التعرف على ثلاث رواية وكتابين في ليلة الذكريات ال284

أبطال الفجر، مقدمة سومار وسورية

مريم رجبي
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2017-10-06


خاص موقع تاريخ إيران الشفوي، أُقيم برنامج ال 284 من سلسلة ليالي ذكريات الدفاع المقدس، عصر يوم الخميس من 28 سبتامبر 2017 في صالة سورة للمركز الفني. وألقى كل من مجيد يوسف زادة وسيد أحمد نبوي ورحيم أفشار كلمة تخص ذكرياتهم عن فترة الحرب المفروضة على إيران.

ذكريات عن معارك سورية

تحدث مجيد يوسف زادة، وهو من المحاربين القدامى وأصيب بالحرب ومن مدافعي الحرم وقال: "أُسر الكثير من أفرادنا في سورية وقُطعت رؤوسهم عن أجسادهم، ولكن لماذا ظهر محسن حججي إلى هذا الحدّ؟ قد تكون نظرة منه لحظة الأسر، تحدثت معنا. من الممكن أننا لم نرَ  صورة عبد الله اسكندري أو رضا اسماعيلي وهو من افغانستان، ولكن ما هو سرّ نظرة الشهيد حججي فحتى آخر لحظة لم يتخلَ عن صلابته وقوته؟ وفي الوقت الذي كان يُعذب وسيفصل رأسه عنه.

لو قرانا سيرة مدافعي الحرم، لعرفنا، أنّ لهم آباء محاربين أو من الحرس أو من عائلة الشهداء. نال عمّ محسن حججي، وهو محمد علي حججي الشهادة. كان يدرس في الحوزة العلمية من أهل نجف آباد واستشهد في محرم العام 1982. كان على الشباب في عمليات محرم  العبور من نهر فصلي دويرج. المياه قليلة تصل تحت الركبة. في ليلة الهجوم اشتد المطر. ارتفعت المياه لثلاث امتار. لم يكونوا على استعداد. اخذت المياه ما يقارب 300 شخص واستشهدوا. قال الشهيد محمد علي حججي سوف أعلمك سرا لتعبر به المياه، ليقول كل شخص منكم ثلاث مرات "يا أبا صالح المهدي (عج) أدركني"، سيمسك السيد يده ويعبره النهر. قال أحد الاشخاص الجملة وعبر النهر. فقد الكثير من الشباب اسلحتهم في الماء واتجهوا لخط العدو دون اسلحة. شهيد ذو الفقار حسن عز الدين وهو لبناني، أراد في سنّ ال17 الذهاب إلى سورية. لم يكن أبوه راض ولا أمه. وقبل ذهابه قال رأيت في الحلم نفسي ذاهبا لسورية ويقبض عليّ داعش وجلسوا على صدره ليفصلوا رأسه. ينتفض ويصرخ. لحظتها يقترب منه الإمام الحسين (ع) ويقول: "لا تخف، لا ألم فيه. في الزمن الذي أرادوا قطع رأسي عن جسدي، أحاطتني الملائكة بصورة لم أشعر بقطعهم". قال الشهيد عزّ الدين لأمه قبل ذهابه سوف يستشهد ويقطع رأسه وسيعود جسده دون رأس. في ليلة عاشوراء الإمام الحسين رأيا مكانتهما وقد يكون هذا سرّ محسن حججي، لذلك اتجه للعدو".

وأضاف: "قبل ما يقارب الأربعين يوما، استشهد احد القادة في سورية وقال الحاج سليماني، حين سمعتُ خبر شهادته، لم انم للصبح وقال ليتني أنا الشهيد وبقي حسين قمي حيا، حسين قمي مستقبل الحرس الثوري. أحد المفاخر، الذي خلق في ستة ستوان الدفاع في سورية، ملاحم. حين هجم الدواعش على محوره وهو قائد القاعدة، أمر بتراجع المحور الاول والثاني إلى المحور الثالث ليدافعوا سويا، ولكنه ورغم اصابته بشظية بقي وأصاب أحد عشر من داعش ليتراجع الشباب وفي الواقع أنقذ حياتهم وتوفي إثر النزيف".

وقال يوسف زادة: "كان الشهيد مهدي نظري من مدينة انديمشك. حين هجم الشباب على العدو، قاوم العدو بشدة، وأجبروا على التراجع. أصيب هو بشظية في بطنه. وأخذوه الشباب بصعوبة معهم للخلف، قال: إنتهى أمري، دعوني هنا واذهبوا، ولكن سلموني كل ما لديكم من ذخيرة. وحين وصل الشباب إلى مرتفع، مازالوا يسمعون صوت اطلاق النار لمهدي نظري وبقي حتى آخر رصاصة ولم يعد جسده".

وأكمل قائلا: "شارك شباب اصفهان في منطقة خان طومان حتى حرروها. وحين العودة استشهد عدد من شباب مازندران وبقيت اجسادهم هناك. عادة ما تستخدم النصرة اسلوب المقص، يقتلون ثم يأخذون الجثث. في عمليات تحرير خان طومار، قاموا بالمقص وحاصروا 50 شخصا من شباب اصفهان. كان فرامرز رضا زادة وأربع من أصدقائه وكلهم قادة في جيش الإمام الحسين (ع)، فذهبوا ليحرروا ال50 شخصا المحاصرين. أخذوا مينا كاتيوشا لمرتفع وطلبوا من البقية عدم الصعود. مع اطلاق أول طلقات فتح الطريق وخرج الشباب. وفي الدفعة الثانية من الطلقات أصيب رضا زادة وقُطع نصفين واستشهد ثلاثة اعزاء آخرين".

إنجاز موقع ليالي الذكريات

وتحدث مدير المركز الفني التقني علي كاشفي بور، عن قرب اطلاق موقع ليالي الذكريات وقال: "أحد قواعدنا في كرمان هي استخدام ما يمكن من الطاقات والمصادر الداخلية والخارجية في المركز الفني، لتقديم هذه الاطروحة على افضل وجه ممكن. اليوم قدمنا عرض الموقع. يشمل مقاطع مصورة وحوارات ونحاول اعداد دائرة معارف تغطي 25 سنة من الذكريات.

بطلة هذا الكتاب، السيدة ف

وتحدث السيد أحمد نبوي، وهو راوي أحد الكتب الصادرة عن المركز الفني تحت عنوان "يصل ليد السيد ف" وهو أحد قادة الدفاع المقدس ونشر عدة رسائل تبادلها مع زوجته.

وقال: "في صيف العام 1982 أُجرت عمليات والفجر المقدماتية. وكانت بعد عمليات الفتح المبين وبيت المقدس ورمضان ومحرم.ومن ناحية العدة والعديد لا توصف. لا مكان لتقع الإبرة في معسكر دو كوهه، بصورة كان الشباب ينامون في الساحة. ولكن كان لدينا مشكلتان، الأول وعلى حدّ تعبير الإمام الخميني (ره) بتنا مغرورين جدا وقلنا بنصف هذه القوات سنحرر خرمشهر، بنصف هذه القوات أسرنا 19 أسيرا في الفتح المبين وسنقوم بعمليات جيدة عبر هذه القوات. الثاني تضرر العراق كثيرا وكان أمامه عام ليسترد قوته. في عمليات والفجر، كانت إحدى الكتائب فاتحة الصفوف، كتيبة أنصار الرسول جيش 27 وكنت مساعد إحدى الكتائب وهي الكتيبة الثانية. مسؤل الكتيبة هو جعفر عقيل محتشم، وحتى نهاية الحرب كان قائد كتيبة انصار الرسول. كان الشهيد عبدالله بورات مسؤل الفصيل.

قبل العمليات، الساعة ال10 مساء وبقرب نقطة استرحنا ثم اعلنا الحركة. كان الهواء بارد جدا, والرياح شديدة. وضعت مع بورات بطانيتين على اكتافنا لندفئ.حركتنا كانت في الواحدة بعد منتصف الليل. كان فصيلنا مقدم على الكتيبة. حددنا التقدم بستة أو سبع كيلومترات وتطول لساعة ولكن حساباتانا خاطئة. ومن أسباب حساباتنا الخاطئة حمولة الشباب كانت كثيرة. الرمال تبطئهم والبرد القارس من جانب آخر. كلما اقتربنا عن الخط الامامي زاد قلقنا، وفي القلق المثانية تعمل أكثر. ورغم كل ذلك وبدل الوصول في ساعة وصلنا في الساعة الثانية ومع اقترابنا من العراقيين أصاب النعاس الشباب. كانت الخوذ تصطك ببعضها مصدرة صوتا. طول كتيبتنا 150 مترا. كنتُ أركض، من بداية الرتل لنهايته قائلا لهم: لماذا تتكلمون أو لماذا خرجتم من الرتل؟ حين وصلنا لقنوات العراقيين، عرفوا بما حدث وغيروا أماكنهم. ورغم معرفتنا قبل ثلاث أيام على المنطقة، تغيرت الأرض، وغيروا القنوات. عبرنا بصعوبة الاسلاك الشائكة وحقل الألغام وكنا متعبين. وحين وصلنا القناة، توقنا أنه 40 أو 50 سانتيمترا، لكنه كان بعمق متر ونصف. حين عبرنا القناة، كان العدو في المرصاد لنا. عبرنا نار كثيفة.

وصلنا لمنطقة وضعوا فيها الدوشكا على الأرض وباطلاق نارها، تقطع كف الرجل. في المرحلة الثانية الدوشكا تصيب الركبة والرأس. في الساعة الخامسة صباحا اعلنوا أنّ مَن نجى عاد للخلف. الشباب متعبون وقد عبروا حقل الألغام وكمائن العدو. في هذه الأثناء، رأيتُ بورات المصابة يده سابقا. قال سوف يبقى في القناة ليصف الدرب للباقين. طلب مني أخذ من بقى للخلف. لا وقت للمعارضة. ركضتُ فأصيب حوضي بطلقة ووقعت. وفي هذه الحالة كنت أدل البقية على طريق العودة.زحفت 100 متر ووصلت إلى تل خلفه 80 شخصا. البعض منهم جريح والبعض لم يصف وآخرون استشهدوا. سألتهم لماذا لا ترجعون؟ قالوا: هناك قناص. فسألتهم لماذا لا يعودون عبر التل. قالوا علامة حقل الالغام تحركت من مكانها وسار عدة أشخاص على الالغام وماتوا. كنتُ ازحف حين صادفت شاب في عمر 13 عاما اسمه محبي. يصرّ عليّ أن أعيده. يقول إنّ امه ولدته بعد 16 عاما من الانتظار وجاء للحرب دون رضايتها. حاولتُ نهدئته، ولكن بعد قليل، استشهد.

اتجهت مع من بقى إلى حقل الألغام لننظفه. وطال الامر للساعة السادسة صباحا. نهضوا وانفصلوا عن بعضهم، واحتجتُ ليومين لأصل. كانت مروحيات العدو تنهي على من يرجع ومن أُصيب. لن أنسى أبدا وجه الشهيد محبي، الشهيد الذي تذكر أمه في آخر لحظاته. في العام 1991 ذهبنا لفحص المنطقة. ولأني بقيتُ في الطريق يومين فكنت على معرفة بها. طلبوا مني المساعدة ليجدوا الاجساد. كانت صورة التل في ذهني وعلمت لو وجدناه، سنجد 80 شهيدا، ولكننا لم نجده. أشرت لورود الشقائق، قطعوها ووجدوا الشهداء وبين جنازة الشهيد محبي".

وقال في نهاية حديثه: "سبب عنونت الكتاب ب "يصل للسيدة ف" هو في البيت الذي سكناه، كانت أخوات زوجتي يترددن علينا وهن مشاركات في الجبهة، لذلك وضعنا هذه العلامة لكي لا يفتح أحد الظرف. غلاف الكتاب، هي صورة أول رسالة بعد زواجنا وحين ذهبت للجبهة. تزوجتُ في 8 يناير 1984 وفي 10 فبراير من نفس العام ذهبت للجبهة وكتبتُ أول رسالة. يوضح الكتاب دور العائلة في الحرب. في الكتاب ما يقارب ال50 رسالة تبادلتها مع زوجتي.فيها الكثير من المواجهات والمشاكل. الأمر، أنّ بعض الرسائل تترك دمعات. في نهاية حديثي أريد الحديث عن ثلاث أشخاص، الأول الشهيد سيد حسن نبوي الذي درس هندسة الطيران الحربي في أمريكا. عاد إلى إيران، ودخل في التجنيد ثم التعبئة ثم استشهد. جُرحت في الحرب أربعة عشر مرة وكانت أمي تنتظر خبر وفاتي ولا تنتظر خبر شهادة أخي الذي يدرس خارج البلاد. الشخص الثاني أمي، لا تمر ليلة عمليات ولا تخرج أمي لشارع نواب لتفقد سيارات الاسعاف بحثا عني. كانوا يضعون أحجارا في شارع آزادي لتيسير حركة سيارات الاسعاف للمستشفيات. الشخص الثالث السيد ف. في العام 1980 وفي سن السادسة عشر استشهد أخوها وفي سن التاسعة عشر استشهد أبوها. هي من تعرف على جسد أبيها. من سوء طالعها أنا من تقدم لطلب يدها. أخذت مني أمها المواثيق لكي لا أذهب للجبهة وقبلت. بعد الزواج، طوال شهر رجوتها لتسمح لي بالذهاب للجبهة. بطلة الكتاب هي السيدة ف (فاطمة جيان بناه)".

حكاية تل 402 سومار

وتحدث الضيف الثالث رحيم أفشار. وهو راوي كتاب "ظل الظلام"، قال: "نحن العسكريين ليس لدينا طلب أو ادعاء. كل ما قمنا به كان واجبا، دون أن يصنعوا منا أبطالا. وكما جاء في لائحة قوانينا، كلها ادرجت فيها. كان شعارنا هو "لترى، ولا تُرى"، "إقتل، ولا تُقتل". لم يصروا على موتنا، أرادوا أن ننتبه أكثر. لأنّ موت جندي، لا بديل ليأخذ مكانه، كما هو الحال حين دخلنا في العام 1984 اثنا عشر شخصا وفي مع نهاية الحرب بقي منا شخصان. الشخص الآخر هو المرحوم محمد بور علي رفيعي. مات في العام 2000 إثر تأثره بعوارض الكميائي. قليلا ما يُذكر الابطال ال 450 ألف من قوات الجيش والقوة الأرضية وكانوا قبل الحرب 18 شهرا، واليوم هم أيضا في سورية والحدود لبلادنا".

وأضاف: "في 17 يوليو 1987 استقر العدور في تل 402 في منطقة سومار. كنا ل9 أشهر في الخطّ الإمامي ولكي نرتاح قليلا، أرجعوا كتيبتنا لفترة وأرسوا كتبة جديدة للتل. وصادف مع الذكرى التاسعة عشر لتأسيس حزب البعث العراقي وأعلن صدام لقادته أن يخرجوا تل 402 من يد الإيرانيين، وسوف يهدي سيارات مارسيدس بعددهم. وتقبل المهمة قائد الجيش الرابع العراقي. في 17 يوليو 1987 حدثت المواجهة مع خمس جيوش أمام كتيبة 191 زاهدان التي جاءت مكاننا. كانت النيران كثيرة ولولا الخنادق لمات حتى النمل.

في الساعة الحادية عشر ليلا أمروا كتيبة 146 العودة لمكانها. تسلط العراق على التل. التل موقع يشرف على العراق. في الساعة الخامسة عصرا في نفس اليوم، وبفقد 70 أو 80 شخصا، استعادت كتيبة 146 التل من العراقيين. في تاريخ في تاريخ 20 يوليو، أرسلوا فصيلين مجولقين ومقتحم للقوات العراقية. وسبب في ارباكهم حيث قال صدام ألم تعدوني بالسيطرة على التل، إذاً عليكم فعل ذلك أو تعدمون. كان لدينا حارس باسم شكر الله علي بور من أهل الشمال. قلت له مادام العدو بعيدا ولا يصاب بالطلقات لا تطلب مني الرصاص. بعد أيام وفي الساعة 22:30 بدأت العمليات مرة أخرى. طال الأمر أربعين دقيقة. وخسر العراق الكثير من قواته. في الساعة الواحدة والنص ليلا وعبر اللاسلكي نادى عليّ علي بور وأدركت ما يريده، فاطلقت القذائف لتلك الجهة، وكان الفجر يكشف عن امر شبيه بالتل والنمل حوله ميتين. الحرب ليست حلوة الطعم، ولكن أن تقاوم بقوة وعلى هذه المساحة الكبيرة، فهو فخر. في نفس اليوم اوقفوا الحرب. وقدم العراق الكثير من القتلى وعبر اسبوع كانوا يجمعون الجنائز".

وأنهيت المراسم بحفل توقيع كتابي "تصل ليد السيدة ف" و "ظل الظلام" الصادران من سورة مهر. وستضم الجلسة القادمة كل من رئيس المركز الفني محسن مؤمني شريف وكاتبة الكتابين راحلة صبوري.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3743



http://oral-history.ir/?page=post&id=7367