متطلبات الدخول إلي تاريخ الفكر
حميد قزويني
المترجم: السيد محسن الموسوي
2025-06-01
لقد كان تاريخ الفكر والتطورات المرتبطة بالحركات الفكرية دائمًا مثيرًا للاهتمام بالنسبة للمؤرخين ونشطاء التاريخ والمهتمين بدراسة الأعمال التاريخية.
يحاول تاريخ الفكر فهم عملية تشكل الفكر ونموه وتطوره. وفي هذا الصدد، يعتبر أصحاب الفكرة، أو مؤيدوها ومنتقدوها، الذين عايشوا عن كثب تشكل الفكرة نفسها ونموها وتوسعها وتطورها، موضوعاً جذاباً للباحثين في التاريخ الشفوي للإجابة على الأسئلة التي يطرحها هذا القسم.
والسؤال الآن هو ما هي الخصائص التي يجب أن يتمتع بها الباحث في التاريخ الشفوي (في إيران) أو ما الذي يجب أن ينتبه إليه حتى يتمكن من البحث في تاريخ الفكر؟
ويبدو أن الخطوة الأولى ينبغي أن تتمثل في فهم مختصر لتاريخ الفكر المعاصر في إيران والدول المحيطة بها، لأن الفكر المعني تشكل في هذا السياق وبالتفاعل مع هذه الجغرافيا الفكرية والسياسية والثقافية. وعليه أن ينتبه إلى جغرافية الفكر ومسار تطوره تحت تأثير الظروف البيئية.
ولا يجب أن ننسى أن الحركات الفكرية هي انعكاس لفكر وثقافة ذلك المجتمع. التيارات التي لها ارتباط عميق بالأدب والفن والمجتمع والتاريخ.
ومن الطبيعي أن يكون ناشط التاريخ الشفوي على دراية بالأعمال المكتوبة والمنشورات ذات الصلة، ومؤلفيها، وحتى الشعراء الذين أبدعوا أعمالاً تتماشى مع نفس الاتجاهات.
وبالمناسبة، فإن السبب وراء معرفة معظم المستشرقين بالأدب الفارسي أو العربي هو أنهم يستطيعون التواصل مع النصوص الأصلية.
ومن العيوب في هذا المجال اعتماد بعض الباحثين على ما تنشره وسائل الإعلام من تقارير حول أفكار ومفكرين معينين، دون الرجوع إلى النصوص الأصلية، مما يسبب قصوراً معرفياً وأحياناً أخطاء في تصميم أسئلة المقابلات. هذا بينما في تاريخ الفكر يجب علينا أن نتعرف على عالم المفكر وفضائه الذهني من خلال الرجوع إلى النصوص الأصلية ثم الشروع في طرح الأسئلة.
وبطبيعة الحال، لا يُطلب من الباحث في التاريخ الشفوي أن يفحص هذا الفكر فلسفياً، بل يجب أن يكون لديه فهم واضح نسبياً للفكر، وحامليه، وتطوره.
ولتوضيح المسألة سأعطي مثالا.
في السنوات الأخيرة، شهدنا نشر أعمال أو مقابلات بعنوان التاريخ الشفوي، بعضها يتناول آية الله مرتضى مطهري أو الدكتور علي شريعتي، وأعمالهما، ونوعية علاقاتهما مع كل من الدوائر الثقافية والسياسية.
ومن المثير للاهتمام أنه في معظم الحالات، ومن طبيعة الأسئلة وجودة صياغتها، يمكن فهم أن المحاور لم يقرأ أعمال السيد مطهري وشريعتي فحسب، بل ليس لديه حتى معرفة معتدلة بأفكارهما، واعتمد فقط على بعض التقارير الإعلامية أو الذكريات غير الدقيقة وانخرط في محادثة بناءً عليها. وهذا على الرغم من أن كلا الفردين كان له تأثير على الساحة الفكرية والثقافية في المجتمع من خلال الأعمال التي أنتجها أو التفاعلات التي تمت بينهما، ولا يزال هذا التأثير موضع تساؤل وجدل من قبل العديد من القوى الفكرية والثقافية في المجتمع.
وفي ضوء ما قيل، لا يستطيع الباحث في التاريخ الشفوي أن يدخل في مثل هذه المواضيع إلا عندما، أولاً، يكون لديه فهم واضح لحياة المفكر وعصره، وثانياً، يكون لديه فهم سليم لتقاليده الفكرية وأعماله.
عدد الزوار: 23
http://oral-history.ir/?page=post&id=12609