الخدمة العسكرية في بداية الخمسينات- الجزء الثاني

قلت: " يا سيدي، لا أذكرك!"

حوار مع الحاج محمد هاشم سليماني

حاوره: إحسان منصور
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-12-17


  • هل كنت تعرف القراءة؟

لا. لم أدرس. و في العسكرية تعلمت القليل. في التدريب درسونا قليلا.

  • هل أعطوكم ثياب داخلية؟

نعم أعطونا. قميص و فانيلا و ثياب داخلية يسلموها لنا كل ثلاث أشهر. يسلمونا ثلاث ألبسة. كنا نغسل ثيابنا بانفسنا. لم يكن لدينا مسحوق غسيل كنا نغسل الثياب بالصابون. كان صابون آشتياني و الصابونات الخضراء التي نراها اليوم. لم يكن لدينا شامبو و نغسل شعر رأسنا بالصابون.

  • هل كانت الحمامات عامة؟

حين كنا في قصر شميران لم يكن هناك دش، الحمام المخصص للجنود حمام عام. و يأتون بالخشب من الجبل. كان رجل عجوز يأتي بالخشب من الجبل و يشعله لتسخين المياه.

  • بماذا كانت تسخن حمامات قصور الشاه؟

لا أعرف.

  • هل يعطونكم إجازة مدينة لرؤية المدينة؟

كل اسبوع لدينا إجازة يوم واحد. كان خالي في طهران. اسمه تيمور و هو متقاعد عسكري. كنت أذهب الى بيت خالي.

  • هل كانت هناك كهرباء في قصور شيمران؟

نعم. و في المدينة أيضا.

  • في الطريق المؤدي من شميرات الى المدينة هل كانت منازل على الطريق؟

كانت المنازل قليلة. أحيانا، و لا منزل. كانت المنازل في شيمران و طهران، و لكن المسافات بينها قليلة.

  • ما هي وسائل النقل من طهران حتى شميران؟

بالسيارات و جيب الجيش. و الكهرباء لم تكن متشابه في كل الأماكن. كانت هناك مولدات للكهرباء لاضاءة المنازل.

  • هل جاء أحد المسؤلين الكبار أو ملوك دول أخرى؟

جاء ملك السعودية 15 يوما لطهران. خصص له قصر نياوران.كنت احرس القصر نفسه. و يأتي طعامي من نفس القصر. كنت أرى الملك السعودي، و لكن لا يحق لي الحديث. لم يكن يشرب الشاي، كان يشرب القهوة، و كانوا يحضرونها لي أيضا.

  • هل يتساقط الثلج في شميران بكثافة؟

كانت جبال شميران تمسك الثلوج. في الربيع، تنحدر المياه من أعلى الجبل بصورة مخيفة. زرعت مع جريان المياه أشجار فاكهة و أشجار الكرمة.

  • هل عوقبت في فترة العسكرية؟

لا أبدا. في الليلة الأولى التي وصلت فيها شميران، منذ الليلة الأولى وضعوني حارسا. قال المسؤل عني: " سليماني أحذر النوم؟" ، قلت له: " حسنا"، و لكني غفوت و سقطت على سطل النفايات مصدرا ضجة عالية. جاء الي الجميع و سألني المسؤل: " سليماني هل نمت؟" قلت: " لا"، قال: " لماذا نمت، و لكن لا يهم، هذه المرة الأولى لك." و كانت المرة الأولى. كان قائدنا يحبني. كان الضابط ماكويي و عسكري قادتنا.

في مرة كنت للتو في الحراسة، في قصر شميران. حين جاء دوري لأخذ مكان الجندي السابق قال لي شابور علي رضا (1) في الخارج. حين استلمت مكان الحراسة، لم أكن أعلم أن شابور علي رضا في الخارج. كانت الدنيا مظلمة حين غطى الطريقَ ضوءُ سيارة و كانت تقترب مني. كانت يشير لي بالضوء. و كنت أغلقت البوابة. قال: " يا جندي! إفتح الباب؟" ، قلت: " يا سيدي، لا أذكرك"، قال: " خرجت قبل قليل."، قلت: " لا أعرفك. لم أكن هنا. كان صديقي قبلي في هذا المكان." أراد فتح الباب فضغطت على زر التحذير. جاء الضابط ماكويي مسرعا و قال: " سليماني ماذا يحدث؟" ما إن رأى شابور علي رضا، أطلق التحية العسكرية و قال: " تفضل" . قال شابور علي رضا: " يجب أن يعاقب هذا الجندي." قال ماكويي: " سيدي هذا الجندي جديد و لم يتعرف عليك، حين خرجت لم يرك. إعفو عنه." كان قد أحضر معه سيدة و في آخر الليل أعادها. جاء بالسيدة من الخارج.

  • إذن لم تعاقب على ما اقترفته؟

لا، كان ماكويي يدعمني. بعد أن أنهيت فترة عسكريتي أختير أحد أبناء قريتنا للقصر لانهاء فترة تجنيده. سأله الضابط ماكويي: " هل أنت من قرية سليماني؟" أجابه: " نعم" ، ثم كرر ماكويي لعدة مرات أن سليماني كان جنديا جيدا.

  • ماذا كنت تفعل بالسبعة آلاف و عشر شاهيات؟ لم يكن لديك ماتصرف من أجله؟

كنت أصرفها. أذهب للمدينة، في نهاية الأمر أبتاع شيئا.

  • هل كنت تذهب للسينما؟

لا لم أذهب. و لكن كانت الدولة تأخذ الجنود للسينما. في تلك الأيام كانت أفلام حربية. لعدة مرات أخذوا الجنود في الاسبوع مرة الى السينما.

  • إذن كان لديهم برنامج للجنود؟

نعم، كان لديهم برنامج. يأخذونهم الى السينما.

  • و ماذا عن غير السينما؟

ليس هناك غير السينما مكان ترفيهي. ليس هناك جولات.

  • حتى نهاية عسكريتك هل كان سلاحك بندقية البرنو؟

نعم، حتى نهايتها كانت البرنو معي. و كانت الطبنجة و الآن موجودة، و كانت تأخذ مشط طويلا. الطبنجة أتوماتيكية و نصف أتوماتيكية و إذا أطلقت النار تنطلق منها خميسن رصاصة.

  • هل أطلقت طوال العامين النار؟

لا، و لكن في فترة التدريب أطلقنا النار. خارج المدينة.

  • ألم يكن الامر صعبا إذ لم تحصل طوال سنتين إلا على 13 يوما إجازة؟

إن كان صعبا أو لم يكن كان عليّ البقاء. كانت لي زوجة، و لكن ليس لدي أطفال. كان الامر صعبا، و لكن عليّ التحمل. لم أشكو لأن الجميع كانت حالته مثلي. البعض منهم لم يحصل حتى على يوم إجازة. و كانوا يعطون البعض إجازة و لا يعرفون كيف يعودون الى منازلهم.

  • هل كنتم تحرسون المنام ليلا؟

نعم. بالتناوب نحرس مدخل منام الجنود، حارسان. نتناوب الحراسة بين حارسين.

  • هل كانت هناك أنابيب مياه في المنام؟

لا حنفية الماء خارج المنام. كان حوض مياه صغير أمام المنام ينحدر فيه الماء.

  • هل كنتم تقيمون مراسم العزاء في محرم؟

نعم. يأتي علماء دين و يعقدون مراسم التعزية في المنام. في العشرة الأولى كان لطم الصدور. نفس الشاه لم تكن لديه مراسم.

  • حين كنت هناك هل كانت ثريا زوجة الشاه؟

نعم. قبل أن أدخل التجنيد كان قد تزوجها. كانت زوجته الأولى فوزية و لديه منها بنت. طلقها و تزوج ثريا. و زوّج ابنته لابن أردشير زاهدي. كان زاهدي رئيس الوزراء. كنت أوشك على انهاء عامي التجنيد، حين قالوا لقد طلق ثريا أيضا. ثم تزوج فرح. لم أر فرح و لكني رأيت ثريا.

  • هل كانوا يطبخون الطعام في شميران؟

كان للجنود طباخ خاص. و كان للشاه مطبخا معزولا. و في منتصف الليل حين يريد الطباخ الذهاب يأخذ معه بقاي الطعام. و يقول: " هذا بقاي طعام الشاه، أريد أخذه معي." فنقول له: " إفتح الكيس" نفتش الكيس و الطعام خوفا من أخذه الملاعق و الأشواك و الأطباق، لأنها كلها من الذهب. يضع الكيس على الأرض، و يفتحه حتى نفتشه.

كان شابور علي رضا قد سافر الى القرية الى منطقة " لار وكله دار". يذهب للصيد هناك مع رئيس القرية. صباحا و حين كان عائدا الى طهران يصدم بجبل " لار و كله دار" و يختفي. لعدة أيام استمر البحث عنه و لكنهم لم يجدوا جثته حتى لمح راعي غنم و هو يسرح باغنامه لمعان شئ معدني تحت اشعة الشمس توجه اليه ليرى حطام طائرة. كنت على مكان حراستي حين جاء رقيب مع شخص يرتدي الثياب المدنية و قال: " يا جندي أريد الدخول لمكتب الملك الخاص" ، قلت له: " صعب. عليك تسليم طلبك الى الضابط المسؤل." جاء الضابط ماكويي و قال: " لقد وجدوا جثة شابور علي رضا و يريدون غدا احضار ملف جنازته." في اليوم الثاني أحضروا جنازته. قلبنا البنادق أي جعلنا فوهاتها متجهة الى الأرض. سرنا خلف الجنازة برفقة موسيقى جنائزية الى نهاية المدينة. أخذوا الجنازة الى مسجد سبهسالار. غسلوا جثته مع جثة الطيار و ساروا الى مقبرة بهلوي في شاه عبد العظيم. حين أرادوا دفنه قال الشاه إنه تريد ازاحة الكفن عن وجهه. حين أزاح الكفن عن وجهه تهوع الشاه. أخرج باتمانقليج و الجنرال نصيري (2) الشاه من القبر و أخذوه الى القصر. سألت من غسله: " كيف كانت الجنازة؟"، قال :" لقد اختفى الجزء الأعلى من الرأس."

  • كم يوم بقيت للحراسة في منطقة شاه عبد العظيم؟

لمدة  إسبوع. و حين عاد الشاه، أعادونا الى حديقة الشاه.

  • هل يحق لك الخروج بالثياب التي كنتم فيها في المنام؟

في المنام كان لنا ثياب خاصة. و ثياب العسكرية خاصة أيضا. حين ننهي فترة حراستنا نكوي ثيابنا. كانت المكوى تعمل بالفحم. نعلق الثياب و حين نذهب للحراسة نرتديها. كنا نعتب كثيرا.

  • كيف كانت التدفئة؟

كان لدينا فحم حجري يبللونه بماء الفحم، ثم يضعونه في وعاء كبير ثم يرمونها في مدفئة مشتعلة. و كل ما نضع شيئا فيها يشتعل مثل النفط.

  • ألم يكن في الفحم الحجري غبار أو تراب؟

حين نريد اشعال المدفئة، بداية نعزل ترابه ثم نشعلها.

  • في أي عام أنهيت التجنيد؟

كنت هنا عامين و عدت في العام 1954.

  • هل مازال لديك بطاقة انهاء العسكرية؟

لا، لقد تلفت. كان لدي صور في حديقة الشاه في المدخل. كلها تلفت.

  • في ذلك الوقت استلمت بطاقتك؟

نعم، يسلمون بطاقة انهاء العسكرية بسرعة و إذا كان زحام علينا الذهاب شهرين الفترة الاحتياطية. كتبوا في البطاقة أنهم يستطيعون احضارنا شهرين احتياطي.

  • هل سلمت ثيابك حين عدت؟

سلمتها كلها ما عدى واحدة.

  • في نهاية عسكريتك ألم يمنحوك تشجيع؟ مال أو هدية؟

لا، لم يكن الوضع مثلما هو الحال الآن. قادتنا كانوا جياعا.

و لكن كان لدينا العقاب. أحد الاعمال التي كنا نقوم بها في فترة التدريب أن نغمض أعيننا ثم يطلبون منا فتح البندقية و ارجاعها مرة أخرى. من لا يعرف يعاقب. و كان العقاب حمل سطلين مملؤين أو بندقيتين يحملهما فوق رأسه.

  • في القصر هل تتم مراسم رفع العلم و الطابور؟

لا ليس لدينا و لكن في حديقة الشاه كان لديهم مراسم رفع العلم. و يصعد شخص لقرائة الدعاء، و يعزفون، ثم يتحرك الجنود مؤدين العرض العسكري. لا أذكر النشيد الوطني و لكني أعلم أنه يدور حول الشاه.

  • هل كنتم في شميران كلكم طوال القامة؟

لا يسلمون لحديقة الشاه جنديا قصيرا. حين يحتاجون جنديا، يطلبون جنودا طوال القامة.

  • تواجدت فقط في حديقة الشاه و شميران و نياوران؟

نعم، في هذه الأماكن الثلاث فقط. لم أذهب الى القصور الشمالية.

 

  1. علي رضا بهلوي ( 1922-1954) الطفل الخامس أو السادس و الابن الثاني و الأخير لرضا شاه بهلوي و تاج الملوك آيرملو و أخو محمد رضا شاه بهلوي.

درس فترة في طهران و لوزان سويسرا و في 19 ارديبهشت 1315ه ش عاد الى إيران و دخل الكلية العسكرية. تخرج من الكلية في العام  1320  ه ش و ذهب مع أبيه حين نفي الى سن موريس و كان الى جانب أبيه حتى موته.

دخل في العام 1944 الى الجيش الفرنسي و خدم فيه حتى العام 1947 ثم عاد الى إيران. تزوج علي رضا حين كان في الجيش الفرنسي بفتاة بولندية كريستيان شولوسكي و انجبت له ولدا سمي علي باتريك بهلوي، و لكن القصر لم يعترف بهذا الزواج بصورة رسمية و على ذلك رحل علي رضا و عائلته الى باريس للعيش هناك. في 20 نوفمبر 1953 عين علي رضا بهلوي كرئيس للاتحاد الرياضي في الجيش.

توفي علي رضا بهلوي في 28 اكتوبر 1954، في نفس الوقت حين شاعت أحاديث توليه للعهد ( إذ لم يحصل الشاه و ثريا على طفل)، مات إثر سقوط طائرته. سقطت طائرته في حادث في جبال محافظة مازندران. ( الدكتور باقر عاقلي. أحداث تاريخ إيران من الثورة الدستورية الى الثورة الإسلامية الجزء الثاني. الطبعة الثامنة. طهران: الصفحة 23.)

  1. الجنرال نعمت الله نصيري ( مرداد 1289 سمنان، 26 بهمن 1357 طهران) ثالث رئيس للجهاز الأمني و الساواك في زمن محمد رضا بهلوي.

أنهى الجنرال نعمت نصيري دراسته في الكلية العسكرية الممتازة. أبوه محمد نصيري ( عميد الممالك) و أمه زرين تاج. كان نصيري قائد فوج الحرس الملكي و قائد الحرس الملكي. هو من تولى ، خلال انقلاب 28 مرداد، محاصرة منزل محمد مصدق و إبلاغ أمر محمد رضا بهلوي المبني على عزل محمد مصدق من رئاسة الوزراء. في 5 اكتوبر 1971 و تزامنا مع مهرجانات 2500 من الملكية، رقي الى درجة جنرال و في شهروير 1978، و بعد استقرار الحكم العسكري في طهران و تغيير الحكومة، حين كان سفيرا في باكستان، أحضر الى طهران و سجن في سجن أوين.بعد انتصار الثورة الإسلامية في العام 1978، أعدم خلف جدران مدرسة رفاه.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4528



http://oral-history.ir/?page=post&id=6032