حوار مع الدكتور سيد رضى مرتضويان

أيام بعد العمليات

أحمد رضا أميري ساماني
ترجمة: حسن حيدري

2019-10-12


يترأس الدكتور سيد رضى مرتضويان في الوقت الراهن مستشفى الشهيد آية الله صدوقي في اصفهان. إنه طبيب يحمل ذكريات ثمينة عن عصر الدفاع المقدس، وكان مدير مستشفيين ميدانيين في مدينة چوئبدة في  (في نهر أروند) وعلي بن ابي طالب (عليه السلام) في آبادان إبّان أيام الحرب الصعبة. كان حاضراً في جميع فترات الدفاع المقدس في مناطق الحرب في جنوب وغرب البلاد على الإطلاق، وفي الوقت نفسه، غادر أكاديمية الهندسة الميكانيكية ودخل المجال الطبي. في ذاكرته، كانت ذكريات الحرب مختلفة تماماً. ذكريات النجاة والحياة، وليس الموت والنار، والتي تعتبرجوهر الحرب. كان الأطباء والموظفون الطبيون هم الذين ينقذون جرحى الحرب، حيث شهد أسوأ الحالات هناك وأكثرها إلحاحاً للمقاتلين في أول محطة بعد الإصابات الخطيرة التي يصابون بها. أدت التجربة نفسها إلى أن يصبح متطوعا في المستشفى ومديراً لمستشفيين ويدخل المجال الطبي من خلال هذه التجربة. تلقى الدكتور سيد رضى مرتضويان تعليما في علم التخدير والعناية المركزة من جامعة إصفهان وعمل كطبيب ومدير مستشفى لمدة عامين في محافظتي خوزستان وإصفهان. سمعت الكثير من الذكريات من سعادة الدكتور من خلال مقابلة أجريتها معه، لقد أعددت جزءاً من تلك المقابلة لجمهور موقع التاريخ الشفوي الإيراني.

 

من فضلك أودّ أن أتعرف على  سيرتك الذاتية.

بسم الله الرحمن الرحيم. أنا من مواليد 17 أبريل عام 1963م في مدينة إصفهان وبالتحديد حي العمال السابق (شارع سعادت آباد الحالي). كبرتُ في أسرة دينية وكان والدي يعمل في مصنع وطن للنسيج. كانت أسرتنا مكتظة حيث يبلغ عددها حوالي عشرة أبناء وأنا آخرهم. نحن أساساً ننحدر من شهر كرد وإسم كنيتنا دهكردي. لكن والدي جاء إلي إصفهان وأنا في العاشرة في عمري. لقد درست في ذلك الحي وحصلت علي الشهادة الثانوية هناك.

 

 

متي بدأت دراستك الأكاديمية؟

دخلت جامعة إصفهان الصناعية في فرع الميكانيك العام عام 1983م. بعد مرور فصلين، تزامن مع عمليات بدر. تمّ إرسالي ضمن قوة المشاة إلي منطقة مخفر زيد. كنت منذ أواسط شهر مارس من عام 1983م حتي 3 من دبريل عام 1983م في تلك المنطقة. أصبت بجروح في اليوم الأخير. بالطبع، قبل الجامعة، شاركت في تحرير مدينة بستان في عملية طريق القدس كقوة مشاة في عام 1981م وأصبت في الأذن واليدين. لكن في آذار (مارس) 1983، اشتبكنا مباشرة مع القوى البعثية. لقد تعرضت لموج التفجيرات وأيضاً لشظايا القاذفات دخلت في جسدي .جعلتني موجة الانفجار نفسياً، مضطرباً لفترة طويلة، وعصبياً، لكن ورغم أنني لم أواجه أية مشاكل مع الجامعة، إلا أنني تركت الجامعة شخصياً.

بعد التحسن، ذهبت إلى مستوصف الحرس الثوري. بعد بضعة أشهر، وفي أواخر العام، تم تعييني كمحاسب في مستشفى شهيد آية الله صدوقي المنشأ حديثاً. كنت أقوم بعمليات استلام المرضى والحسابات على حد سواء، كما يتم إرسالي كقوة إغاثية من قبل مستوصف الحرس الثوري  إلي مناطق الحرب، بقيت في المنطقة لمدة عشرة أشهر حيث أصبحت هوايتي فرع الطب علي إثر تلك الأعمال. لقد استقريت في آبادان. العميد فتحيان، قائد مستوصف الجنوب العسكري آنذاك، ومنذ لقائنا الأول أعلن أنه يريد إرسالي إلي مستشفي صحرائي في جنوب مدينة آبادان. كنت أظن أنه سيتم توظيفي في القسم الإداري أو اللوجستي كقوة عادية.علي أية حال، تقبلت ذلك وذهبت نحو مستشفي فاطمة الزهراء (س) في جوئبدة بأروند كنار. لكن وبمجرد وصولي إلي هناك، منحوني إدارة المستشفي. قلت لهم: أساساً لا أعرف شيئاً عن إدارة المستشفيات! قالوا: نعتقد أنك تعرف ذلك جيداً. كانت هي الأيام التي تلت عمليات والفجر ثمانية، وتم تفجير المستشفى قبل حوالي عشرة أيام. كان الجو فوضويا. عندما وصلت، لم يكن بالمستشفى مدير ولا رئيس. قبلي، كان الدكتور عوض حيدربور رئيساً للمستشفى، والذي أصيب بجروح بالغة وعاد إلى بسبب القصف الكيميائي الذي تعرض له. أصبحت مدير المستشفى، بدون رئيس. يقع عبء المستشفى على عاتقي، واضطررت إلى البدء في البحث والتعرف على الأشياء في جميع أقسام المستشفي. هذه هي الخطوة الأولى التي دفعتني إلى الطريق نحو العمل في مجال الطب.

ما هو الفرق بين رئيس ومدير المستشفى ؟

يكون الرئيس عادة شخصاً يشرف على المزيد من العمل الطبي التخصصي. على سبيل المثال، يقوم بتعيين جراح لغرفة العمليات، وتعيين طبيب طوارئ، وطلب أجهزة طبية لغرفة العمليات، ومراقبة الأطباء بنفسه، وما إلى ذلك. المدير هو الأكثر مسؤولية عن إدارة المستشفى. الإشراف على القوى العاملة والمرافق والتغذية والكهرباء والمياه والغاز والمرور وسيارات الإسعاف، وهذه هي من ضمن مسؤوليات المدير. لكن عندما ينعدم وجود رئيس أحياناً، كان عليه أن يتدخل في شؤونه. بعد حوالي عشرين يوماً من وصولي، حضر رئيس للمستشفى.

كم كان حجم هذا المستشفى؟ وماهي الإمكانيات والمرافق الموجودة فيه؟

كان أول مستشفى ميداني ينشأ بالخرسانة. قبل ذلك، تم بناء مستشفيين ميدانيين، مثل مستشفى الإمام الرضى(ع)  ومستشفى خاتم الأنبياء (ص)، بألواح معدنية. كانت أسقفهم عبارة عن ألواح معدنية يضعون فوقها التراب. كان ضعيفا جداً. لكن مستشفى السيدة  فاطمة الزهراء(س) بني بحلقات وإطارات خرسانية معززة تمتد من خمسة إلى ستة أمتار. أعتقد أنّ لدينا ست أو ثماني غرف عمليات. لقد مرينا من مرحلة الإطارات الرباعية وأصبح نفقاً يصل إلي غرفة العمليات. كما صنعوا هذا النفق والطرق الجانبية والفرعية عن طريق هذه الإطارات. وكان أماكن للراحة وتناول الطعام للموظفين، وهلمّ جرّا. كان هناك أيضاً بعض منافذ الإمداد التي تم فصلها عن المستشفى، مثل خزّان الديزل والمواد الغذائية وغيرها. تم تجميع قطع الخرسانة بشكل سري للغاية، وصُب عليها حوالي عشرة أمتار من التراب. حيث في إحدي المرات سقطت قنبلة قوية على سطح المختبر، وكسر السطح، لكن لم يصب أحد بجروح خطيرة ولم يصب سوى عدد قليل من الأشخاص بجروح نتيجة أمواج الانفجار.

كنت قريباً من الفاو،هل هذا صحيح؟

يفصل المشفى 24 أو 25 كيلومترات عن الفاو. كنا على الجانب الآخر من أروند والفاو يقع على الجانب الآخر. لقد تمت إستعادة الفاو من قبلهم قبل فترة وجيزة جداً حيث كان القصف العراقي تضاءل إلي حد كبير ولكن لا يزال هناك صراع. استمر القصف وكانت المنطقة نشطة من الناحية العملية. بعد نشرنا، بدأت عملية كربلاء 3 لتحرير رصيف الأمية والبكر، وسرعان ما قمنا بتجهيز المستشفى لاستقبال الجرحي . له الحمد لم يكن لدينا الكثير من المصابين، لكنها كانت حرباً بحرية على أي حال، ويتم نقل الغواصين وأصحاب القوارب الذين يصابون في المياه بالقنابل وقذائف الهاون إلى المستشفى. كما نقدم العلاجات الجراحية اللازمة و نعيدهم للخلف ثانية. بعد ثلاثة أو أربعة أشهر، بدأت كوادر جهاد البناء  إنشاء جسر البعثة علي نهر أروند. مشروع طويل ومحفوف بالمخاطر. العراق، الذي لم يرغب في إنشاء هذا الجسر، كان يقصفه كل يوم . لا يمر يوم دون انملاء المستشفى بإصابات جديدة. خاصة القوات الفنية والمهندسين من الحرس الثوري الذين تعرضوا للقصف في ظل وجود هذه المياه المتدفقة في نهر أروند.

كيف كان الوضع والمرافق؟

كانت لدينا مرافق جيدة. عند انتهاء العملية، سيأتي فريقان أو ثلاثة فرق جراحية كاملة (الجراحون وأخصائيو التخدير وفنيو غرفة العمليات وفنيو التخدير) وغرفة العمليات ستكون كاملة ومستعدة. لكن في حالة الدفاعات التي تُدار فيها الجبهة بشكل طبيعي، لم يكن لدينا سوى فريق من الجراحين، بما في ذلك الجراح وأخصائي جراحة العظام وأخصائي التخدير وطاقمهم. في كل مرة كانت هذه الفرق تأتي من مدينة ما، مرة من مشهد، ومرة أخري من شيراز، وأحياناً من طهران و ...

أتذكر أننا في عملية كربلاء الثالثة أعددنا ثلاثة مستشفيات. في هذا الوقت، انضم إلينا أيضاً أحد أصدقائي، وهوالدكتور مهرداد معمار زاده، كرئيس للمستشفى. لقد تعلمت الكثير منه. كان روتين العملية هو أنّ المقاتلين يهاجمون العدو في الساعة الواحدة أوالثانية ليلاً. وفي الصباح يبدؤون في إحضار المصابين. لقد أخذنا جولة حول المستشفى وفحصنا كل شيء. ولكن كانت الساعة الثانية صباحاً عندما قالوا: إنّ مياه الصرف الصحي طفحت إلي الأعلي وكانت غرفة العمليات ملوثة! فوجئنا بأننا فحصنا كل شيء، ذهبنا إلى غرفة العمليات وحشدنا كادر المنشآت. بعد ساعتين من العمل شاهدنا بعض الدمار قد لحق بما قدمناه من قبل للأسف الشديد ولم يكن واضحاً من هو الشخص الذي قام بزج مصل بقوة داخل الصرف الصحي. حسناً في ذلك الوقت، كانت هناك أيضاً قوى تخريبية من المعارضة والمنافقين الذين كانوا يتسببون بمشكلة بأي طريقة ممكنة. كان شبابنا في غرفة العمليات حتى الصباح وشعروا بالتعب الشديد أكثر من تواجد المقاتلين في العملية. بحلول الصباح، كان الأنبوب مفتوحاً وتم إصلاح أرضية الغرفة. قمنا بغسلنا وتطهيرها. الآن شعرنا بالتعب والإرهاق وأردنا أن نأخذ قسطاً من الراحة حيث تم نقل المصابين.

 

 

بأي حالة كانوا يأتون؟

كان لدينا بعض المصابين علي سبيل المثال قد تعرضوا لإصابة شظايا القذائف وتشققت عضلاتهم، كما هناك مصابين وهم في حالة سيئة ويدخلون في غيبوبة. لكن النفسيات كانت رائعة. كنا نقول للجرحى في كثير من الأحيان: كان علينا أن نذهب بكم إلى غرفة العمليات أو كان علينا أن نعيدكم إلى الوراء وكانوا يبكون ويقولون: قوموا بتضميد جراحاتنا لكي نعود إلي الجبهة. هذا الأمر كان يدل علي نفسياتهم التعبوية والحماسية في تلك الظروف الصعبة.

هل كنتم تعانون من قلة في الإمكانيات؟ أساساً هل كان ينقصكم شيئ؟علي سبيل المثال خيط الغرز أو الغاز أو دواء التخدير وغيره...

لا. كنا مدعومين حقاً وتم توفير كل شيء.

كيف كان نظام التدفئة والتبريد؟

كان لدينا مبرد. لقد قام الشباب في الإسكان وقسم الهندسة في الحرس الثوري بأعمال كثيرة. كانت مبردتان في جزأين من المستشفى. كنّا نعاني من سوء الاحوال الجوية. في بعض الأحيان، وعندما تتعطل محركاتنا الكهربائية أو تقصف، فإنّ المستشفى في تلك الحرارة والاضطراب في الطابق السفلي سيكون بحق بمثابة جحيم. كان لدينا أيضاً هواتف F-X يمكننا الاتصال مباشرة باصفهان.

ألم يحدث هجوم مباشر على المستشفى أثناء وجودك هناك؟

لا لم يحدث ذلك. كانت الهجمات قبل مجيئنا. (يضحك). في الأشهر العشرة الأخيرة، كانوا يخططون لعملية كربلاء الرابعة. لقد أدركنا أنّ عملية كبيرة جداً كانت على وشك البدء. كان لديهم مستشفى حرب يسمى علي ابن أبي طالب بالقرب من آبادان. في ذلك الوقت، كنا نسير في بعض الأحيان على طول طريق الأهواز. كان أكبر بكثير من مستشفى فاطمة الزهراء (س). رويداً رويداً ترك الدكتورمعمار زاده تدريجياً مستشفى فاطمة الزهراء (س) وتوجهت إلى المستشفى لتجهيزه للعمليات الجراحية. ذهبت أيضاً إلى العمل من حين لآخر ونصحتُ بالمعدات ومساحة الطوارئ الخاصة بها، أو عدد الأسرة اللازمة، وما إلى ذلك. عندما انتهى المبنى، ذهبنا إلى إصفهان وحضرنا مع الدكتور معمار زاده اجتماعاً إدارياً في كلية العلوم الطبية بجامعة إصفهان وأعلن أننا سنجهز هذا المستشفى الآن بالموارد البشرية والمعدات. حينها، كان الدكتور أحمد أكبري رئيس الجامعة. في ذلك الاجتماع، أعلن أنه يمكننا القيام بكل ما في وسعنا، لكن لم يكن لدينا الكثير من الإمكانيات اللازمة. كنت مسؤولاً عن الحصول على المعدات من قبل الدكتور معمار زاده. قدمني الدكتور أكبري برسالة إلى الدكتور محمدي، المسؤول عن المعدات الطبية والصيدلانية في جامعة أصفهان. كانوا يعطوننا بعض الأدوات التي نقلناها إلى آبادان بمساعدة من الدكتور محمدي، ستة شاحنات.  وكان معنا أخصائي أشعة وثلاجة في مختبرنا. تم تجهيز أكثر من ثلثي مستشفيات آبادان الحربية بنفس المعدات.

كم استغرق هذا العمل؟

استغرق الأمر من 12 إلى 13 يوماً ثم عدت إلى مستشفى فاطمة الزهراء (س) في جوئبدة، حتى الليلة التي بدأت فيها العملية، كان ومنذ المساء واضحاً أنّ العملية ستحدث.

عمليات كربلاء الرابعة؟

نعم. كانت الساعة الخامسة أو السادسة صباحاً. كان الطقس لا يزال واضحاً. اتصل بي أحد نواب العميد نصرالله فتحيان، (قائد مستوصف الحرس الثوري) من الأهواز وقال: "سيد، نريد أن نرسل الفريق الطبي. يجب أن يكون ذلك عند بدء العملية. ليس لدينا إمكانية الوصول إلى أي مكان ويتم قطع الأصوات. سوف تذهب لمعرفة ما إذا كان بدأ أم لا؟ واسمحوا لنا أن نعرف ما إذا كان قد بدأ ". شققت طريقي من جوئبدة  نحو آبادان. كنا نقطع الطريق في 45 دقيقة- ويزيدالوقت حسب القصف. قبل غروب الشمس بساعة ونصف الساعة وصلت إلي مدينة آبادان. رأيت السماء مليئة بالمنور. لقد أفصح عن العمليات وكانوا يطلقون المنور. استغرق وصولي إلي المستشفي حوالي ساعتين ونصف الساعة. لقد قصفت الطائرات المنطقة، من الطريق الرئيسي حتي الخطوط الأمامية.

 يجب أن يكون لديكم الكثير من المصابين.

نعم كثير جداً.عندما وصلنا، رأينا العمليات التي عادة ما ينقل مصابوها في أوائل الصباح الباكر، لم يمر ساعة منها، حيث كانت سيارات الإسعاف تقل الكثير من الجرحي والمصابين. لقد أبلغت الأهواز من هناك وقلت لهم سأبقي حتي أقدم المساعدات اللازمة. في بدء العمل، تقبلت مهمة إرشاد سيارات الإسعاف. (الحافلات التي قمنا باستبدال مقاعدها بفراش). كنت أضع الجرحى الذين كانوا أفضل حالاً في ركن من أركان الحافلة، مستلقين على الحشايا والباقون كانوا ينامون علي سطح الحافلة. عادة يكون ما بين عشرة إلى أربعة عشر مصاباً نائمين و 10 إلى 20 شخصاً جالسين في الحافلات. نرسل كل سيارة إسعاف مع اثنين أو حتى ثلاثة جرحى. في الشفق، كانت  طائرات الهليكوبتر تأتي للمساعدة في نقل المصابين. تخيل أنّ أرضية المستشفى كانت مليئة بالمصابين الذين طال انتظارهم في انتظار السيارة وطائرة الهليكوبتر. من ناحية أخرى، كانت جميع غرف العمليات الثمانية في المستشفى نشطة. تمّ علاج عدد من الجرحى في قسم الطوارئ . أخذنا الباقي وأعدناهم إلى غرفة العمليات. كان هناك بالفعل أطباء لم يناموا لستة وثلاثين ساعة ومنهمكين بإجراء العمليات الجراحية للمصابين. كانت الممرضات والفنيون وأطباء التخدير على حد سواء. كما كانت لدينا مجموعة تسمى: أنصار الحسين (ع). كانوا يساعدون المصابين. كانت مهمتهم نقل المصابين بواسطة العربة، إلى غرفة العمليات أو إلى المختبر أو إلى المروحية وسيارة الإسعاف. لقد تعبوا كثيراً.. آخر ما استطعت فعله هو الركض والصفع على ظهره والقول ، "اركض يا بطل ، ما شاء الله ... يا علي ... أو..." وأحثهم على أخذ الجرحي الآخرين وبالطبع كنت أساعدهم بنفسي. عاد السيد فتحيان نفسه مع اثنين أو ثلاثة آخرين من المنطقة، وعندما رأوا الوضع، بدأوا في نقل المصابين. عندما بدأوا العمل، استعادت قوات الأنصار معنوياتهم. استمر هذا حتى ظهيرة اليوم الآخر من العملية.

ماهي الإمكانيات التي كان يتلقاها المصابون في المستشفي؟

نعم. كان لكل جيش أو وحدة مركز الطوارئ أو خندق أو مركز الإغاثة الخاص به حيث إذا أصيب شخص ما، يجب أن يتوقف النزيف أولاً، ثم ينقل إلى مستشفى علي بن أبي طالب(ع) بواسطة سيارة إسعاف. بالإضافة إلى غرفة العمليات، كان لدينا جراحان ربطا أجهزتهما بأحزمتهما متفقدين الجرحى وقاما بعمل حيوي. على سبيل المثال، إذا كان شخص لديه مشكلة في رئته  ويشعر بالاختناق،  سرعان ما يتم إجراء ثقب في رئته لتصريف الدم ويمكن أن يتنفس. تعمل قوات الخدمة، التي كانت مهمتها التنظيف، وكأنها سيارة. إذا جاء جريح وكانت الدماء تغطي المكان، وضعناهم في سيارة الإسعاف، وحين عودتنا وجدنا المكان نظيفا. ملاءات الدم، والملابس، والغاز، وأشرطة الدم، إلخ. يتم إلقاؤهم جميعاً تحت السرير محدثة فوضي. لكن بعد مرور 30 ثانية تري المكان نظيفاً. كان لديهم مسؤول شيرازي. كان يقودهم بلحن خاص، حسن حسين السرير رقم 3، حسين السرير رقم سبعة، محمود جواد السرير رقم خمسة. بعد مرور خمسة دقائق فقط تري السرير رقم خمسة جاهز لقبول المصاب الآخر. كما كانوا يقومون بعمل جميل. في المساء والمغرب، عندما يقل تدفق المصابين إلي المستشفي، فإنّ القوات التي تعمل في القسم اللوجستي، تجلس وتجهز المعقمات وأدوات التضميد وغيرها. لأنّ استهلاكهم كان مرتفعاً جداً. على سبيل المثال، قد نستهلك ربما عشرة الآلف حزمة في اليوم. حوالي عشرة شاش ملفوفة في ورقة. ثم يتم تعقيمها واستغرقت هذه العبوات حوالي 5 دقائق للأوتوكلاف وكانت جاهزة للاستخدام. هذه هي الطريقة التي نجبر بها النقص الموجود.

 

عندما تنتهي العمليات ويتم نقل الجرحي، هل بقيتم أم عدتم إلي المستشفي؟

بعد عمليات كربلاء الرابعة، بقينا حوالي أربعة عشر يوماً في المستشفي. من ثم ذهبنا إلي إصفهان وبقينا يوماً أو يومين حيث أبلغنا الدكتور معمار زاده عن قرب انطلاق عمليات (كربلاء الخامسة) ويجب أن نعود إلي آبادان.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 3199



http://oral-history.ir/?page=post&id=8826