الفرق بين الذكري والتاريخ الشفوي

علي رضا عبد الرحمان
المترجم: السيد محسن الموسوي

2025-10-17


نهنئ إصدار أسبوعية التاريخ الشفوي الإلكترونية السبعمائة لناشطي هذا الموقع الساعين. وبهذه المناسبة، وبناءً على طلب السيدة الفاضلة، رئيسة التحرير، السيدة كمال الدين، التي بُني هذا الموقع بفضل جهودها، تُقَدّم للقراء والمتابعين نقطتان حول التاريخ الشفوي.

  1. على الرغم من وفرة مصادر البحث وتنوعها، وعرض التصنيفات النظرية حول القضايا التي يثيرها التاريخ الشفوي، لا يزال الخلط واضحًا في كثير من العبارات بين الذاكرة والتاريخ الشفوي من حيث التعريف والإدراك، ولا يزال التمييز بينهما غامضًا لدى البعض. ولعله من الأفضل القول إنه في حين أن أوجه التشابه والعلاقات بينهما واضحة للكثيرين، فإن الاختلافات والاختلافات بينهما ليست واضحة بنفس القدر.

ومن الجدير بالذكر أن وجود فرق بين الذكري (بما في ذلك الذكري الشفوية المكتوبة وحتى الذكري المكتوبة لما سئل وسمع) والتاريخ الشفوي لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر، لأن كل واحد من هذين "المتذكر" و"المسترجع" له أهميته وصلاحيته الخاصة ويوفر للباحثين موضوعا خاصا. الذكري (سواءً كانت منطوقة أم مكتوبة) مبنية أساسًا على "أنا" صاحبها. ولذلك، فهي في جوهرها سردٌ لذات صاحبها، وبالتالي، لصاحبها. نحن في الذكري، نتعامل مع حدوده الداخلية والإرادية. بمعنى آخر، تتشكل الذكري وتولد بناءً على إدراك صاحبها للأحداث واستقباله لها وسرده لها.

إن العنصر الأساسي في الذكري هو "أنا" صاحب الذكري، والذي يترك أثره على ذهنه ولغته، سواء أكان ذلك عن قصد أم لا، حتى وإن أخطأ صاحب الذكري في سرد ​​مشاهداته وسماعه، ووصف أفعاله وتقصيره، عمداً أم بغير قصد، بعلم أم بجهل، أو حتى بتعمد عدم قول الحقيقة، وخلط بين الخيالات والافتراءات المتنوعة في سردياته. والكذب الواضح لا يخلو من سبب في مثل هذه الروايات، وهو مفيد للباحثين بشكل خاص، ويكشف بعض الحقائق.

إن أي نوع من التدخل الجمالي/الأدبي في مثل هذه "الميراثات" يسبب الشوائب والتلف وفقدان هذه الهوية بين الراوي والراوي أو النص والموضوع. المعالجة الأدبية الثانوية للذكريات أمر مختلف. في هذا السياق، تُعدّ الذكري دليلاً على الراوي/صاحب الذكريات، وليس حتى ادعائه. في توصيف شخصيات الأحداث وفي الطريق إلى تحقيق الاكتشافات التاريخية والثقافية، ثمة حاجة ماسة إلى هذا النوع من المواد النقية أو غير الممسوحة.

لكن في التاريخ الشفوي، يصبح النص ذا أهمية بناءً على سؤال المؤرخ، والمستجوب هو من يُشرك كاتب الذكريات في الحوار كدليل أو شاهد. وهكذا، تُشكّل مقابلة المؤرخ المحترف بنية النص.

هنا، فإن التركيز على "كونه محترفًا" و"كونه مؤرخًا" يعني أن المؤرخ المستفسر ليس مستمعًا سلبيًا، بل هو باحث نشط يتم إنشاء نصه وعمله من خلال أسئلته. يشير هذا القول إلى أنه خارج الفناء الخاص لعقل كاتب المذكرات، فإن القضية التي تشغل ذهن المؤرخ الباحث، والتي يسعى إلى تحليلها وفك شفرتها من خلال طرح الأسئلة على كاتب الذكريات، تلعب في كثير من الأحيان دوراً أكثر جدية في ظهور النص النهائي.

لا مانع لديّ من القول إن المقابلة في القضية المذكورة هي نوع من الاستجواب القائم على المقابلة الاستنتاجية. إن كلمتي "استجواب" و"مناظرة" لا تحملان نية حسنة ولا كرامة، نظرًا للخلفية الفكرية لشعبنا فيما يتعلق بالأنظمة القضائية. لكن هذه الكلمة، بمعناها الحقيقي، تشير إلى حوار يتناول القضية. مع أن قلةً من الناس يستخدمونها بهذا المعنى، أو بالأحرى، قلّةٌ من الناس يُدركون بوعي أن أسئلة "كم" و"كيف" و"لماذا" في الاستفهام تُساعد على فهم الأحداث بما يتجاوز الروايات أحادية الجانب.

باختصار، في التاريخ الشفوي، يكمن الجهد الرئيسي في فهم الحدث، وفي هذه الحالة، يكون المؤرِّخ الشفوي هو المُؤَرِّخ. وبالطبع، لا ينفي هذا التوضيح ترابطَ أطراف الحوار ومشاركتهم فيه، ودورَ تفاعلهم الفكري في نشوء النص النهائي وصلاحيته.

  1. وفي الآونة الأخيرة، لاحظنا أن المنظمات والمؤسسات والمجموعات التي شاركت في الثورة والحرب تحاول إنتاج نصوص وتسمي أو تعتبر نتائج محادثاتها أو مقابلاتها مع السلطات السردية للأحداث "تاريخًا شفهيًا". لكن الواقع هو أنه يجب أن نكون حذرين في نسب هذا النوع من "حفظ السجلات" و"التعبير عن الذات" من جانب النشطاء إلى "التاريخ الشفوي" وعدم اعتبار أو قراءة أي نص تم إعداده في سياق الذكريات الشفوية من الشهود والجناة على أنه تاريخ شفوي، حتى لو كان له قيمة محتوى كبيرة. لأن الاستمرار على هذا النحو يضع مصطلح "التاريخ الشفوي" في مأزق الاستيلاء ويبعده تدريجيا عن معناه الحقيقي والدقيق.

إن التساؤل والبحث في "ما حدث"، وما ينتج عنه من تحليل للبيانات والنتائج، لن يجد سياقًا تاريخيًا إلا خارج سياق الانتماء وتقمص الأدوار في الأحداث. هذه اللحظة، بالطبع، صعبة التحمل، لكن تقبّلها كفيلٌ بإضفاء مصداقية على إنجازات الباحثين المستقلين البحثية لدى الخبراء.

 

النص الفارسي



 
عدد الزوار: 35


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الفرق بين الذكري والتاريخ الشفوي

ومن الجدير بالذكر أن وجود فرق بين الذكري (بما في ذلك الذكري الشفوية المكتوبة وحتى الذكري المكتوبة لما سئل وسمع) والتاريخ الشفوي لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر، لأن كل واحد من هذين "المتذكر" و"المسترجع" له أهميته وصلاحيته الخاصة ويوفر للباحثين موضوعا خاصا. الذكري (سواءً كانت منطوقة أم مكتوبة) مبنية أساسًا على "أنا" صاحبها.

الفرق بين الذكري والتاريخ الشفوي

ومن الجدير بالذكر أن وجود فرق بين الذكري (بما في ذلك الذكري الشفوية المكتوبة وحتى الذكري المكتوبة لما سئل وسمع) والتاريخ الشفوي لا يعني بالضرورة تفضيل أحدهما على الآخر، لأن كل واحد من هذين "المتذكر" و"المسترجع" له أهميته وصلاحيته الخاصة ويوفر للباحثين موضوعا خاصا. الذكري (سواءً كانت منطوقة أم مكتوبة) مبنية أساسًا على "أنا" صاحبها.

كان يضحك عوضا عن البكاء

روته: مهين خميس آبادي
عندما أعلن الجهاد أننا سنذهب لجمع الثمار، لم نستطع ترك أطفالنا في المنزل وحدهم؛ فقد كانوا صغارًا جدًا. في مثل هذه الأوقات، كان خادم الله أكبر آغا يستأجر سيارة أكبر ليسع الأطفال. كنا، نحن النساء، من عشر إلى عشرين امرأة، نجتمع ونعمل بجد لجمع الثمار من الأشجار ووضعها في الصناديق.