعلت عبرة. كان 28 مرداد 1332 من تلك الأيام، أيام تشكل ذاكرة مخجلة و محزنةللشعب. قاوم و لم يستسلم الشعب الإيراني و النهضة الوطنية و قائدها مقابل ضغوط و دسائس أعداء من الداخل و الخارج".

ثم يجيب على هذا التساؤل " و لكن لماذا انهزم في 28 مرداد ( الشعب و النهضة الشعبية)؟ . و يذكر هنا أثر الانقلاب من رؤية مفجر الثورة الإسلامية الإيرانية و أخطاء مصدق مع ذكر مقطع من خطابه. و يوضح إبراهيم يزدي لقاءه مع خليل طهماسبي من أعضاء مجموعة فدائيي الاسلام البارزين برفقة صديق مشترك ( السيد حسيني) إذ كان عضوا سابقا في فدائيي الإسلام: " سألني المرحوم باقر رضوي عن موضوع لقاء خليل طهماسبي. قبلت المقترح. و دعانا المرحوم خليل طهماسبي أنا و السيد حسيني الى مكتبه للغداء. كانت المرة الأولى التي أرى فيها خليل طهماسبي. كان هادئا جدا و معتد بنفسه عند الحديث. إنجر الحديث الى اغتيال الدكتور فاطمي. طرحت سؤالا طرحه الكثير من الاصدقاء في الشباب الوطني و الإسلامي، ما هي أسباب اغتيال الدكتور فاطمي. شرح لنا طهماسبي الأمر بأن عبدالحسين واحدي طرح أمر اغتيال فاطمي مع أعضاء النواة المركزية القدماء و هم أصحاب القرار و لكننا عارضناها جميعا. و من أسباب معارضتنا لها هو أنه طبق الاتفاق الذي حصل بين النواة الأساس لفدائيي الإسلام، أن اتخاذ قرار الاغتيال لا يتمّ إلا بحضور نواب صفوي. و لكن نواب صفوي كان في تلك الفترة في السجن. و على ذلك لا يمكننا الاتفاق على رأي دون تواجده. بعد ذلك ذهب واحدي الى عبد خدايي و كان في 15 أو 16 سنة و سلمه مسدسا و طلب منه اطلاق النار على فاطمي. تحدث خليل طهماسبي عن مكانة واحدي في المجموعة و أن نواب صفوي لا يثق فيه كثيرا."

يختتم الكتاب ذو ال 342 صفحة ( ستون سنة صبرا و شكرا  ) بصور الكاتب ذات المستوى الغرافيكي الهابط.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4063



http://oral-history.ir/?page=post&id=6031