فصل من التاريخ الشفهي للأناشيد الثورية

نوتة الحرب

إلهام صالحي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2016-05-07


ما دخل الموسيقى بالجبهة؟ و ما هو التشابه بين المحاربة و الموسيقى؟ قد تكون هذه هي نفس الأسئلة التي دارت في ذهن محاربي فترة الدفاع المقدس، و لكنهم بعد سماع محمد ميرزاوندي، حصلوا على إجاباتهم. النصوص الشعرية و الأغاني التي تلقى و تغنى باللهجة، كانت ترغيب للدفاع عن الدين و الوطن. كانت الموسيقى آلة استخدمها ميرزاوندي جيدا. من هذا و من ذاك، أي جوائز حصل عليها و ما كان دوره طوال فترة الدفاع المقدس، كل هذا موضوع كتاب " سأحارب مادام لدي نَفَس"* الكتاب سيرة لحياة محمد ميرزاوندي و ورقة من التاريخ الشفهي لفن الثورة الإسلامية.

النثر القصصي و الجمل البسيطة

يشبه القصة ، و لكنه ليس قصة. كتاب " سأحارب مادام لدي نَفَس" ، يأتي كثاني كتاب من مجموعة كتب " التاريخ الشفهي للجبهة الثقافية الثورية الإسلامية- أناشيد و أغاني الثورة"  حياة محمد ميرزاوندي. يستخدم الكتاب الجمل البسيطة لشرح الوقائع: " تقاعدت في 2006، مع ثلاثين عام من العمل و خمسة عشر يوما. كرمني الوزير. كنت حزينا. حين كنت في طهران تمر لحظاتي سعيدة. عملي موسيقي. بعد عودتي سكنت في فاز واحد كيو، زقاق الفن الثاني. ما إن سمع الفنانون خبر رجوعي، فرحوا جدا. أعدوا برنامجا موسيقيا في صالة آويني لخمسة عشر يوما."

و لا يخلو الكتاب من الأسلوب السردي في شرح وقائعه: " رويدا رويدا أوصلت نفسي الى التلفاز. أدرت الزر تغيير القنوات اللاذع. بعد ثواني علا صوت غير مفهوم. المشاهد لا ترى، في النهاية تحسن مستوى الصوت و قال المذيع: " هذه لقطات من تجاوز البعث العراقي على أرض الوطن." أنزلت الطائرات كل عقدها على الناس. مازال التراب عالقا في الجو حين اختلطت به صرخات النساء و الأطفال. تهدمت المنازل و باتت أطلالا."

من موضوعات الكتاب الولادة و الطفولة و الدراسة و التجنيد و العمل في السياحة و حصوله على المركز الأول في الغناء المنفرد و حصوله على دبلوم فخري و الهجرة الى طهران.

نسخ و ترجمة الشعر الفارسي

الكتاب ليس فقط سيرة حياة محمد ميرزاوندي، بل تشمل بعض نتاجاته. و نجد في فصل " النتاجات" نصوص شعرية و غنائية مثل: "تا نفس دارم مي‌جنگم"، «چِل‌ماشي»، «شوق جبهه»، «عليسونه»، «روله»، «سوار»، «علي‌سونه»، «كم بو ديره»، «سنگ رزم بسيج»، «دايه دايه» و «خداحافظ"

و كانت هذه النصوص باللهجة المحلية فصححت لتكون متاحة للجميع و بعض النصوص كتبت نوتتها الموسيقية.

في نهاية الكتاب خصص للصور و معها بعض حوارات ميرزاوندي.

الوصف و الصورة

تتمنى حين قراءة الكتاب لو أن بقية الكتب التي تتعلق بفترة الحرب و الأسر، لو أنها استخدمت نفس الأسلوب. فالكتاب يغلب عليه التصوير فبعض الجمل تكفي ما نشير اليه: " كان التاسع من شهر بهمن العام 1364 (1985 ) . كان البرد قارسا. حين تتنفس تتكون دوائر ضبابية حول فمك و تتصاعد الى الأعلى. كان الباص المنهك يريد السير. لا يهم شكل الباص. كنا نبحث عن وسيلة تنهي عملنا. أمسكت القضيب الحديدي و رفعت نفسي. جلست الى جانب النافذة. رميت حقيبتي بكل هدوء تحت الكرسي. أزحت ستارة النافذة بطرف اصبعي. الستارة لونها أسود، لا يمكن لك معرفة لونها الأساس. و لا تختلف النافذة عن الستارة كثيرا."

الغرافيك المدهش

 

ما إن تفتح الكتاب، تواجه مغاير لبقية الكتب. كل الصفحات الأولى لافتة، تقلبها حتى تصل الى صور محمد ميرزاوندي مع أحد أفراد فرقته.

و غلاف الكتاب الذي يصف بندقية بين نوتات موسيقية، هو نفس العمل الذي قام به ميرزاوندي في فترة الحرب.

ذكرى، مرثاة للبكاء

كل حفل هي ذكرى. و إقامة حفل في الجبهات لها طابعها الخاص. و قد يكون تفاعل الحضور هناك مع الموسيقى من أكثر المذكرات التي تلامس القلب. يقول ميرزاوندي:

" كنا نذهب بثيابنا المدنية. نقيم أكثر حفلاتنا في داخل الحسينيات و المساجد. نقيم حفلاتنا لمقاتلين لرستان أو بقية المدن لا فرق، كانوا فرحين. و كنت أرى في الجبهات كويتي بور و آهنكران.

قال أحد الشباب لإمام الجماعة: " تعال معنا لتشاهد البرامج."

ضحك الشيخ و قال:

  • طريقنا ينفصل معكم. نحن نُبكي الناس، و أنتم تفرحوهم.
  • يمكن للموسيقى أن تبكي. تفضل معنا الليلة.

جلس الشيخ في حفلنا. أبكت حرقة عليسونه الشيخ. كأنه جلس في مجلس عزاء.

مسح الشيخ دمعه من خده و قال: " لقد خلقتم ضجة عبر هذه الموسيقى في داخلي، أحيت الثورة في داخلي."

 

*" سأحارب مادام لدي نَفَس": سيرة حياة محمد ميرزاوندي، تحقيق: سامان سبهوند، تدوين: محمد تقي عزيزيان، إعداد: قسم التاريخ الشفوي مكتب دراسات الجبهة الثقافية الثورية الإسلامية، 132 صفحة، الطبعة الأولة صيف 1394، قم: ممثلة قائد الثورة في الجامعات ( مكتب معارف).

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 3795



http://oral-history.ir/?page=post&id=6332