إطلالة على " في الطريق"

لون هذه الذكريات رمادي

إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2016-04-27


عنوان " في الطريق" هو عنوان مفتوح يعكس اتجاه شخص الى نقطة محددة. و لكن لهذه الجملة معنى خاص في لغة المدفعية، حيث يؤكد المستطلع للمدفعية صحة المعلومات الحاصلين عليها. و هنا يأتي ثنائية معنى العنوان للكتاب.الكتاب عبارة عن مذكرات علي خسروي نيك و هو مصاب في الحرب و أسير في معكسر صلاح الدين في العراق. و كان خسروي نيك جنديا في تلك الفترة و لكنه تطوع للذهاب الى الجبهة. و الكتاب رؤية مغايرة للأسر جاء في عشر فصول، منها: الانتخاب الكبير و الانتخاب الآخر و جهة المصير و الرمادي أسر في الأسر و مكان أبي الخالي و عناوين فصول أخرى.

الرؤية المغايرة للحرب

يشكل الروات في الكتاب الشخصيات الأساسية و لا تنتهي أحداثهم في الأسر و التعذيب، بل يدخل خسروي السخرية مع الجدية في نصه:

" يصل نوروز العام 1363 (1984) و كنا نجلس في معسكر الرمادي حول سفرة الهفت سين. ( و هي سبع أشياء طبيعية تبدأ بحرف السين) و كان فيها سيجار و سنك( حجر) و سطل. و أحضر شخص رصاصة كلاشنكوف فسألته: " ما دخل الرصاصة بالسفرة؟" فقال: فيها بارود و بدايته بحرف السين".

و لا تسير المذكرات بطابع سوداوي بل هناك المضحك و هناك المؤلم: " حين توقف اطلاق النار بين البلدين قال العراقيون: نحن أيضا نريد القفز من النار... أصروا و لو مرة واحدة أن يقفزوا من النار، و نردد الجملة باللغة الفارسية صفرتي منك، و احمراركِ مني. و كانوا يرددون الجملة خطأ. كنا نضحك من لهجتهم و هم يشاركونا الضحك بصوت عالي. طلبت من أحدهم: لنطلق النار في الهواء". فقال لا ممنوع لو أطلقنا طلقة واحدة سوف تتحول كل المعسكرات المحيطة بنا الى وضع الاستعداد".

و يكسر خسروي في كتابه التابو، فالاشخاص ليسوا ذوي طابع أبيض صرف أو أسود، هم في حالة بيضاء و سوداء رغم كل مساوئهم. و العراقيون لا يستثنون من هذا، بالتحديد مثل شاكر، الحارس العراقي في حرم أبو الفضل (ع)، يسير جهة الحرم حافي القدمين الى جانب الأسرى.

و يكسره خسروي مرة أخرى حين يعلم جندي عرقيا اللغة الانجليزية، و نجد تفاعل السجان مع السجين و اعتماد السجين على السجان.

الفصل العاشرة خصص للصور و الرسائل المتبادلة بين خسروي و عائلته. أول صورة كانت لخسروي حين كان في سن ال 18 قبل ذهابه الى جبهة القتال. و تنقسم الصور الى ثلاث مراحل قبل الأسر و في الأسر و بعد الأسر. نرى عبر الصور تغير الملامح و مرور الاعوام، إنها صور الفصول البشرية.

في رسالة وجهتها الأم الى ابنه تقول فيها: " ماذا أقول عن الشوق؟ عن الانتظار؟ ماذا أقول؟ الشكر وحده الباقي لي أشكر الله. يود قلبي أن أكون الى جانبك في السجن حتى أحكي لك، أقبلك، أحضنك. حسنا لا حلّ لأمنيتي هذه، كما لا حلّ أمامك الآن..."

ذكرى

هناك ذكرى عن واشٍ في العسكر اسمه رضا زاغي. تلقى في مرة من رئيس حرس السجن صندوقي سجائر، فشكوا فيه على أنه عاد للوشاية كما في هذه الذكرى:

" كان رئيس حرس السجن رقيبا أسمرا، وجهه فيه حفر، و يملك أنفا كبيرا. حوصر في مرة رضا زاغي ليروي لهم قصة اهتمام رئيس حرس السجن به فقال:

" مرّ الرقيب من أمامي فقلت له: سلام. فأجابني: و عليكم السلام.

فعارضناه فقال لحظة لأكمل لكم بقية القصة:

قال: بعد عشر دقائق خرج ثانية فقلت له: سلام. قال: و عليكم السلام. و للمرة الثالثة كررت معه نفس الحكاية، فتوقف و قال لي: إنك تكثر من السلام ما بك؟ فقلت له: وجهك يشبه وجه أبي، كلما رأيتك أتذكر أبي المرحوم. فقال: لا تحزن يا بني، و وضع يده على كتفي و أخذني الى الدكان و قال: ماذا تطلب؟ فقلت: لا أريد شيئا فقط صندوقي سجائر. أعطاني صندوقي سجائر و قال: لا تحزن يا بني."

 

في الطريق: مذكرات الجندي الأسير علي خسروي نيك، حوار و تأليف: سعيد علاميان، 400 صفحة، الطبعة الاولى ربيع 1393، طهران،مؤسسة الاعلام الإسلامي. 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4266



http://oral-history.ir/?page=post&id=6315