انتصار الإيمان ـ 10

شهره أبري
محسن مطلق
ترجمة: هادي سالمي

2020-11-23


 

..وعلي هذا المنوال، أصبح جميع المقاتلين يقيمون صلاة الليل آنذاك، إلّا أنا حيث كنت أتهرب من إقامتها وللأسف الشديد، كنّا من ضمن الذين يستيقظون بتهاون لإقامة صلاة الفجر. كما كنّا نقيم في الصباح مراسيم زيارة عاشوراء. بالطبع كانت زيارة عاشوراء بالنسبة لنا عبارة عن الهروب من أداء المراسيم الصباحية. كما كان السيد وعد من الشباب يقرأون زيارة عاشوراء أيضاً. أصبحت صلاة الليل للسيد ملكة حيث تراه في منتصف الليل يصليها بشغف كبير.

كما كانت لحصة المعلبات التي تقوم بتوزيعها  الكتيبة بيننا مغامرة أخري. عادة، في كل بضعة أيام، يتم إعطاء كل مقاتل علبة فاكهة، يحتفظ بها الشباب في المجموعة معاً لتناولها علي مائدة الطعام، ولكن في منتصف الليل، يقوم سيد قاسم ومحمد مالكي، أحد أصدقاءالسيد، إلى جانب العديد من الأشخاص الذين يستيقظون لصلاة الليل، بفتح العلب وحينها نستيقظ لتناوله. المقاتلون الذين يشعرون بقلة النوم، أصبحوا يهتمون بالنوم أكثر من تناول العلب، وفي تلك الحالة التي يمرون بها بين النوم واليقظة، علي سبيل المثال، يضعون حبّة كرز في فم شخص ما قاموا باستيقاظه حيث يأكلها الشخص دون رغبة لينام ثانية ومن ثم يقوم السيد ورفقائه بتناول ما يتبقي منه. عندما يستيقظون صباحاً، يقومون بالبحث عن حصتهم، كان يقول لهم السيد: "تناولنا العلب ليلاً، هل نسيتم ذلك؟" وكل ما أراد الشباب أن يتذكروا، لايتذكرون علي الإطلاق، لكنهم يصرون علي مشاركة جميع المقاتلين بتناول حصتهم منها، وهذه كانت تعتبر إحدى النكات التي لا تُنسى في تلك الأيام. كان السيد دائماً وحيداً عند زيارته. كما كان يجلس عادة على ساتر أو تل ويراقب غروب الشمس. ربما لم نتمكن من فهمه على الإطلاق. كلما سجد، ظل على نفس الوضع لساعات، وبكى بشدة حتى تتورم عيناه.

أتذكر ذات يوم كنا نقف بالقرب من حسينية الحاج همّت وعندما خرج السيد من الحسينية. قلت له: "لماذا عينيك أصبحت هكذا؟"

قال "يا أخي! ألم تتعلم بعد عدم التدخل في أمور الآخرين؟"

مجموعة  السيد، بما في ذلك السيد نفسه ومحمد مالكي الذي أصبح الآن متحرراً، والمعوق في الحرب السيد محمد حق بناه، خلقوا أجواء في خيمتنا وغيرت البيئة الصغيرة التي يعيش فيها جميع المقاتلين، حتى أولئك الذين كانوا يقطنون في جوارنا، لقد أرادوا دائماً البقاء في خيمتنا والبقاء مع المقاتلين.

في أغلب الأحيان يقسّم السيد الطعام على المائدة، وإذا لم يكن هناك ما يكفي من الطعام فلن يأكل. ذات يوم كنا نجلس على المائدة.. تأخر السيد على العشاء وانتهت الوجبة. رأى السيد أنه لم يبق شيء ليأكله وأن شخصاً أو اثنين آخرين لم يأكلوا بعد، جلس على المائدة و بقي يأكل فتات الخبز. ولما عرفت سبب قيام السيد بذلك، قلت: "لم يأكل السيد أيضاً".

كرر سيد نفس العبارة الشهيرة التي قال فيها من قبل  أي ألا تتدخل في شؤون الآخرين.

ولأنّ المسافة بين خيمتنا والحسينية كانت طويلة جداً، قمنا بتحويل خيمتنا إلى حسينية، وفي الظهيرة كان الناس من الخيام المجاورة يأتون إلى خيمتنا للصلاة، وربما يكون ازدهار مكان صلاتنا أكبر من ازدهار الحسينية نفسها. لطالما شجعنا عدد قليل من كبار السن من الفرقة المجاورة وقالوا إننا نقبطكم علي ما تقومون به.

أجواء خيمتنا الصغيرة كانت بيد محمد مالكي وسيد قاسم، وقد غيرا الجو لصالح الروحانيات. كان لدروس الأحكام القرآنية التي أجراها هذان الشخصان تأثيرا كبيرا على زيادة وعي الشباب، وأدركت حقاً أنّ الجبهة هي جامعة لتحسين الذات. كانت الأطباق تغسل عفويا في منتصف الليل، ولم يفعل ذلك إلا سيد قاسم. خاصة إذا كنت  على علم بأني لن أغسل الصحون بنفسي، لأنني علمت أنّ سيد قاسم سيغسل الأطباق سراً حتى لا يلاحظها أحد.

كان من الصعب حقاً غسل الأطباق في ذلك الطقس الشتوي البارد في منتصف الليل. حتى أنني أتذكر أنه لإزالة الماء، كان علينا أحياناً أخذ الماء من أعلى النبع بعد كسر الجليد السميك. وإذا بقيت يدك في الغسل والماء كثيراً، ستتحول إلى اللون الأسود من شدة البرد.

أكل السيد قاسم كان قليلاً حيث يذكرني دائماً بثلاثة أشياء .ويقول:

تجنب ثلاثة أشياء للبقاء لطالما تتحمل سهاد الليل. أولاً، الافراط في الأكل. الثاني المكان الدافئ والثالث من المكان الناعم.

كان المقاتلون يحبون تناول الطعام مع السيد. في مجموعتنا كان كل شخصين يتناولان الطعام معاً، كل من تقع حصته مع السيد، يستأنس كثيراً، لأنّ السيد لا يأكل إلا القليل من الطعام.

كما كان السيد أحد الأعضاء الرئيسيين في مراسيم البطانيات التي يقوم بها المقاتلون. كل شخص عندما كان يذهب إلي إجازة نحو المدينة، يعود بيد ممتلئة بالفاكهة والحلويات ليضفي جواً آخراً علي أجوائنا.

مع اقتراب العملية، عقدنا ميثاق أخوة للجمع وذلك للشفاعة، وكنا 12 مقاتلاً. من بين هؤلاء، خمسة أو ستة لازالوا أحياء. كما أنني مرتاح من ذلك العالم باستشهاد السيد، لأني أعلم أنّ السيد سيتشفع لي ولباقي رفقائنا الذين كانوا معنا في تلك الأيام.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 1990



http://oral-history.ir/?page=post&id=9585