محطات من حياة فخاري

ملامح رجل في ثورة

إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2016-08-27


كان كثيرون يقعون تحت تأثير شخصيته. دخل في النضال من سنّ الرابعة عشر، جرّب السجن، في سنّ الحادية والثلاثين، وطال حبسه لثلاثة عشر عاما. ورغم انشغاله بالعمل كان محباً للدراسة. وكان آخر امتحان له وهو مراقب من الساواك. كان متصلاً بفدائيي الإسلام، ويحضر الجلسات الإسبوعية التي تعقد في مسجد الشيخ علي في البازار.

 

المشاكل التي تُواجه في تدوين التاريخ الشفهي

منذ النظرة الأولى ستشعر بالإختلاف الذي يحمله كتاب "ملامج رجل في ثورة"، مع سلسلة "نجوم اتحاد البازار"، فقد قُسم رواة الحدث. عُنون الفصل الأول ب "من هو مهدي عراقي؟" بينما حملت الفصول الأخرى عناوين مثل: "حوار مع أمير عراقي" و " حوار مع السيد أصغر رخصفت" و "حوار مع أبو الفضل توكلي بينا" و "حوار مع حسين مهديان".

و مما يحمله الكتاب من مغايرة هي المقدمة التي كتبها الكاتب، ويشرح فيها كيفية كتابة هذا الكتاب ونشاطات المجموعات قبل انتصار الثورة.

ويشير الكاتب الى الصعوبة التي يواجهها الكاتب في حقل التاريخ الشفهي، ويتعرف القارئ على أهمها. ومنها ضعف الذاكرة مع مرور الوقت وامتناع بعض الشخصيات عن الحوارات ونقص اكمال المعلومات مما يؤدي الى عدم ذكر بعض الذكريات. "رحل بعض رفاق الشهيد في الأعوام الأخيرة، مثل المرحوم آية الله نوري والمرحوم الحاج حبيب عسكراولادي والشهيد أسد الله لاجوردي والمرحوم أبو الفضل حاجي حيدري. والبعض منهم نال الشهادة قبل الثورة، مثل رفاقه في فدائيي الإسلام أو اعضاء الإتحاد."

ويدور موضوع الكتاب عن نشاطات الشهيد الحاج مهدي عراقي الإتحادية في الثورة ويقول الكاتب: "مع محاورة بعض الشخصيات واجهتُ مشكلة. إذ لديهم بعض الملاحظات على نشر ذكرياتهم. ولم يكن لدى ابنه الكثير من الذكريات عن نشاطات اتحاد البازار وتتعلق أكثر ذكرياته بالنشاطات السياسية."

خصائص شخصية الشهيد عراقي

رواة الكتاب هم أمير عراقي والسيد أصغر رخصفت وأبو الفضب توكلي بينا وحسين مهديان. ويكشف كل شخص منهم وجها من شخصية الحاج مهدي عراقي.

وقد كان ابن الشهيد، أمير عراقي حين شهادة والده في سن الحادية والعشرين. وقد قبض على أبوه حين كان في سن السابعة وحسب قوله أكثر لقاءاتي مع أبي من خلف القضبان، اللقاءات التي بدأت برفقة أمه وحين كبر، باتت مع أصدقائه. ويشير الى فكر أبيه قائلا: " لو أردنا مناقشة أفكار الحاج مهدي عراقي كمثقف وليس كبازاري، علينا الأخذ بعين الاعتبار بين الإثنين الثقافة والسوق. النقطة التي التفت إليها مؤخراً والتي قصّها عليّ كاظم البجنوردي- كان مع أبي في زنزانة واحدة-، هي أنّ أبي ركز في السجن على قراءته الإقتصادية. وظهر أنه كان يقرأ كثير عن النظريات الاقتصادية في السجن وهي نفسها المواد التي يناقشها المثقفون وطلاب الجامعات."

ويتعلق قسم من الذكريات بأبي الفضل توكلي نيا، وهو من أقدم من واجه الحكومة البهلوية ومن أصدقاء الشهيد عراقي المقربين، إذ شكّل معه في العام 1945 هيئة العسگريون، ويتحدث عنه قائلا: "كان هادئا، قد يكون البعض متديناً ونقي ولكنه ليس جذابا.من خصائصه أنه كان جذابا وحميم. من يلتقيهم تشعر أنهم إخوانه، لذلك أحبه الإمام بهذا القدر."

حدث غير مسبوق

ويأتي الكتاب في شرح وتأكيد دور البازاريين في انتصار الثورة الإسلامية. هذا التأكيد جاء واضحاً بين ذكريات الرواة، وإن لم يشيروا مباشرة الى نشاطات الشهيد الإتحادية، ولكنه واضح بصورة عامة في حديثهم عن البازار.

ويقول أمير عراقي مؤكدا أن العمل والتجارة هي فرع من قصة الحاج مهدي عراقي: "كان عمله السابق قبل دخوله السجن في الفخاريات العام 1976، وبعد دخوله السجن دخل  مجال السوق. وأصبح رئيس اتحاد البازار وقام بأمور ترفيهية في نفس الورشات والمصانع. كان فرن الفخاريات من أصعب الأماكن للعمل. أعطة أمراً أن يكون فيها جميعها حمام ومرافق."

و قال أبو الفضل توكلي نيا عن ردة فعل البازاريين حول الخامس عشر من خرداد :" كان اعتصام غير مسبوق للبلاد."، "إمتد اعتصام الناس في المدن الكبيرة وإيقاف بازار طهران لأربعة عشر يوما وهو أمر لم يحدث في تاريخ إيران، و أدى الى تراجع نظام (البهلوي). قال الإمام: "إذا لم تدعم البازارات الثورة، سوف تواجه الانهزام."

ويشير السيد أصغر رخصفت، وهو ناشط سياسي قبل الثورة في جنوب طهران وصديق الشهيد الحاج مهدي عراقي في الحارة، يشير الى مغايرة دور البازار سابقاً وحالاً: "كان البازار في تلك الفترة حقيقاً، هناك إختلاف كبير! كان الأشخصافيه مثقفين، كانوا ملالي. يأتون صباحاً، ويجلسون في المساجد ويتعلمون ويناقشون التجارة والعمل، ثم يتجهون الى أعمالهم... حتى أنه كان في اتحادنا أشخاص شبه مجتهدين، ولكنهم تجار."

نهاية حياة

المادة الأخير للكتاب، هي ذكرى من حسين مهديان، وهو ناشط سياسي قبل الثورة. كان مهديان في آخر لحظات الشهيد مهدي عراقي الى جانبه في بداية أغسطس 1979: "في يوم الحادثة جائني عراقي. إتصل بضعة اتصالات وجلس في سيارته. جلست بجانبه. وجلس خلفي حسام ابن الحاج مهدي. ثم جلس الحارس. توقفنا في تقاطع حين حصل الأمر. كانوا ثلاث، على دراجة نارية. وقف أحدهم على الرصيف يترقبنا، وما إن وصلنا أطلق النار. أخذونا الى المشفى. أصابتني ثلاث طلقات..."

في بداية الكتاب جاءت جمل في حق الشهيد مهدي عراقي من، الإمام الخميني (ره) وآية الله الخامنئي والشهيد آية الله الدكتور بهشتي. قال الإمام الخميني (ره) عنه: "أعرفه منذ عشرين سنة. كان الحاج مهدي عراقي بالنسبة لي أخ وابن. شهادته ثقيلة عليّ،  ولكن ما يخفف الأمر أنه في طريق الله. مباركة شهادته لكل المسلمين. كان عليه أن يستشهد، الموت له على السرير قليل في حقه."

ويحمل الكتاب فصلا مصوراً لم تنشر سابقاً. امنها انقلاب 28 مرداد وفرحة الجيش من سقوط الدولة وعودة الشاه، مواجهات 28 مرداد 1332، دخول الجنود الروس على الدبابات في مدينة تبريز، العرض العسكري المشترك بين الجيش الروسي والبريطاني في طهران.

 

*ملامح رجل في ثورة، ما لم يقال عن حياة الشهيد الحاج مهدي عراقي: السيد مصطفى فرقاني، طهران: فاتحان 1394، برعاية: مؤسسة رسول آفتاب الثقافية، 160 صفحة.

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 3613



http://oral-history.ir/?page=post&id=6552