القائد العجيب لكتيبة 139
حاوره: أمين كياني
ترجمة: أحمد حيدري مجد
2016-08-15
العميد الثاني اسكندر بيرانوند من قادة جيش الجمهورية الإسلامية الإيرانية. دخل في العام 1961 الثانوية العسكرية وثم التحق بالجيش. وكان في عمليا الفتح المبين (1982) قائداً للواء 84 في منطقة دشت عباس وكان له دور مهم في عدة مواقع جغرافية. وقد خص موقع التاريخ الشفوي بهذا الحوار.
نبدأ من دخولك اللواء في مدينة خرم آباد.
في العام 1981 سلموني قيادة لواء خرم آباد. كان قبلي ضابط باسم العقيد حسن رضا كلانتري، كان انسانا شريفا. في البداية رفضتُ. طلبوني في طهران، قال لي الشهيد صيادي: "يا سيدي نظامنا نظام إسلامي، أي تكليف، وقد أصدرتُ أمراً وعليك قبوله." قلتُ له حاضر وقبلت.
لم تكن أوضاع اللواء جيدة. ما هو إلا كتيبة ونصف. ورغم أنّ كلانتري جمع كتيبة، لكن تفصلها مسافة عن كتيبة مستقلة وكاملة. تقبلت المسؤلية وجمعتُ الكتيبة. جمعت القطاعات المعطلة، كان لواء في باوه، أحضرته وبات تحت أمرنا. كان تحت أمر قائد القوات الأرضية الشهيد صياد شيرازي. ولو كان الإمام الخميني (ره) قد ذاب في الله، فصيادي قد ذاب في الإمام. والخلاصة طلبتُ منه أن أجمع اللواء وأقويه. وأن يسلمني جنودا أكثر.
وفي عمليات الفتح المبين أوصلت اللواء إلى كتيبة من ركاب الدراجات النارية المزودة بالآربيجة وكان له تأثيره. في يوم جاء شاب من طهران وقال: "ما هي مطالباتك؟" قلتُ: "هل ستفعل كل ما أطلبه." قال: "نعم." قلتُ: "أريد 500 دراجة نارية." قال: "أكتب طلباُ لأسلمك 250 قطعة."
مَن كان هذا الشاب؟
نسيتُ اسمه، كان من طهران وفي مثل سنك (25).
هل كان من الجيش؟
لا، كان تاجرا، سعدتُ جدا. قلتُ: هل أنت جاد؟! ولم يطل الأمر أكثر من عشرة أيام على وصول 250 دراجة نارية.
هل كان هذا قبل عيد النوروز العام 1982؟
نعم قبل العيد، كنا في ترتيب عمليات الفتح المبين.
لم يكن المقر قد شُكل بعد؟
شُكل المقر، ولكن ليس بصورة يمكن للكادر أن يستقر فيه. بعد أن شُكل المقر ذهبتُ الى الشهيد صياد شيرازي. قال لي: "سوف أسلمك كل ما تطلب، إجعل اللواء أكثر قوة." شكرتُه وقلت: "أريد ما يُقارب ثلاث آلاف جندي!" رحمه الله، أرسل ثلاث آلاف جندي أو أكثر. قال: "يا بيرانوند، أرسلتُ لك ما تريده لنرى ما ستفعله."
نظمناهم، مثل لواء شاه مراد نقدي كان أفضل لواء. نظمنا الصفوف بأفضل صورة. وسلمتُ لواء الدراجات الى الشهيد نقدي وكان ضابطا. قلتُ له: "نقدي، ليكن على كل دراجة نارية شخصان، أحدهما سائق والثاني حامل للآر بي جي. عليهم المناورة للوصول الى الدبابات العراقية. ينهون مهمتهم ويعودون." كان لدينا من الوقت شهرين وقد أعدّ اللواء بصورة تجعل الانسان يستمتع به.
الشهيد نقدي؟
نعم، الشهيد نقدي، رحمه الله. بعد أن شكل اللواء، وجّهنا انظارنا الى الرتل. كان وضعهم بائس. وأكملنا وضع الرتل المتحرك، وأرسلنا لنا الشهيد صيادي خمس مكانيكية.
هل كنتَ في عمليات الفتح المبين قائد اللواء؟
كنتُ قائد اللواء المستقل، وتغير تقريبا الى قوة جيش.
كنتُم تحت إمرة أي مقر؟
مقر القدس.
من كان قائد المقر؟
العقيد أمرالله شهبازي. وكان مساعده معين وزيري. كان كردياً. ورغم أنّ العقيد شهبازي أصيب بأزمة قلبية لكنه كان يحضر الى المناطق الحربية. في بداية الحرب مع العراق حين هجموا على نهر الكرخة، وبمعية العقيد شهبازي، وقفنا أمامهم لأربع أيام. استقر ضباطنا في ثلاث محاور لمنعهم من العبور.
أين كانت كتيبتكم مستقرة؟
في مولاب، بقرب منطقة دره شهر، يُطلق عليها أرض مولاب، ويُطلق على جبلها جبل مولاب. مولاب ماء شحيح ويخرج من صخرة، بالطبع لم يكن ماء يمكن استخدامه.
أين كان مقر الكتيبة؟
بالتحديد فوق جبل مولاب، تفصلنا عن مقر القدس 700 مترا. كنا في المقدمة. كان لدينا سيارتان جيب. في إحداها لاسلكي المقر، وفي الثانية لاسلكي الجيش، مع كل اتصال اغير السيارة.
أين كانت الألوية؟
كانت الألوية في البداية في حالة دفاع. هناك سبع آبار نفط من دهلران وحتى أبو غريب. كانت مستقرة أمام دشت عباس. رابطنا في مرتفاعات كمرسرخ وتلال سرخ. وفي ليلة العمليات جمعناها كلها. كان قائد الكتيبة 139 الشهيد نقدي وقائد الكتيبة 182 العقيد علي نشاطي، وهوالآن جنرالا.
هل كنتَ تتفقد أماكن الكتائب. كيف تقيم الأوضاع، هل كنتم تأملون بالنجاح؟
حين كنتُ أتحدث ويرد عليّ طاقمي، أعرف أنّ نفسياتهم عالية. يؤخذ القائد معنوياته من طاقمه وكانتُ كلي أمل في الانتصار.
مع أيّ الألوية كنتَ على اتصال؟
بالجانب الأيسر كان لواء دزفول. وجاء لواء بقيادة القائد قاسم سليماني وأدغم معنا وذهبتُ الى لواء ثار الله لأخطب بهم.
كيف كان مكان اقامتكم؟ هل كانت خيام أم بناء؟
كانت حصون صغيرة. لم نستخدم الخياط قط، كنا نقيم الخنادق.
في الليلة الأولى أُصدر أمر الهجوم، ولكنه ألغي...
نعم، أعتقد كانت الساعة الواحدة والنصف، وألغي في الساعة الثانية. قالوا لنا أينما كنتم لا تبارحون مكانكم. كنا نتبع أوامر مقر القدس.
ما الحالة التي أصابتكم؟ كا الحالة التي اعترتك؟
حين أخبرونا بالغاء العملية أردت ضرب رأسه بمطرقة. كل تعبنا هذا، ولا نقوم بعملنا ماذا يعني هذا؟ بقينا حتى جاء أمر عمليات الليل.
هل ظننتَ أن العمليات ألغيت؟
إعتقد أنها ألغيت بصورة كاملة. حتى حين تحدث معي الضباط قلتُ لهم: أنا غاضب جدا، لا تتحدثون معي الآن. حين دخلت لأرى نفسية الشباب، كان الجميع حزينا. ذهبتُ أيضا الى لواء 139 و182، كانوا حزينين.
متى عرفت أن العمليات سوف تنطلق؟
في الساعة الثانية ظهرا أخبروني من مقر القدس أن لا أغضب، هناك أمر في الطريق قادم.
في عمليات الفتح المبين أي لواء كان في المقدمة؟
الشهيد نقدي. سلمنا المرتفعات له. ورغم أنّ الفاصلة كانت أربع وعشرين مترا ولكنه بشرنا بأنه سيطر على الأهداف. كان العدو يبرز حساسية كبيرة على المدفعية وسيطر عليها كلها الشهيد نقدي، قلت لهم آخر أهدافنا تلال 202.
كان خلف إخوتنا الحرس مرتفعات والعدو مستقر فيها ووضعتُ الضابط سوف وند هناك. قال نقدي: سيطرنا على المدفعية بصورة كاملة وكل ما حولها. ذهبتُ الى يوسف وند، وكان قد قبض على أول أسير. بعدها ذهبت الى نقدي، وكان بين يديه 4500 قطعة كلاشنكوف.
حين أخبرك اللاسلكي أنهم كسروا خط العدو، ما هي الحالة التي سيطرت عليك؟
كنا سكارى من الانتصار! ذهبتُ الى الجانب الآخر من الطريق وصليتُ وبكيتُ. ثم عدتُ. قلتُ لهم: نقدي ماذا سنفعل بها؟ قال: لنغير مكانها، فقد ننهزم، من المؤسف فقدها. أخرجنا كل الأسلحة ونقلناها خلف تلال سرخ (التلال الحمراء). تركنا الدبابات ووضعنا أقفال أخرى الخنادق.
هل وصلت بقية الألوية الى اهدافها؟
سيطروا على كل أهدافهم.
كم شهيد أعطى اللواء في عمليات الفتح المبين؟
(بقي صامتاً) العقيد نقدي و قادة الفصائل ومساعد الفصيل وأكثر من ستين عسكري. في اليوم الرابع من العمليات أخبروني: "لا نجد نقدي الوضع خطر جدا." ذهبت مع رئيس الاستخبارات العسكرية. لا أذكر اسمه، العقيد لاغري. لم يكن نقدي، ما الذي سأفعله يا إلهي، الى أين ذهب نقدي؟ عاد شخص وهو الشاهد الوحيد على شهادة نقدي قال: ما إن دخلنا 15 مترا الى الأراضي العراقية بدأ اطلاق نار كثيف، وأصيب نقدي في صدره ورأسه. وكان معه ضابط أيضا وقع معه، الضابط نيازي.كان حامل اللاسلكي هو الوحيد الذي عاد. تلقى ثلاث رصاصات، وبعدها قررنا استعادة جثته.
بعد شهادة نقدي ما هي الأجواء التي سيطرت عليكم؟
أعتقد أن من يعرف نقدي، بعد شهادته، لم يبكِ عليه. لأنه كان طيباً ومخلصا. نقدي كان ضابطاً عجيبا. إستشهد في عمليات الفتح المبين وهي نفسها التي كسرت ظهر صدام.
عدد الزوار: 4954
http://oral-history.ir/?page=post&id=6523