فوق سماء ميمك ـ 10

مذكرات الملازم أول طيار أحمد كروندي

إعداد : حجة شاه محمدي
ترجمة: هادي سالمي

2021-5-2


 

3ـ قناة النوم

استمرت العملية للوصول إلى قمة 402 بنجاح. ولم تستخدم طائرات الهليكوبتر المقاتلة بعد رغم الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي الإسلام والعراقيين المعتدين. كما قمنا أيضاً بإحصاء لحظات الرحلة - كل يوم - من الصباح حتى غروب الشمس. والمثير للدهشة أنه على الرغم من النيران الكثيفة من جانب العراقيين، لم يتم طلب أي رحلات جوية. كان "فريد" وصفر، مثلي، مضطربين ويذهبان أحياناً إلى غرفة العمليات للحصول على أمر طيران، لكنهما يعودان خالي الوفاض.

منوجهر الذي كان يتبعهم من حين لآخر إلى غرفة العمليات، كان يعود مثل ثعبان جريح، ومن أجل أن يريح نفسه قليلاً، يحتج ويقول: "إذا لم نقم بعمل، فلماذا طلبتم منا أن نأتي إلي هذا المكان؟"

أخيراً، وبعد عدة أيام من الجهود المتواصلة، انتهت العملية بنجاح وتم تثبيت شعار النصر على التل 402، وصار يرفرف علم إيران بكل فخر واقتدار في نسيم عليل لقد حكمت القوات الإسلامية على تلك النقطة. القوات العراقية الغاضبة من فقدان هذه النقطة المصيرية، أطلقت عدة حملات مباغتة، والتي فشلت لحسن الحظ، بشجاعة القوات الإسلامية المسلحة، في استعادة التل402، ولم ننجح نحن أيضاً في القيام بمهمة طيران فوق المنطقة.

لم نكن قد ذقنا طعم النصر الحلو بالكامل بعد عندما أُعلن في 25/7/1987م إذ شنت القوات العراقية في المنطقة الغربية هجوماً واسع النطاق واستولت على ميمك. كانت هذه الأخبار ثقيلة ومحزنة للغاية ولا تصدق علي الإطلاق. لأنه مع وجود قواتنا القوية في تلك المنطقة، كانت فرص نجاح العراق منخفضة جداً. لكننا اكتشفنا لاحقاً أنّ بعض القوات المساندة لميمك قد أتت إلى سومار لتحرير التلة 402 والمناطق المحيطة بها، واستغل العراق هذه الفرصة الذهبية - من خلال حشد القوات المهزومة - لمهاجمة ميمك وتمكن من السيطرة علي جزء كبير في تلك المنطقة.

وفتح صفر وجهه المغطى بالغبار من المنطقة باب الكرفانة بحدة وصرخ: هل رأيت ما حدث؟! لقد عملنا بجد لإخراج ميمك من أيدي العراقيين. الآن عاد مرة أخرى واستولى على معظم المنطقة. إذا أعطيناهم مجالاً أكثر من ذلك بقليل، فسوف يسيطر علي إيلام أيضاً.

قال منوجهر، الذي كان يغفو تحت الغطاء بسبب البطالة، بفارغ الصبر: "أخي صفر، هل تسمح لنا بأخذ قيلولة؟" دع العراقيين يقومون بعملهم، لكن دعهم يعرفون أنا في القوات الجوية موجودين هنا أيضاً. لعل وعسي يسمحون لنا بالطيران بعد ذلك".

وضعت يدي على جبهتي وفكرت، وتذكرت كل الجهد والعمل الجاد الذي بذل في حفظ ميمك. تألم قلبي من كل هذا الإهمال. ذهبت إلى ركن من ذلك المكان وجلست متقرفصا في حزن :"أيا تري هل سيحتل العراقيون صالح آباد وإيلام أيضاً؟"

منوشهر - بغضب - خطى بضع خطوات باتجاه الكرفانة ثم رفع قبّعة الطيران وقال بصوت عالٍ: "لا أعرف كم من الوقت علينا الانتظار؟!"

كنا جميعاً نجلس بهدوء على أسرتنا عندما دخل فريد إلى الكرفانة وقال: "يا شباب، كونوا مستعدين، علينا الذهاب إلى إيلام".

لم نر أي ارتباط بين منطقتنا والطلب الجديد. أتينا إلى سومار لدعم العملية وعلينا الآن التوجه إلى إيلام، حيث تم حشد جميع قواعدنا في تلك المنطقة بسبب وجود قوات دعم قوية ولم يكن هناك مكان كقاعدة جوية. ولكن مهما كانت الضرورة الملحة، فقد تسبب في توصيل الأمر إلي هذه النقطة المصيرية. ونظر الملازم فريد عليبور المسؤول عن توصيل الأمر إلى منوجهر الذي كان جاهزاً للطيران وطلب منه إبلاغ الملازم حسن علي أميري والملازم إسماعيل نكهداري في أسرع وقت ممكن.

توجه النقيب صفر بايخان المسؤول عن الرحلات إلى غرفة العمليات للحصول على التعليمات اللازمة وعاد إلى الكرفانة بعد نصف ساعة، حيث كان متألماً بشكل كبير. مع وصول صفر، تم تحديد حالة الرحلة. على الرغم من عدم وجود أي منشآت في إيلام، كان علينا الوصول إلى قاعدة "ني خزر" في أسرع وقت ممكن.

كانت الساعة حوالي الثانية بعد الظهر عندما حلقنا إلى إيلام بثلاث طائرات. كان فريد يتحكم في الرحلة في المقعد الخلفي، وكنت في المقدمة تنتابني بعض الأفكار. لم أكن أعرف إلى أي مدى استولت القوات العراقية على ميمك. فريد، الذي ظل صامتاً لفترة طويلة، انفجر فجأة مثل قنبلة وقال: "كنا مكتوفي الأيدي ثلاثة أيام في تلك الكرفانة الترابية ونلعب بالثعابين والعقارب. ثم يأخذون ميمك منا بسهولة، حسنًا، سنري يمكن فعله يا أخي..."

النصّ الفارسي
 



 
عدد الزوار: 1988


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة