أصبحت معظم مشاريع التاريخ الشفوي للأسري مذكرات شفهية

مريم أسدي جعفري
ترجمة: حسن حيدري

2019-08-30


موقع التاريخ الشفوي الإيراني - انتهت الأيام العصيبة من الشعور بالوحدة، والإرهاق، والتعذيب، والإنتظار، والشوق للأسرى في النهاية بتاريخ 17 أغسطس 1990م، وتمت إعادة أكثر من ثلاثة وأربعين أسيراً تدريجياً إلى إيران.

بدأ إنتاج فيلم عن فترة الأسر في مخيمات جيش صدام رواها الأسري المحررين أنفسهم وتدوين كتاب مذكراتهم. تأسس معهد (پيام آزادگان) الفني الثقافي مع التركيز على تسجيل ذكريات وخبرات الأسري المحررين وتوصل نشاطه إلى إنشاء مكاتب في محافظات ومدن قم ومشهد وإصفهان وهمدان وتبريز وخوزستان. تعتمد معظم مشاريع المعهد على المذكرات. كما نشرت مؤسسة فتح للروايات أعمالاً مثل "سلسلة الأبواب المغلقة"، وكتاب "لن تنتهِ أنت" يتضمن مذكرات من إعداد أسد الله ميرمحمدي، وهو عمل وثائقي جديد من أعمال هذه المؤسسة في حقل الأسري المحررين. في الواقع ، لقد تغيرت مسارات العمل الخاصة بهم، وعلى الرغم من وفائهم بالأعمال الوثائقية، فقد جعلوا العمل أكثر حكائية ليكونوا أقرب للجمهور المستهدف. وقد نشر أيضاً أعمالاً في طهران ومدن أخرى مثل: "شبر وأربعة أصابع" (سالار تكريت ) و"القدم التي بقيت" ولا يزال يركز على التاريخ الشفوي. وفقاً للمعلومات المتوفرة في مكتبة الحرب الخاصة بدائرة الفنون، تم تسجيل 506 عناوين كمذكرات فردية ومجموعة من مذكرات الأسري.

على الرغم من أنّ قراءة تجارب الأسرى الإيرانيين في معسكرات حزب البعث العراقي مهمة، ستجد أنّ ذكريات وتجارب الأسري المحررين المتكررة بعد مراجعة العديد من عناوين الكتب. في هذا التقرير، يتناول موقع التاريخ الشفهي الإيراني دراسة هذه المشكلة وتقديم الحلول للخروج منها.

منع "التكرار" في مذكرات الأسري المحررين

تحدث محمد قاسمي بور رئيس مكتب دراسات الثقافة والاستدامة في الجمعية العامة  للمحافظات وإدارة مجلس الشؤون الفنية، حول سياسة المكتب في تسجيل التاريخ الشفوي للأسري المحررين قائلاً: "نعمل في التقسيم الموضوعي إلى فصلين عامين للتاريخ الشفوي للثورة الإسلامية والدفاع المقدس. يمكن لأي شخص قدم تضحيات أو أصبح أسيراً، أن يكون موضوع مشاريعنا. معظم السجناء السياسيين قبل الثورة لديهم أيضا بطاقات الأسر وتعتبر سوابقهم في السجون كأسري . كما أنّ موضوع المقاتلين من أجل الثورة الإسلامية من بين الموضوعات التي يمكن مقابلتها شفهيا. بناءً على الموضوع واقتراح الباحثين، عملت بعض المحافظات، مثل كيلان، بشكل أكبر على التاريخ الشفهي للأسري المحررين. بالطبع، لقد تجنبنا بشكل مدروس النماذج المكررة والقوالب النمطية التي حدثت في ذكرى المحررين. نعتقد أنّ الرواة المحررين قد تأثروا بما يُنشر، وأنّ هناك مقابلة وتذكر بشكل نمطي واضح في بعض الأعمال المنشورة. يتغير فيها الإسم  والإسم العائلي فقط، ولكن السياق والأحداث والإطار هو نفسه. أحياناً أقولها وبمرارة وسخرية في بعض الجلسات التعليمية قبل النظر إلي الكتاب، وهو: أحفظ فهارس الكتب العادية والمكررة للمدونين وأتحدث بها أيضاً! فهارس وفصول الكتب الإفتراضية تبدأ بالولادة والطفولة، وتستمر بالفترة العسكرية والإبتعاث إلي الجبهة وتنتهي بمحرم في الأسر ونوروز في الأسر، وأيضاً قبول قرار 598، رحيل الإمام الخميني (رحمه الله) والعودة إلي الوطن. لدينا العديد من النماذج غير المؤكدة في مركز الفنون بالمحافظة على مر السنين، قائلة إنّ هذه الأعمال ليست موجهة نحو الحياة ولم يصدر ترخيص نشرها. نقترح استخراج التفاصيل السلوكية، والعقليات، والرؤى من ذاكرة الأسير، بدلاً من الإبلاغ عن الأيام المتكررة للأسر.

ومع ذلك، ليس لدينا شك في أنّ مشاريع التاريخ الشفوي للمُحررين، بعد القيام بها من أجل التنفيذ وعموميتها ونشرها، غالباً ما تصبح بشكل مذكرات شفهية ويتم نشرها في شكل مذكرات شفهية. لكن منذ حوالي خمس سنوات، توصلنا إلى نقد مدروس وبحثي للتاريخ الشفوي للمحررين وحاولنا أن ننأى بأنفسنا عن النموذج الثابت والقوالب النمطية في المذكرات. كتب مثل: "فتاح" ذكريات الأسير المحرر فتاح محمدي من دائرة الفنون بكيلان و(إسماعيل نذر آفتاب) ذكريات المحرر إسماعيل كريميان شاد دل من دائرة خراسان شمالي الفنية، هناك أمثلة نعتقد أنها لم تتبع الأنماط السابقة، وفي هذه الكتب تم استكشاف جديد لسلوك وشخصية الراوي خلال فترة الأسر".

استخراج الروايات البكر من الأحداث التي تبدو متكررة

وأضاف قائلاً: "لا نصر على أنّ أيّ من ذكريات المحررين يجب بالضرورة نشرها وذلك بسبب النقد و القضايا المشار إليه في المراكز الفنية للمحافظات. وعلى الرغم من أنّ أحداث الأسري مشتركة، إلا أنها لا يمكن أن تكون الأساس لعدم العمل وعدم تسجيل الذكريات. يواجه الإنسان الأحداث بمشاعره وعواطفه. قد يكون هذا حدثاً متكرراً، مثل اعتماد القرار 598 في مذكرات المحررين، ولكن يجب على الراوي أن يبلغ عن تأثير هذه الحوادث وآثارها الشخصية، وليس الإبلاغ عما لاحظه أو يستخدمه الجميع! لأنهم سمعوا جميع التقارير ورأوا الملاحظات. إذا كانت الأفكار تشير إلى أحداث متكررة على ما يبدو، فإنّ نفس الأحداث قد تتكرر. منذ سنوات، وفي أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، أجريت مقابلة تاريخية شفوية مع محرر من الزرادشتة حيث لاحقاً أصبح فيلماً وثائقياً عن طريق أحد الكتّاب وأصدرته دار رواية فتح لنشر. في تلك المقابلة، كان الراوي مواطناً زرادشتياً شاباً له تاريخ في الأسر دام 26 شهراً، وبعد جلسة واحدة  من مقابلته، توصلت إلى استنتاج مفاده أنّ الشخص الذي تمت مقابلته لم يكن لديه ذكريات عميقة، وأنّ الزرادشتية كانت مثيرة للاهتمام، على الأقل بالنسبة للنشر العام لمذكراته إلى جمهور عام لم تحظ بالإهتمام كما ينبغي. لكنه أوقف التسجيل وأشار إلي نقطة قائلة: "عليك أن تعرف أنني كنت أسيراً بطريقة ما. لأنّ الأسرى قاطعوني في المخيم وكان الجميع يحاول تجنبي وكنت وحدي طوال الوقت! لا يمكن قول ذلك! "قلت له:  "إذا كنت ترغب في التعبير عن شعورك في تلك الظروف في المخيم والسلوكيات التي كنت فيها، سأكون حريصاً على الحديث معك وسماع ذكرياتك." في جلسات لاحقة، كان لدى الراوي الزرادشتي المحرر ذكريات وصور غير مرئية للأسر ورواية مختلفة عن بقية المحررين أيضاً".

إختيار الرواة

يقول السيد محمد بُر حلم، المساعد الثقافي الفني ووكيل مكتب الثقافة ودراسات الإستدامة الفنية بمحافظة كيلان والذي تم تكريمه على مجموعة "التاريخ الشفهي للمحرين في محافظة كيلان" في قسم الذكريات والتاريخ الشفوي في دورتها السابعة عشرة في إختيار افضل كتاب للدفاع المقدس قائلاً: "بدأنا المشروع في عام 2008 ونشرنا أول كتاب بعنوان " شبر واحد وأربعة أصابع" في عام 2010. بعد ذلك ، جمعنا عدداً من الشباب النشطين في مجال كتابة المذكرات والتاريخ الشفهي من مدن مختلفة من مقاطعة كيلان.  مما لاشك فيه أنّ المحررين لديهم سمات خاصة حيث أنّ ما لا يقولونه يحظي بأهمية ومتعة خاصة من قبل المجتمع و في تلك السنوات لم يتم العمل علي إنجاز التاريخ الشفوي ومذكرات المحررين كما عليه الآن، فقد واصلنا مع الشباب هذا العمل لأكثر من عشر سنوات. لقد نشرنا 26 عنواناً في مجال التاريخ الشفوي للمحررين. هذه العملية مستمرة. بالطبع، وفي السنة أو السنتين الماضيتين، قللنا من عبء وكثافة العمل قليلاً وذهبنا إلى المحاربين. السبب الرئيسي هو أننا شعرنا بأنه يتعين علينا العمل مع بعض الأشخاص بشكل انتقائي. لأنّ الذكريات كانت تشبه بعضها على حد سواء. يتطلب هذا الاختيار، والذي يستغرق وقتًا طويلاً، نوعاً من المقارنة، وإن كان ضرورياً، العمل علي إكمال هذا المشروع. لذلك قللنا عدد المهام. لأننا سجلنا ما لا يقل عن اثنين أو حتى خمسة من ذكريات المحررين في كيلان في معسكرات مختلفة. نبحث عن نوعية أفضل ولا نريد الحصول على روايات من قبل شخص قد ذُكرت في أحاديث وروايات الآخرين، نريد أن نخرج كلمات الأسرى الإيرانيين التي لم تُذكر من قبل، وهذا هو هدفنا الرئيسي".

حيث أنه مستشهداً ببعض الأمثلة، يشير إلى تنوع الذكريات في مذكرات المحررين ويقول: "لدينا كتاب بعنوان (عشق شيرين) بما في ذلك مذكرات المحرر قاسم زيبايي بور، والتي تعتمد على سلسلة من الرسائل المتبادلة مع زوجته. لقد كتب حوالي عشرين رسالة إلى زوجته قبل الأسر التي تمكنا من الحصول على العديد من الأحداث العظيمة للحرب التي حدثت لها من خلال الرسائل أو العلامات المتواجدة فيها. أعتقد أنها مذكرات فريدة من نوعها للغاية، في الوقت نفسه، تُظهر حب الراوي وعاطفته لزوجته وطفليه. هناك كتاب آخر، "في كمين كومالا" ، يتعلق بمحرر احتجزه كومالا الإيرانية. لقد بنوا سجوناً على الحدود الإيرانية العراقية، وأسروا العديد من المقاتلين وسلّموا المحاربين إلي الجيش أو الحرس الثوري مقابل مبالغ طائلة. لدينا العديد من الأسرى، مات بعضهم في هذه السجون. يصف الكتاب أسر البعض بيد الكومالا، ومرافق احتجازهم، ومحاولة ممارسة تأثيرهم الأيديولوجي على الأسرى".

الحاجة إلى تأهيل الأعمال كيفياً

قال السيد بُرحلم في نهاية كلمته: "على الرغم أنه من المرجح أن نواجه التكرار ثانية، أعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به في كيلان وفي جميع أنحاء البلاد. لدينا حوالي 2500 محرر كيلاني، واحد بالمائة منهم فقط عملنا علي تاريخهم الشفهي. نحتاج إلى نشر ما لا يقل عن 10٪ من التاريخ الشفهي لـ 250 عنوان كتاب حتى نتمكن من القول أننا سجلنا غالبية الأحداث تقريباً. على سبيل المثال، عملنا على خمسة كتب في التاريخ الشفوي لسجناء مخيم الرمادي والتي قد تكون مشتركة في نقطة واحدة. لكنهم يستعيدون الذكريات من وجهة نظرهم وكان لديهم حكاية مستقلة تصور جوانب مختلفة من الحرب وجاء من مجموعة خلفيات المختلفة. يرتبط كل من المحررين الخمسة بما حدث بوجهات نظرهم ومعتقداتهم، لهذا السبب كل كتاب له لونه الخاص، وحتى إذا كان لدينا كل هؤلاء الأشخاص البالغ عددهم 2500 شخص، فلا تزال هناك اختلافات كثيرة. لكننا لسنا قادرين على تغطية كل هؤلاء الأفراد ومن خلال إنتاج واستخدام أفضل الرواة، فإننا سوف ننتج أقل نسبة ولكن أعلى جودة من الأعمال".

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3269



http://oral-history.ir/?page=post&id=8767