مهران، مدينة المرايا ـ 32

خسرو محسني
ترجمة: حسن حيدري

2022-6-7


إذا تأخرنا، لأصبحنا جميعاً كمسحوق. أخبرت كيخا وعامل اللاسلكي بالنزول. نزلوا وبدأوا يركضون نحو الشباب. حيثما نظرت، لم أجد مأوى للسيارة. تركت السيارة وبدأت أركض باتجاه الشباب المتواجدين. في ذروة المرتفعات، حيث دُمِّرت سيارتنا الجيب، ناداني الشباب  وذهبت إليهم. كانوا يجلسون داخل خندق. وكان وحيد شهسواري، نائب رئيس وحدة إطلاق الصواريخ يصلي هو الآخر داخل الخندق نفسه. كان الخندق صغيراً ولم يكن هناك مكان لي. صعدت إلى المرتفعات دون انقطاع. لم يكن هناك حصن في الأعلى. في أي لحظة كانت تسقط قرابة 30 قذيفة هاون على الأرض. كانت نيران العدو ثقيلة للغاية وفي أي لحظة يمكن أن تخترق جسدي آلاف الشظايا. رأيت خندقاً على بعد 50 متراً بين القوات المحلية والعراقيين. ركضت نحو ذلك الخندق. أطلقت باتجاهي وابل من الرصاص. لكنني وجدت نفسي في خندق. حل ظلام الليل. دخلت الخندق. كان الخندق مُحكما. كانت هناك أيضاً بندقية قابلة للطي داخل الخندق. بعد أقل من دقيقة لوصولي، سقطت قذيفة هاون عيار 120 أمام الباب. ولأنّ الخندق مصنوع من الخرسانة لم يتضرر علي الإطلاق. لم يدخل الخندق سوى غبار الانفجار، وفي لحظة أصبح الخندق مظلماً ومليئاً بالغبار. كنت على وشك الإختناق. كان عليّ أن أحمل سلاحي وأقفز من الخندق. أثناء مغادرتي، كان ثلاثة رجال يركضون نحوي بالقرب من نفس الخندق، وأصابتهم قذيفة هاون وألقت كل واحد منهم جانباً. بدأت في الجري والبحث عن معقل ما. لم أكن على بعد 50 متراً من الخندق حتى سمعت صوت قذائف الهاون.

في لحظة أصابتني حوالي 10 قذائف هاون. كان المكان مليئاً بقذائف الهاون. فجأة شعرت بحرقة وألم شديد في رجلي. نظرت إلى قدمي. شظت الشظية سلاح يدي إلى قسمين، وكفي ممزقة. لو لم تصيب الشظية السلاح نفسه لبُترت رجلي اليمنى. نظرت إلى البندقية. بجانبها رأيت أصابع يدي تسقط على الأرض مثل ذيل ثعبان مقطوع! داخل ذلك الأخدود، وبين القوات المحلية والعراقية، كنت أنا وذراعي المبتور وقدمي المصابة. كنت أنتظر حتى أفقد وعيي. فقدت أنفاسي ولم أستطع المشي. بجهد جهيد، وصلت إلي القمة. رآني شباب الدوشكا. أول من جاء إليّ هو "أحمد أحمدي" [1].عندما رآني هز رأسه وصرخ. جاءني ثلاثة أشخاص آخرون وأخذوني إلى خندق الدوشكا. صدم الجميع برؤيتي في تلك الحالة. أحضر كيخا السيارة وعدنا. كنت أتألم بشدة. عندما وصلنا إلى حقل الألغام، كنت أخشى أن يصبح كيخا ضحية الألغام مع إطفاء الأنوار. نزلت من السيارة وكنا أمامها مع حامل اللاسلكي وعبرنا حقل الألغام من خلال إرسال إشارة إلى السيد كيخا. كنا نتحرك تحت قذائف الهاون ومدفعية العراقيين - على طرق ترابية مليئة بالمطبات وبدون أضواء - عندما وصلنا إلى هناك، أخذني كيخا وأحمدي إلى غرفة الطوارئ.

تحرير مهران والإبتسامة السعيدة التي زُرعت تعلو شفاه المظلومين من هذه المدينة الحدودية كان احلى من حزني علي فقد يدي. اليد التي ضحيت بها في سبيل الله.

 

النهاية

-----------------------

[1] أحمد، راقد الآن إلي جانب أصدقائه الشهداء.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 1346


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة