عبدالغفار نهاوندي يتحدث عن الحركة الطلابية لجامعة اصفهان التكنولوجية

هجوم الحرس على منام 10

إعداد: مهدي أماني يمين
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-11-28


ذكرى نوفمبر 1977

وصلت برفقة حسين بهزادي الساعة الخامسة صباحا الى دروازة طهران. سرنا مجبرين حتى دوار الجامعة و هو طريق طويل، من النظرة الأولى يمكنك التعرف على الاختلافات الطبقية و الفكرية البلطجي و البرجوازي و القروي و المتمايع و الخجول، مجموعات المتمايعين كانوا الأقوى. شباب (ثانوية) البرز كانوا تحت حماية هذه المجموعة و كم كانوا عنا غرباء، كأنهم ليسوا أبناء هذه الأرض، و ترى وجوها معدودة كأنها صور ستة في أربعة و كأن عقد سن الثامنة عشر تجمعت فيهم منتظرين فرصة لتنفجر قورحهم.

إنتظرنا ساعة ليأخذوا لنا صورة عجيبة و غريبة لنصبح أصحاب بطاقة جامعية، ركبنا باصات جديدة متجهين الى الجامعة، في الطريق رأينا جبل " سيد محمد" و الى جانبه مرقد مهدم، بقي غريبا و دون زوار ثم دخلنا أرضا ستحدد مصير 700 طالبا ذكيا، لا ترى من النافذة غير الصحراء المجروحة و في البعيد بنايتين اسمنتية. كنت انظر مرتبكا كأن أحلامي كلها سرقها الهواء. كل هذه الجهود لتكون النهاية في هذه الصحراء! سكبوا على جسدنا المبتلى بالحمى ماء باردا. لا شوارع و لا دكاكين و لا بشر. مع رؤية أرض مخضرة قال مهرداد بذله كو يا شباب هذا حلم. سرنا و عبرنا من منطقة الأساتذة فرأينا مجموعة فيلات مرتبة و تشابه بعضها البعض دون روح مثل منازل أوروبا الشرقية تحمل رسالة نفي أساتذة طهران الى اصفهان. في النهاية وصلنا الى ساحة منام رقم 9 و 10. بناية ذات قاشاني أصفر لم تطل بصورة كاملة لكل واحدة ثلاث اجنحة الاولى منام رقم 9 الخاص بالفتيات و البقية للرجال. ذهبت أنا و حسين مع الرقم الذي سلمونا إياه الى غرفة فيها الكثير من الخزائن الخالية. كانت رائحة الطلاء الحاد و رائحة خشب الخزانة و الأسرة غريبة علينا،إعتدنا على رائحة القش و القرميد المبلل بالمطر. تقرفصنا في زاوية مفكرين في الأيام القادمة في هذه الخرابة كيف سنقضيها؟ كنا نفكر.

أربك المكان صوت الأقدام القليلة و فتح الغرف و ظهور شاب مع سيدة متزنة و أنيقة و رجل طويل القامة أسمر يضع نظارة سميكة و يدخن البايب،دون وعي نهضت كانت نظرة الشاب باردة و نظرة الرجل مع المرأة كأنهما ينظران الى فراخ. كأن وجودنا و عدمه لا يهمهم، و لكني شعرت بتضخيمهم عدم الاعتناء بنا. في تلك الليلة خاف الشاب. سألته عن أحواله باختصار و أطفأت الضوء، و بقي هو للصبح يشغل نفسه بنقل الأثاث من مكان الى آخر أصوات الصناديق ليصلي بعدها و يعطني أول درس ملتوي. في اليوم الثاني أنقذه أحد أصدقائه من هذه المحنة.

إقتربت أيام آذر الباردة. ضغوط الدراسة و الامتحانات و البعد عن البشر سلب النشاط و الفرح من الشباب. كنا نبحث عن فرصة للهروب من هذه الأجواء الصعبة. كانت نقطة البداية الاعتراض على امتحان الفيزياء. كسر أذرع الكراسي و الامتناع عن الأكل و رمي الأكل و تكسير الواجهات الزجاجية كلها سببت في تدخل الشرطة في الجامعة.

لم تأثر نصائح الدكتور محمد أمين رئيس الجامعة و لا كلام الدكتور بايور و لا تهديدات زمان خان. حكمة رحيم خاجه و حماقة علي عنايت و تعصب نصري و جسارة فدائي و قميص مهدي حكاك الأصفر الذي بات رايتا، جرت التمرد الى تحديات سياسية حتى مزجوا نموذج 16 آذر مع حركة هذا الجيل الشاب المتعلم. هكذا جاءت هجمة الحرس على منام 10 و انتفاضة الجامعيين.

صورة تاريخية

 

الصورة التاريخية هي لسطح المنام 9 في العام 1977. جاءت هجمة الحرس (الملكي) على المنام 10 إثر أحداث 16 آذر. نزعوا ثياب 44 شخصا و سحبوهم من غرفهم و ضربوهم و اقتادوهم الى ساواك اصفهان. أكثر الشباب المنزوعين الثياب لا دخل لهم. كانوا في الطابق الثالث من المنام في غرفهم. و لأن أحجارا سقطت من سطح المنام 10 على الحرس هجم عليهم. كانت غرفتي في الطابق الأول. مررت على السطح و لكني لم أقذف حجارة. فجاة قالوا هجم الحرس. ركضت على الدرج. كان باب غرفة مواربا. دخلتها. كان هناك أربع شباب عاديين. قال أحدهم: " لا تغلقوا الباب و إلا سوف يكسروه."

فجاة فتح الباب بقوة و دخل خمس من القوات الخاصة في الغرفة. شتموا بأقسى الشتائم الأخوات و الامهات. حصلوا بينا على شاب سمين و ضربوه بشدة. خفت كثيرا، قالوا: " إنزعوا ثيابكم!" نزعنا كل ثيابنا إلا الداخلية منها. كنا ننزل الدرج بين صف من الجنود بسرعة ضربني أحدهم بمؤخرة بندقيته على عضلة ساعدي الأيمن. تالمت كثيرا. دخلنا في باحة منام 9 و 10 و كانت ردة فعل أحد الحرس على كسر الزجاج الشتم. تناهت أصوات صراخ الفتيات من منام 9 و كسر الزجاج و شتائم الحرس.كنا نركض الى منام 6 و نضرب. قبضوا على فتاة اصفهانية شعرها أحمر. كانوا يجرونها من شعرها و يضربونها. دخلنا باص الحرس و جلسنا قليلا. كنا ندعو الله أن يزيد العدد حتى تقل التهم عنا. كانوا يقبضون عليهم خمسا خمسا. من دخلوا في الأخير كانوا يرتدون الثياب. كان بينهم وحيد أميدوار و أكبر مشهدي. كان مسعود كرمهئي و مسعود صالحي و منجهر براتي و آخرون حيث أرسلتهم عوائلهم مع الثورة الى أوروبا. دخل أحد الحرس الى الباص و قال: " يا أبناء الكلاب الآن سوف نأخذكم و بالبيض و القناني و ... ثم نخرجكم من الجامعة و نطبع اسماءكم في الصحف!" كنا 44 شخصا، نحفاء و سمان، دون ذنب و مذنبين. قالوا: " لا تستحقون الذهاب بالباص، اغربوا الى تلك السيارة!" كانت شاحنة عسكرية و كل من يريد الصعود إليها عليه شد السلك الحديدي إما في رأسه أو على بطنه. حين أردت الصعود نزل السلك و في صعودي صدمت ظهر مسعود كمرهئي- كان نحيفا جدا- بكى و حزنت من أجله.

لم يكن هناك مكان في الشاحنة، كنا فوق بعضنا. جلس شاب لبق اللسان على رجلي. خفت و رجفت رجلاي مثل آلة الخياطة. كان رقيبا باسم شجاعي. أحد الشباب الذي فقد نفسه أخذ بالتقرب منه و قال: " يا رقيب أنت من هذه اللحظة لديك 44 خادما. 44 رفيقا. نحن مستعدون من هذه اللحظة لكنس بيتك!" كنت أتهوع من كل ما يتصل بالتمرد. بعد ساعة وصلنا الى المدينة. لكننا لا نرى شيئا.دخلت الشاحنة الى بناية. لا أعلم هل كان مخفر الشرطة أو مقر الساواك! أخرنا نصف ساعة. سحبوا غطاء الشاحنة. سحب شخص منهم كل من في الشاحنة. أخذوا شخصين أحدهم صاحب لحية كثيفة. و قال: " لا شغل لنا مع البقية، أعيدوهم." كانهم أعطونا العالم. كنا نتجه الى الجامعة و لكن خفنا مع قدوم باص نحونا متجها الى مخفر همايون شهر. لم نتجاوز 18 عاما. كان الوقت ظهرا و الجو باردا. وصلنا الى باحة المخفر و جلسنا هناك عرايا، بدأت شتائم الرقيب. لم نكن نخاف تهديده، كنا نرجف من البرد، و لكن قلبي يقول لي لقد تخطينا الخطر. لا غداء. كان وقت أذان الظهر. لم أكن ملتزما بالصلاة ، و لكن فجأة باتت الصلاة هاجسي في البرد هذا. نهضت، توضات و وقفت عاريا جهة القبلة. وضع رقيب جزاه الله خيرا بطانية عسكرية على كتفي. كانت يداي تألماني. صليت بخوف و رياء و غرور. وقف الشباب خلفي و بت بسرعة أئمهم.

نزل الليل، لا شئ جديد، جاء الدكتور أمين و ذهب ليتحدث مع قائد المخفر. طال الأمر لساعة. صبروا حتى تظلم الدنيا. عدنا الى الجامعة. أي حالة كنا فيها! إحتواني كبرياء الشباب و الثورة. كنت أفكر في البنات أيضا. كنت أفكر مع نفسي كم سهل أن تكون قطب العالم!

أشعل الشباب النار في الباحة. خرج الجميع الفتيان و الفتيات المتمايع منهم و أصحاب اللحى و الشوارب، لا فرق الآن من أرتدت العباءة و من لم ترتديها. تجتاحني نظرات الشهرة و الكبرياء بينما حلقات الدمع تنزلق على خدي. تورمت ذراعي و كانت امتيازا للظهور. أخلوا خلف منامنا 10 ليكسروا أبهة الاستقبال، عرف الشباب بالخطة و هجموا علينا. سرنا وسط التصفيق و الرقص الى مطعم 9 و 10. أحدهم يشكرني و الآخر يقبلني و آخر يداوي ذراعي. تسلل إحساس الثورية من تحت جلدي الى كل جسدي. أي دغدغة كانت! أعجبتني.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4211



http://oral-history.ir/?page=post&id=5979