ذكريات السابع من شهريور

ترجمة: حسين حيدري

2015-10-18


ذكري السيد مهدي توكلي

 

السيد مهدي توكــلي، أحـد الشهود العيان

 

 

بسـم الـله الرحمن الرحـيم و الحمدلله رب العالمين .بعد السلام و التحية لكم أعزائي الكرام و إلي أرواح شهداء السابع من شهريور الطاهرة و أمّا بعد...أسعي و بشكل مختصر أن أسرد حادثة السابع من شهريور و التي إنبثقت من حادثة‌ السادسة  عشر من شهر شهريور. في السادس عشر من شهريور، احتشدت الناس في ميدان آزادي منذ الساعة السابعة صباحاً حتي السابعة من مساء ذلك اليوم.في الختام تمت قراءة القرار.بعد ما قرأ القرار،كان الكل فرحين بعد تحقق هذا النجاح، فيما إلتحق الجيش بالمتحصنيين.كما كان في جانب سيارات الجيش،قوات الشرطة أيضاً حيث يضع الناس الزهورعلي بندقياتهم من نوع ج ـ 3 و يوزعون الحلويات بينهم.كما كانت علاقاتهم مع بعضهم البعض وطيدة جدّاًعلي أية حال أصبح الجيش مع الناس في صف واحد. كانت الأمور تبشر بخير و سرور.يشعرون إذا ما سارت هذه المظاهرات نحو القصر،سيسقط الشاه و ينتههي كل شئ.عندما إنتهت المظاهرات، ركبت مع أحد المتظاهرين علي متن درجة نارية .كان الشعار موعدنا غدا في الساعة الثامنة صباحاً في ميدان (ژاله).

كما كان ميدان الشهداء محط أنظار المتظاهرين.الجميع كانوا فرحين و يهتفون بالشعارات و يزداد عدد المتظاهرين.كان تبايناً بالأراء حول إذا ما كانت ستنطلق المظاهرات غد أم لا .كان المتظاهرون ينوون المجيء في الصباح الباكر للمشاركة في المظاهرات.نحن ذهبنا للبيت.بالمناسبة كنا في تلك الليلة في بيت والد زوجتي كانت زوجتي في ذلك الوقت حبلي .لقد ذهبت في الصباح الباكر للمخبز و عدت بعد ذلك.عندما رجعت للمنزل،قالت زوجتي لقد أعلنوا حظر التجوال في المذياع.كأنما إختلفت الظروف إلي حدّما.بعد ذلك إنطلقنا في تمام الساعة السابعة .كانت المستجدات تنبأ بيوم صعب للغاية .عادة أخرج برفقة زوجتي للمشاركة في المظاهرات.قلت لزوجتي في ذلك اليوم أن الأوضاع لاتبشر بخير.خذي هذه السيارة و وثائقها.كما قلت لها لاحاجة اليوم لقدومك ،لأنّ الأجواء اليوم تختلف عن سابقتها و من المحتمل أن تستجد بعض الأمور.سأذهب و أدعو لي حيث ننتظر مشيئة الله سبحانه و تعالي. و بعدها دخلنا الميدان.كنا في ذلك اليوم نعيش في شارع كوكاكولا .قمت بتأجير سيارات و جئت حتي أري من أين ستبدأ المظاهرات.جئت وراء محطة إنتاج الكهرباء.شاهدت حوالي 50 أو 60 متظاهراً يرددون بعض الشعارات.قدمنا معاً و دخلنا شارع السابع عشر من شهريور و سرنا في إتجاه الشارع.كانت قوات الجيش متواجدة هناك و الأجواء مزدحمة جدّاً.كانت الجماهير متباينة  في الآراء . البعض يقول علينا أن نذهب من الزقاق الواقع بين شارعي خورشيد و مجاهدين حتي لا نشتبك معهم، و البعض الآخر يقول؛ إذا كان عدد المتظاهرين قليلا  سيقوموا بالمواجهة  و الضرب و الإعتقال.من الأفضل أن نجتمع كلنا داخل الميدان.

لقد جربنا في يومي الــ13 و الــ16 عشر من شهريور،إذا كان المتظاهرين كثر ،لن يقدموا علي مواجهتنا  ،ولكن حين يكون عدد المتظاهرين قليلا، يقومون بضربهم و مواجهتهم.علي أية حال،كانت النتيجة أن نجتمع داخل الميدان.من الميدان إنطلقنا نحو اليمن حيث كان هناك إجتماع للسيد يحيي نوري، حتي نجتمع و من ثم نقوم بالمسيرة.كنا في الجهة الشمالية من الميدان.كنّا شباباً في ذلك الوقت و أقمنا حاجزاً بأيدينا للحدّ من هجوم الناس.كنّا في الصف الأمامي.وضعنا شبكنا أيادينا و وقفنا و هتفنا الشعارات.كان من المقرر أن يجلس المتظاهرون و يرددون شعاراتهم. كان الحديث أن يقيم أحد المتظاهرين ركعتين علي الشهداء و ننطلق نحو أفراد الجيش.البعض قام بفتح قمصانهم و هتفوا بالشعارات.نحن نحب الثورة .كما نحن عليه في الوقت الراهن.نردد الشعارات دون خوف.كنا مشغولين بهتف الشعارات لكي يأتي أحد لنبدأ الصلاة.فجأة رأينا قائد قوات الشرطة و يجلس إثنين من قواته و اعلّمهم علي كيفية الوقوف. كانت قوات الشرطة علي أهبّة الإستعداد. جلس البعض منهم و وقف آخرون.عبر تاريخ المظاهرات يأتون و يطلقون النار و غاز مسيل الدموع في الهواء ،حيث لا نكترث و لانهتم بذلك كثيراً. نقول،كل ما هنالك في نهاية الأمر،إطلاق الرصاص في الهواء و غاز مسيل الدموع.الكل  جاء إلي هنا و جلس .فجأة بدأ إطلاق النار، ولكن ظننا أنه إطلاق الرصاص في الهواء. فجأة حين كنت في الصف الأمامي، شعرت في حرارة جسدي بشكل غير مسبوق، و تدفّق الدم من الخصر إلي الأسفل من جسمي.إنتبهنا بأنهم يستهدفونا ببندقية ج ـ 3 بشكل مباشر.إطلق علينا وابل من الرصاص.سرعان ما إنبطحنا علي الأرض و زحفنا نحو الزقاق،ولكن وابل الرصاص لم يتوقف.بعد أربعة أو ثلاثة صفوف من الرجال،كانت النساء في صف الرجال يشاركن في المظاهرات في الصفوف الخلفية.كانوا يضعوا النساء في وسط الجموع حتي لايتعرضن لأضرار جسيمة عند المواجهة و الإشتباك بعناصر الشرطة.كل رجل أو إمرأة ينهضا من مكانهما،سرعان ما يسقطان علي الأرض ،يُجرحون أو ينالوا شهد الشهادة. إنسحبت شيئاً فشيئاً نحو جانبي الأيسر بالقرب من الرصيف.كنت في القرب من الرصيف ،حيث جاء عدد من الرجال و ذهبوا بي داخل الزقاق و من ثم داخل المسجد.كان المصابون وراء باب المسجد،كما يوجد زقاق مقابل المسجد أيضاً، ذهبوا بي داخل ذلك الزقاق و طرقوا الباب علي إحدي المنازل. فتحوا الباب و قالوا إدخلوا بسرعة و قاموا بسد الباب بعد دخلونا إلي ذلك المنزل. لقد طُرق الباب ثانية، كنت أظن أنّ الجنود أتوا لإعتقالي، ذهبوا بي إلي الفناء الخلفي لذلك المنزل و بعدها فتحوا الباب.كان مصاباً آخراً. جلس بجانبي .كانت إمرأة تحقننا بحقن الكزاز، و قامت بعدها بتضميد إصابة قَدمي. فجأة رأينا مروحية تحوم علي الميدان و تطلق الرصاص علي المتظاهرين.تحسبا لإصابتنا بالرصاص،وضعوني تحت شجرة الصنوبر.أظنّ إستمر هذا الحال لساعة فقط.بعدها طرقوا الباب و قالوا نقلوا المصابين و الجرحي للمستشفي.كانت ساقي مكسورة و تنزف دماً.أحد أصدقائي الذي كان طبيباً،و رآني،كان يبحث عني بين المصابين.لقد أوقفوا سيارة جيان و قالوا لسائقها نريد نقله إلي مستشفي الثالث من الشعبان.وضعوني في السيارة،كان جسم السائق يرتجف خوفاً و يسير ببطئ و حذر.قال له صديقي؛دعني أنا أقوم بقيادة السيارة و أنت أجلس الي جانبي. إنطلق سريعاً بالسيارة و أوصلني إلي مستشفي الثالث من شعبان،حيث كان يعمل هناك.عندما دخلت إلي المستشفي، وجدت مصابين كثر. الكثير منهم كان في حالة لا يحسد عليها و أشد جراحاً مني.وضعوني على كرسي ،قلت لهم حالتي جيدة،إعتنوا بالآخرين حتي يصل دَوري.في ذلك الوقت،  إتصل صديقي الدكتور بأبي و قال له أتينا بمهدي إلي   المستشفي.كان والدي يشكك في ذلك اليوم.يقول : يجب أن لا تذهب اليوم و كان حزيناً جدّاً.لقد قال ما قال لي بعض الكلمات في المستشفي.أطرقت رأسي و صمت و لم أتكلم بشيء،علي أية حال كان والدي. بعد ذلك قالوا يجب أن أُنقل لمستشفي مولوي،حيث كان يسمي في حينها بمستشفي فـرح . ذهبت بسيارة (سيمرغ) أنا و أبي و ذلك الدكتور نحو مستشفي مولـوي، في طريقنا صادفنا قوات الجيش و الضباط العسكريين أيضاً.علي إحدي المفترقات قام أحد الضباط بالوقوف أمام السيارة التي كانت تقلني إلي المستشفي. تقدّم نقيب من الجيش نحونا و قال ما هذا؟كنت نائماً في السيارة،كما كان واضحاً أنني مخضب بالدماء.قال ما الذي حدث؟ قال له والدي:أنا متقاعد من قوات الشرطة و تقاعدت من العمل في عام 52.أنا زميلكم في العمل.كان إبني يمرّ من هناك و أصيب بطلق ناري، ونحن متجهين به إلي المستشفي.قال: إين كان موقع إطلاق الرصاص. تحدث والدي معه قليلاً و من ثمّ سمح لنا بالذهاب،حيث ذهبوا بي إلي مستشفي مـولـوي.عندما وصلنا إلي ، لم تكن غرفة للعمليات الجراحية و الأدوات اللازمة.  وضعوا سريراً في الممر ،كل من يأتي يتمدد عليه.قام الطبيب بحقن حقنة و فتح ساقي و وجد فيها ثلاث رصاصات . قام بتضميد معصمي و ساقي الأيسر اللذان أصيبا بالرصاص.كنا حتي غروب الشمس نسمع صوت إطلاق النار.الجميع في حالة حركة  ليهدي الدم للمصابين.الكل يسعي لتقديم عمل قدر إستطاعته.لم أنس غروب ذلك اليوم أبداً،  إستمر إطلاق النار لفترة طويلة.نشعر بحزن تجاه من كان في الخارج، و أي ظروف يمرون بها!.عندما إنبثق الصباح قالوا قام السافاك البارحة بإعتقال عدد من المصابين. من يستطع الذهاب فليذهب.لم يكن باستطاعتي الذهاب.جاء الطبيب الي.قلت : إذا كان من الممكن أن أكتب ورقة ترخيصي حتي إذهب من هنا.قال :لا تستطع الذهاب بهذا الحال.صحتك ليست علي ما يرام .قلت له: أريد الذهاب من هنا.أصدقائي أطباء و يمكنهم معالجتي و مداراتي.قال تعهد أن تكون عواقبها علي عاتقك، كتبت الورقة و وقعت عليها أيضاً،بعدها جاء الأصدقاء و ذهبوا بي إلي المنزل.بعد مرور يوم أو يومين، كانت ساقي تؤلمني و تورمت حينها.قام صديقي الطبيب و نقلني إلي مستشفي الثالث من شعبان.قام بأخذ الأشعة ثانية.قالوا :أن عظام ساقك تكسرت من ثلاثة جهات و يجب تضميدها و تجبيرها بالجص.قام صديقي الطبيب و زوجته بجهود كبيرة تجاهي،حيث أشكرهم جزيلاً الشكر و الإمتنان علي كل تلك الجهود الحثيثة التي كانوا يبذلونها آنذاك، لاسيما كافة الأطباء و الممرضين الذين ضحوا بالغالي و النفيس.بالطبع بعد ما جئنا للمنزل،الكل كان علي شك و تردد من الذهاب و المشاركة في المظاهرات أو عدم القيام بذلك الأمر.حتي صدر بياناً قوياً من الإمام الراحل (رحمة الله عليه). قال الإمام (رحمة الله عليه) :يا ليتني كنت بينكم و أقتل كما تقتلون أنتم أعزائي الكرام.عندما قال أن هذا الطريق هو طريق و منهج أمير المؤمنين و سيد الشهداء (عليهم السلام) ،لقد بث الحياة فينا جميعاً ثانية.حتي ذلك الوقت،لم نكن نعلم إذا ما تتم الموافقة علي ما نقوم به أو لا.أو لاسامح الله إذ كان مبادرة من جانبنا.ولكن حين جاء هذا البيان،  تضاعفت معنوياتنا ،لاسيما المصابين في المظاهرات.موافقة الإمام الراحل (ره) تسببت بفرحتهم .تلك المظاهرات كانت بداية للمظاهرات الأخري التي تلتها و أربعينيات أخري أيضاً.و السـلام علــيكم و رحــمة الله و بـركاته .

 

كتاب «الإجتماع التخصصي ـ التشريحي لحادثة السابع من شهريور عام 1357»قامت به مؤسسة الدراسات السياسية و الأبحاث ...من الصفحة الــ 29 حتي الـ 39.

المصدرالفارسي



 
عدد الزوار: 3852


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة