أطلقت هذه السيدة علي «الأسير» مسمّي الشخص «الحر»

محمد علي فاطمي
ترجمة: هادي سالمي

2019-01-25


خاص موقع تاريخ إيران الشفهي ـ توفّيت السيدة بهجت افراز في تاريخ الـ 12 من جولاي لعام 2018م. وفقاً للمؤسسة التي خدمت فيها:«تمّ تعيين الراحلة من قبل الراحل الدكتور سيف الله وحيد دستجردي، رئيس جمعية هلال الأحمر لجمهورية إيران الإسلامية كمسؤولة لدائرة الأسراء والمفقودين في الحرب المفروضة حيث عملت منذ أوائل عام 1985م حتي نهاية عام 2002م لتقديم الخدمات في هذه الدائرة للأسري و أسرهم وأيضاً لعوائل المفقودين إبّان سنوات الدفاع المقدس».

عندما تم إهداء جائزة كوهر شاد العالمية للسيدة بهجت أفراز في عام 2017م، قدموها للجائزة علي النحو التالي: «وُلدت في عام 1934م، حصلت علي شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من جامعة الشهيد طباطبائي، كانت لفترة 18 عام مديرة إدارة شؤون الأسري والمفقودين في جمعية هلال الأحمر، لُقّبت بأمّ الأسري من قبل سيد علي أكبر أبوترابي فرد، كانت مناضلة قبل الثورة في تأميم صناعة النفط والثورية الإسلامية، من ضمن المتبرعين والمتطوعين في بناء المدارس، مديرة مدرسة رفاه، تم اغتيال شقيقتيها علي يد المنافقين (الشهيدة رفعت افراز والشهيدة الدكتورة محبوبة أفراز)، كما قامت بترجمة كتاب «مكانة المرأة في الإسلام» وراوية (چشم تر) و«أم الأسري»، وأخذت علي عاتقها كتابة شرح وظائف ومهام إدارة الأسري والمفقودين لجمعية هلال الأحمر، متقاعدة من دائرة التربية والتعليم، حاصلة علي شهادية تقديرية من منظمة الأوقاف والشؤون الخيرية، بيع منزلها الشخصي ووقفه لبناء مدرسة وأيضاً مديرة مجمّع السيدة زينيب (سلام الله عليها) التعليمي، ناشطة ثقافية وأيضاً ناشطة في مجال شؤون البناء والإصلاحات الرئيسية في ضريح السيد عبداللطيف وسيد محمد في مدينة جهرم».

ذكرت السيدة بهجت افراز في بداية كتاب مذكراتها (چشم تر) أنّ هذا العمل يعتبر زاوية صغيرة من ذكرياتها طيلة 18 عاماً من نشاطها في دائرة الأسري والمفقودين في الحرب المفروضة علي إيران الإسلامية من قبل نظام صدام.

تبدأ مذكراتها في اليوم الأول للحرب (31 سبتمبر 1979) ومن قسم التربية والتعليم في مدينة كرج، وبعد ذلك ستكون هناك لحظات خاصة من اللقاء مع عائلات الأسرى والمفقودين في الحرب.

كما كانوا يزورنها للحصول علي أخبار من أسراهم أو مفقوديهم حيث تري السيدة أفراز من واجبها أن تقوم بما تستطيع تقديمه لهم. من التعاطف معهم حتي إبرام العقود مع المكاتب التي تقوم بصناعة النظارات للأسري الإيرانيين في داخل العراق لتصل إليهم عن طريق الصليب الأحمر. لكن أصعب اللحظات، كان لقائها مع أسر مفقودي الحرب الذين يأتون إلي هناك لتحرّي أخبار أبنائهم الذين فُقدوا في الحرب.

هذه اللحظات والمشاهد جعلت السيدة بهجت أكثر نبوغاً وخلاقية: « من خلال الرسائل التي تلقيناها، بالإضافة إلى التقارير المختلفة من السجناء المفرج عنهم وممثلي الصليب الأحمر، أدركنا أنّ سجناءنا الأعزاء في جميع مخيمات النظام البعثي العراقي لم يستسلموا لمطالبهم ولأوامرهم الجائرة، فقد حافظوا دائماً على احترامهم لذاتهم وبقوا شامخين رغم المحن هناك. وفي حالات مختلفة أثبتوا للعالم أنّ أجسادهم ربما تكون أسيرة لكن أرواحهم لم تستسلم لسلطان هؤلاء الأعداء، وفي نهاية المطاف يكابرون في سبيل العزة والشموخ والنمو الإنساني الرّفيع. مع هذه التفسيرات، لم أشعر أنني بحالة جيدة في كل مرة استخدم فيها كلمة الأسير لمراسلاتي مع العائلات أو المكاتب أو الوكالات الحكومية الأخرى. شعرت أنّ كلمة الأسير كان لها تأثيراً سلبياً غير مقصود علينا، والتي، على الأقل، لم تنطبق علي مقاتلينا الأسري الذين يتمتعون بنفسيات عالية وهمّة كبيرة. من هذا المنطلق قررت أن أستخدم مصطلح «الأحرار في الأسر» بدلاً من كلمة الأسير.هذا المصطلح لاقي استحساناً من قبل الكثيرين. حيث في عام 1991م وقبل إطلاق الأسري، عندما تم اتخاذ القرار في لجنة دعم الأسري والمفقودين، تم تشكيل لجنة لمتابعة شؤون هؤلاء الأعزاء، وتمت الموافقة حينها علي الإسم المقترح من قبلي أي «لجنة متابعة شؤون الأسري».[1]

في مذكراته، هناك أيضاً مثل هذه التقارير: «قبل تحرير الأسري الكبير، في 17 من أغسطس عام 1990م، كان لدينا 19 مجموعة صغيرة من الذين أطلق سراحهم.  في هذه المجموعة المطلق سراحها، سلمت الحكومة العراقية الأشخاص ذوي الإعاقة والمسنّين إلى جمهورية إيران الإسلامية. كان عدد الأشخاص الذين تم إطلاق سراحهم مختلفاً، من مجموعة تتكون من 18 شخصاً  إلى مجموعة تضم 100  شخصاً. في المجموع، تم إطلاق سراح حوالي تسعمائة سجين في هذه المرحلة المذكورة أعلاه.

بالطبع، في هذه الحالات، كان لدى صدام حسين العديد من الوعود التي لم تبصر النور علي الإطلاق، حيث انعكست سلبا  على السجناء أو العائلات التي كانت تنتظر إطلاق سراح أبنائها. علي سبيل المثال، كانوا يعلنون عن إطلاق سراح 50 شخصاً ويرسلون أسمائهم، ونحن بدورنا نخبر أسرهم لكي يستعدون لإستقبالهم، لكن عندما نذهب لإستقبالهم، نري أنه تم إطلاق سراح 30 أسيراً و20 منهم يتم إعادته من مطار بغداد . كان حقاً هذا يعتبر أسوأ نوع من التعذيب الروحي الذي تلقوه أسرانا والعائلات التي كانت تنتظر عودة أبنائها. أو، بعد ذلك ، حدد موعداً لإطلاق سراح عدد من السجناء، لكن عندما ذهبنا لتسليمهم، جاءوا من الصليب الأحمر وقالوا إنّ صدام عارض إطلاق سراحهم. كان هذا أحد أصعب الظروف التي حدثت بالنسبة لنا. من ناحية أخرى، جاءت عائلات هؤلاء السجناء لإحتضانهم ورؤيتهم بعد طول غياب، لكن تعود ثانية دون جدوي. كما كنا نقوم بتوفير برامج عديدة للإحتفاء بقدومهم وننسق مع جميع المنظمات والمؤسسات المعنية لكن نواجه هذه القضايا غير المتوقعة من قبل الجانب العراقي... مع هذا العمل الذي قام به صدام، كان الجميع - وخاصة العائلات - متوترين وغاضبين يعودون إلي منازلهم وأعمالهم ويواجهون بعدها ضغوطاً نفسياً عديدة.[2]

 

-----------------------

[1]دوست كامي،فاطمة،(چشم تر): ذكريات بهجت افراز،صوت الأحرار،2011م،ص 93 و94

[2] نفس المصدر،ص 107 و108

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3618



http://oral-history.ir/?page=post&id=8331