إنتصار الإيمان ـ 14

شهره أبري
محسن مطلق
ترجمة: حسن حيدري

2020-12-19


اليوم هو الأحد 23/3/1986م، وتشير الساعة إلي 5/40 دقيقة صباحاً والكل جاهز ليذهب نحو خندق النهار، حيث إذا طلعت الشمس، يعد البقاء هنا خطراً علينا. بعد عودتنا إلي الخندق السفلي، توضأنا وتحضرنا لإقامة الصلاة. كانت قراء زيارة عاشوراء بعد الصلاة، فيها متعة خاصة. بعد تناول الإفطار، خرجت من الخندق لأتمتع بأجواء نقية. قال إثنان من الشباب، إذا لديك الوقت الكافي فقم بحلق شعرنا، وأنا الذي كنت أبحث عن عمل انشغل به، أمسكت آلة التحليق وقمت بحلق شعرهما. كان السيد مصلح وأثناء حلق شعر الشباب، يتحدث إلينا بنكة وهم يضحكون. ما ينقصنا هو وجود الشاي بنكهة القرفة، بالطبع كان الشاي المر متوفر.

أشرقت الشمس وبدى الزنبق البري صباحاً منعشاً. في الصباح، وأمام كل خندق، مثل السوق، كان المقاتلون يجلسون، وفي الواقع، كان الجميع يخرجون من الخنادق ويستمتعون بأشعة الشمس. ستكون الشمس والهواء شديد المتعة، خاصة إذا هطل المطر في الليل. كان هناك أشخاص يجلسون أمام كل خندق: كان أحدهم يمزح، والآخر يقوم بتظيف حذائه، الآخرون ينظفون أسلحتهم، وباختصار، كان الجميع يفعل شيئاً. وآخر، آخر، مثل محمد رضا مصلح، كان يكتب الشعر وينشده. بعد أن أنهيت عملي، أغلقت صالة الحلاقة وسلمت آلة الحلاقة إلى اللوجستيات. خفضت الشمس فتيلها. كما أنهى المقاتلون العمل خارج الخندق ودخلوا فيه.

اشعر بالتعب. أشعر أنّ كل شيء روتيني ومتكرر. قلبي يائس من كل شيء. متعتي الوحيدة هي صورة مهدي. أتمنى لو كنت حيث مهدي الآن. أنا محطم جداً. يا إلهي! لا أعرف ماذا أفعل، وأين أذهب، ولماذا في كل مكان والجميع في حداد.

يا إلهي! خلصني من هذا الضياع. مع أنني أعلم بأني لست مستحقاً لتلك الحياة التي تسمى الشهادة، ولكن أنت الرحمن الرحيم، ولن تدعني أعبر من منزلك بالرغم من كل السيئات التي ارتكبتها.

اليوم هو 24/3/1986م. كان من المفترض أن يأتي أحد الإخوة المختص بتدريس العقيدة  للمعسكر من أجل تدريس القواعد والأخلاق. قام الأخوة  بتنظيف الخندق وتجمع الجميع داخله. أصبح الخندق ضيقا بشكل لايصدق. جاء الأخ وتكلم برهة وبقي في خندقنا حتى وقت الصلاة. بعد الغداء، قالوا إنّ الأخ رنجه كان من المفترض أن يأتي بصفته مسؤولاً عن المجموعة وسيتحدث للمقاتلين. كما جاء وأخبرنا عن موقفنا على الخط، وكذلك عن العدو، وذكرنا أنّ الليلة سيذهب بعض مقاتلي إزالة الألغام إلى حقل الألغام لنقل جثة أحد الشهداء الذين استشهد الأسبوع الماضي إثر إنفجار لغم هناك بعد أن حاول فتح ممر في تلك المنطقة. طلبوا منا التعاون معهم لإستعادة جثته. انتهى الأخ رنجه من الكلام. لكننا ما زلنا نفكر بذلك الموقف.

أخذ الأخوة بسؤاله وأجاب ببطء. كان له مظهر جذاب ومبهج. كما تحدث بلطف شديد. قالوا إنه من مدينة آبادان وأحد أبناء الحرب القدامى.

في وقت أبكر بكثير من الأيام السابقة، سقطت سحابة من الظلام. كانت مناوبتي تبدأ الساعة السابعة. صليت في الخندق السفلي وبعد تجهيز الآليات اللازمة، ذهبت إلى الخندق الليلي. ستمطر الليلة. يمكن سماع صوت الرعد والمطر داخل الخندق. أحياناً يخلط الإنسان بينه وبين صوت قذيفة الهاون. ذهبت الى محل مناوبتي.

كانت رائحة التراب تنبعث في كل مكان إثر المطر. كانت ليلة جيدة جداً. كان الأخوة في الخنادق وتحت رحمة المطر.. وكانت الغيوم تومض ببرقها، وكانت السماء تلتقط صوراً للحظات التي انغمس فيها الجميع في امتنان النعم الإلهية. للعودة إلى الخندق ليلاً - بعد الممر - لاحظت أنّ جميع القنوات قد غمرتها المياه. كانت الأحذية مملوءة بالطين وكان من الصعب جداً السير. شققت طريقي إلى الخندق ليلاً وبعد فتح أدواتي العسكرية ذهبت تحت البطانية لآخذ قسطاً من الراحة.

البارحة رأيت مهدي في المنام. حلمت أننا نضيء مكاناً ونقوم بنصب لافتة.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2897



http://oral-history.ir/?page=post&id=9637