دعوة

حاوره: حسين روحاني صدر 1
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2020-07-06


يُعدّ الحاج حسين سليماني من التجار والمناضلين قبل الثورة، وهم من خدمة الحرم الرضوي، يشرح كيف تعرف على الحرم الرضوي:

ذهبتُ إلى مدينة مشهد في أول مرة بعد أن أنهيت الصف الأول الإبتدائي مع عائلتي. ومن أفضل ما حصل لي منذ الرحلة الأولى إلى مشهد، هو حبي المستديم لحضرة الرضا. حين تحيط بيَ المشاكل وأواجه ضغط في عملي، استفيد من عطلة يوم الجمعة وأذهب للزيارة وأبوح بما لديّ. أصلي صلاة المغرب والعشاء خلف آية الله ميلاني، المرجع الوحيد المقيم في مدينة مشهد، في الصحن الجديد للحرم، أو أصلي خلف الشيخ غلام حسين تبريزي، صاحب الكرامات والاخلاق ومدير حوزة مشهد العلمية، في صحن مسجد كوهرشاد أو خلف السيد جواد خامنئي، الرجل الكبير في السن المشهور وإمام جماعة مسجد الأتراك. من المشهور أنهم سألوا آية الله العظمى ميلاني: هل زيارة الإمام الرضى (ع) قسمة أو همة؟ فقال: لا. زيارة الإمام الرضا (ع) دعوة؛ يجب أت تدعى. لا تظنوا أنكم جئتم، بل هي عناية الإمام الرضا (ع) ولطف إلهي يشملكم.

كان الشيخ مرتضى حائري رغم علمه ومكانته الاجتماعية في المجتمع الشيعي، متواضع جدا. كان يستغل أيّ فرصة لزيارة مشهد الرضا. ولا يتقيد بوسيلة نقلية خاصة. وعلى حدّ تعبيره المهم خدمة سيدي؛ لذلك كان يجلس على لوحة القيادة حتى يصل لمشهد. قال في مرة: رأيت في الحرم الرضوي الخدمة يكنسون فطلبت منهم أن أكنس معهم. قبلوا طلبي بكلّ احترام. وبعد أن أنهيت عملي عدت للبيت ونسيت كليا ما حدث. مساء في الحلم، رأيت نفسي أجلد القرآن في الحرم. وبعد أن استيقظتُ فهمت أنّ الحلم متعلق بكنس الحرم. اللافت حين كنت مع السيد سنجيدة نريد السفر إلى مشهد، رأيت شيخا في الطريق يدفع سيارة. أوقفت السيارة وترجلت، رأيت الشيخ حائري يدفع السيارة حتى تعمل. أصلح سنجيدة السيارة. جميع أهل مدينة قم، من علماء وشيعة، يحبون الرجل من أجل مكانة أبيه الرفيعة وتواضعه.

وحين أبعدت 196 يوما، كنت ازور العتبة متخفيا. وبعد انتصار الثورة، قام السيد واعظ طبسي، متولي القدس الرضوي، وبما أنه على معرفة بما قمت به، قام في العام 1981 بتعييني مسؤل الخدم وفي الواقع في تاريخ 14 ابريل 1979 عيّن السيد الخامنئي طبسي مسؤلا عن أمور الحرم؛ وهو من قام بتعيني.

لم تكن دار آستان قدس تطبع مفاتيح الجنان ولا كتب الادعية. كنا نواجه أزمة في كتب الزيارة والادعية. يأتي كلّ زائر مع كتاب دعائه، ويعطي كتابه لمن ليس لديه كتاب. كان جواد الحاج ترخاني من تجار الحديد الكبار، رجل قصير القامة ومتواضع، وكان يعرفه الحاج محمد كليار، حفيد عمي، من قديم الزمان، وكان يأتي كلّ شهر للزيارة. جاء إلى غرفتي بعد الزيارة وتحدثنا عن ذكرياتنا. طرحتُ موضوع نقص كتب الأدعية وطلبت منه احضار نسخ من مفاتيح الجنان. اشترى هذا الرجل أكثر من 500 نسخة وطلب من الزوار بعد توزيعها عليهم أن يسلموها لي. ووضعتها في الرفوف. حين جاء في المرة الثانية للزيارة قلت له: ماذا أفعل للزوار الذين يقولون لي إنهم سرقوا وليس لديهم حتى نقودا للطعام؟ في نفس اللحظة وضع يده في جيبه واخرج مبلغا كبيرا وسلمه لي وهو يتعذر لأنه على سفر ولا يحمل المزيد من المال. وسلمت المال للزوار الذين تأكدت من فقدهم أموالهم.

ومن الأفكار التي شغلت بالي جعل المكان هادئا وقراءات معنوية تنير الضريح. مع رؤيتي قماشا على الضريح قلت لنفسي: يجتاج الضريح إلى مزهرية. في تلك الفترة جاء الحاج محمد كاشاني من طهران لزيارتي. قلت له: هل لديك يا حاج مزهريات نضعها على الجهات الأربع من الضريح ونضع فيها زهورا طرية؟

قال: سأرسل لكم مزهريات فضية. وبعد أن حصلت عليها وضعتها فوق الضريح وطلبت من العاملين تغيير الزهور يوميا. ولأنّ المسؤل عن هذا الأمر السيد أحمدي كبير في السنّ كنتُ أقوم أنا بهذا العمل.

وفي الشتاء حين كان يشتد البرد على الأشخاص المقدين بالحرم، كنت أوزع المهلبية. وطلبت من الحاج السيد عباس رمضاني رئيس دار الضيافة أن يعدّ كل يوم قدرا ومن عبدالله جلاير رئيس المخبز الرضوي أن يخبز 100 خبزة.

في إحدى المرات غيّرت طريقي المعتاد دون داعي لطريق أطول رغم برودة الجو، ووجدت في الطريق عجوزا ساطقة على الأرض وسط الثلوج. وبعد أن حييتها عرفت أنها من باكستان. كان تقبض على ورقة وسخة، وكان الناس قبل وصولي يظنون أنها شحاذة. وكانت تضغط على يدها لدلالة على أنها ليست شحاذة. ولكن لم يسألها أحد لماذا أنت هنا وسط الثلج حافية القدمين؟ عرفت أنها ضائعة. بالإشارة سألتها عن حذائها ولماذا أنت على هذا الشكل؟ عرفت أنها حين أرادت صلاة الصبح جاءت خطأ من باب شيرازي بدل الخروج من باب الشيخ طبرسي. أعطتني الورقة. عرفت بصعوبة مكان إقامتها: سوق الشهيد آستانه برست طرف طبرسي. أوصلتها في حدود الساعة 11:30 مساء. كانت مجموعتها تستعد للرحيل. سلمتها لهم وعدت للحرم لأشكر على هذه الموفقية.

نجحت بعض الشخصيات العسكرية والدينية في أخذ حكم الخدمة، لم يوفقوا لا هم ولا حراسهم الشخصيون في رعياة شؤون الخدمة. ذكرت الامر مرات عديدة. أذكرهم بأنّ المناصب والدرجات خارج الحرم وليس داخله. هذا حرم الإمام الرضا (ع)؛ مثل الحمام عليكم ترك الدرجات والثياب خارج الحرم؛ كلنا خدم الإمام الرضا. قلت طوال أربعين سنة من الخدمة: ولأنّ حلق اللحية حرتم، لا تفعلوا ذلك طوال فترة خدمتكم. وحين يتمازحون أقف بسرعة إلى جانبهم وأذكرهم بأننا داخل الحرم، علينا قراءة القرآن والذكر؛ يظن الزوار أننا أبناء الرضا. حين يركعون ويقبلون أقدامنا ليس من اجلنا، بل من أجل الإمام. لا تتحدثوا في الحرم بصوت عالي وراعوا الناس؛ ولكن مع الأسف الثقافة مؤثرة وما يجب أن يكون ليس موجودا.

 

  1. حاصل على ماجستير في تاريخ إيران في الفترة الإسلامية، متخصص في بحث الوثائق الثقافية في المكتبة الوطنية

*سلّم الحوار حسين روحاني صدر إلى موقع التاريخ الشفوي الإيراني.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2303



http://oral-history.ir/?page=post&id=9316