المخترق

كتاب " إبن كرماشاه" تأليف معصومة جواهري

جواد كامور بخشايش
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2015-12-22


أحد أغمض الفترات في نظام الجمهورية الإسلامية، هي فترة مواجهة نظام حديث الولادة المنافقين و الجماعات المناهضة للثورة حيث بعد العامين من انتصار الثورة، خرجوا مثل الفطريات في نقاط مختلفة من البلاد و دخلوا في عمليات و ارتكبوا جنايات عديدة. في هذه الأثناء، و أكثر من البقية، كانت مدينة كرمانشاه، و بسبب موقعها الاستراتيجي، باتت نقطة مناسبة للعناصر و الفرق المناهضة هادفة الى تحطيم النظام، عازفة على لحن العمل المسلح. هذه الجماعات و العناصر، و بالطبع لم يكن لها قاعدة شعبية، مدعوة غربيا اعلاميا هدفت الى ادخال الشباب فيها، بين المدن و القرى أو تقوى في قلب الجبال و الصحاري، مرتكبة الكثير من الجرائم. قاموا بقتل الكثير من الناس دون رحمة و العسكرين أيضا مما أدى الى عدم تحقق أهدافهم. قد يكون أفضع عمل لهم هو قطع رؤوس الجنود و الضباط حيث سبب خوفا كبيرا بين الناس و سلط قوة النظام القائم حديثا على مواجهة هذه الجماعات. من بين هذه الجماعات و الأحزاب، الحزب الديمقراطي و حزب الكوملة و هما حزبان مدعومان غربيا  و مدعومين من قبل حزب البعث العراقي و كان الأكثر بروزا من بقية الأحزاب مستقرين في عدة مناطق من كردستان، هادفان الى استقلال كردستان عن إيران بجدية و ضرب نظام الجمهورية الإسلامية. الحزبان و عبر حركات تخريبية أحدثوا الكثير من الدمار في البنى التحتيتة و المراكز و المدن و القرى في كردستان، و قتلوا الكثير من المدنيين و أخلوا بالأمن.

كيف كانت مواجهة المراكز المهمة في النظام مع هذه الاحزاب و الجماعات المتدخلة. كان لحرس الثورة الإسلامية، في هذه الأثناء، دور جاد في المواجهة. و كان لمن في قسم الاستخبارت و الأمن دور مهم، و استطاعوا معرفة الجذور الأساسية لهذه الأحزاب و تتبعها، و استطاعوا عبر عمليات مختلفة أن يكسروا بنية الجماعات و المنظمات و الأحزاب المذكورة و بالطبع استشهد الكثير منهم في هذا السبيل. و قد حصل الجنود المجهولون للجمهورية الإسلامية و الشعب على " الأمن و الهدوء" حاصلين على لقب " أعين الثورة الإسلامية السماوية" بكل جدارة.

و من المهم و الضروري تقديم هؤلاء الشهداء الأعزاء كنموذج قيم للمجتمع، حيث حصلت عدة بحوث جادة لتحقيق ذلك، و أسس مركز تحت اسم " مركز تقدير القدامى". يقوم هذا المركز غير الحكومي طوال أعوام نشاطه على تقديم شهداء الجهاز الامني و شهداء البلاد المجهولين، في اطار قصصي. و آخر عمل للمركز كان اصدار كتاب تحت عنوان " إبن كرمااشاه" قاصين فيها حياة الشهيد منوجهر رضايي زنكنه.

تعتبر قصة حياة و شهادة منوجهر رضايي زنكنه من أكثر أحداث فترة تصاعد مواجهة الحزب الديمقراطي إثارة، و هو من أصعب و أكثر الأحزاب المعارضة خشونة، لو وقعت هذه القصة بيد هولوود لأنتجت أحد الأفلام الخالدة على أساس هذه القصة، و هي قصة حقيقية عن حياة منوجهر رضايي. حياة هذا الرجل مثيرة الى حدّ تحبس الأنفاس في الصدور. فهو من الكوادر الأمنية لحرس الثورة و حسب تعليمات قيادته ينفذ الى عمق الحزب الديمقراطي الى أن كسب ثقة الديمقراطيين حيث حصل على رتبة سربلي ( و تعتبر من أعلى الرتب العسكرية في الحزب)...

جمع كتاب " إبن كرماشاه" حسب قواعد التاريخ الشفهي ثم رتبت مواده معصومة جواهري و صاغته سيرة ذاتية سردية. قامت جواهري في أقسام كثيرة من الكتاب، و عبر العودة الى الماضي بتقريب أعماق الذكريات الغائصة في ذهن رضايي زنكنه عن طفولته و شبابه، ثم تفتح الأبواب دون فواصل أمام القارئ على تكملة سيرة رضايي، عن فترة دخوله الى الحزب الديمقراطي أو فترة سجنه على يد الحرس. حركة النص ذهابا و إيابا تزيد من حدة تأثير النص على القارئ كاسرة النمط السردي الأفقي.

تبدأ قصة رضايي زنكنه في كر كرماشان مع دخوله في حركة الحزب الديمقراطي و هو يواجه جيش الجهورية الإسلامية الإيرانية. و وضع منوجهر رضايي زنكنه نفسه الآن في الحزب الديمقراطي كأحد طاقاته النشطة و المحترفة، و سار في هذا الطريق حتى حصل على رتبة سربلي، و كان على عاتقه مواجهة دبابات الجيش الإيراني. و ليس هناك من يضاهيه من أعضاء الحزب في اطلاق القذائف و التصويب جيدا ولكنه الآن في موقف يجبره على استهداف دبابات الجيش لتدميرها و يعتبر هذا الأمر من وجهة نظر منوجهر غير ممكن.

الظروف، ظروف حساسة. وقف الآن في مفترق طرق عجيب إما عليه اثبات أنه يفدي نفسه لقيم الحزب الديمقراطي و يفجر عدة دبابات أو يعترف أنه " متسلل" و ما وجوده إلا تطبيق خطة خططت من قبل القسم الامني في الحرس. أعطي منوجهر أمر استهداف الدبابات و حبس أنفاسه في صدره. و اتخذ قرارا عجيبا. نقرأ في الفصل الاول تحت عنوان "   حارس شعلة الجبل" و على لسان الشهيد هذا التضارب في اتخاذ القرار: " إرتفعت الشمس حين وصلت الدبابات الى بداية المدينة. إستقر الجيش في مفترق بوكان و بانة. يتناهى صوت أحذية الجنود و هي تتجادل مع الحصاة. حين سارت الدبابات غطت أصوت الجنود. كان صديق لا يتوانا عن النظر اليّ، سحبت الآر بي جي الى الجانب الأيمن من النهر حيث جلست تحت الجسر. جسدي تجمد، ناظرا للسماء و تحولت كلي الى حاسة سمع. كلما اقتربت الدبابات تتسارع ضربات قلبي. مع علو صوت اللاسلكي انتبهت لنفسي. إنعكاس نور الشمس على الثلوج يعمي العين، تقدمت بضع خطوات و وضعت رجلي على حجر و ارتكزت عليها. برودة الآر بي جي تسللت الى كتفي. ضغطت على يدي و اغمضت عيني و لكن اذني تبحثان عن صوت الدبابات. علا صوت صديق:

  • إحذر يا شاب...

للمرة الثانية اتجه اصبعي الى الزر، كنت اشعر بثقل نظرات صديق. هذه المرة أيضا مرت على خير، بالتحديد سقطت بقرب الدبابة... إستهدفت الثالثة. كنت أنظر الى الدبابة الأولى التي كادت أن تصل الى نهاية الجسر. غيرت وقفتي و ضغطت يدي. لم افتح عيني بعد حيث وجدته يقف فوق رأسي مثل القوزاق، إحمر وجهه من شدة الغضب و اصفرت شفتاه، و دارت صرخته في الجبال.

  • ماذا تفعل منوجهر؟
  • لا شئ!!! مهما حاولت لا فائدة.

دفعني عنه و قال:

  • أعرف ما حدث و أنت تعرف جيدا غدا سوف تحاسب.

أخذ مني الآر بي جي و سار أمامي. تعالت أصوات القذائف في الجبل. إشتدت المواجهة. لقد كسرت الدبابات السد و دخلت المدينة و بدأت حرب صعبة. أعرف جيدا أنه في الغد تنتظرني محاكمة. إبتعدت بحذر عنهم الى الجبل، حين وضعوا الجسر بدأت بالركض. و دخلت المدينة.

كنت أعرف الطريق، ما زلت استطيع اقتفاء خطوات الأيام الصعبة لدخول اعضاء الحزب الديمقراطي على الثلوج الجبلية. مرت أيام طويلة لأثبت صدقي لهم.قضيت الكثير من الليالي مرددا اناشيد فترة الطفولة معيدا لها بصوت أمي و اللهجة الكردية حين كانت تقص علي القصص خوفا من أن أنام و تسقط بندقيتي من كتفي. إذن علي الركض ما دمت اتنفس و الخروج من المعركة. حسن توسطت الشمس السماء كنت قد تعبت. أزحت الوشاح عن وجهي و تنفست بعمق. من بين الأحجار هناك عينان تشعان. جمعت قبضتي و أدخلتها في الماء و شربته. بعد الصلاة سرت مرة أخرى. وصلت ظلال الشمس الى خلف الجبل و أخذت تظلم الدنيا. مع حلول الليل تعالت أصوات الذئاب و تمر الرياح من بين الأحجار. لصوت الخطوات على الثلوج المتجمدة صدى، كأن هناك من يسير معي كتفا بكتف، كل بضعة دقائق أقف و انظر خلفي. حين نزلت آخر قمة، كان وادي سحيق تحتي، قطعه نهر الى نصفين. بين النهر جلس صديق يحدق فيّ بعينين سوداويين. كنت أشعر بالدوار، أثقل علي الصمت الجبلي. لم تعد رجلاي تتجاوباني معي، أخفيت وجهي بيدي و جلست على الأرض. لم تكن هناك فرصة للاستراحة. عليّ أن أصل للمدينة قبل الظلام.

حين مررت من المنحنى الأخير، رأيت الصحراء بحجم السماء. مع رؤية أضواء المدينة التي تلمع مثل خيوط على رأس عروس، إبتسمت و برق الامل فيّ.

قبل أشهر من تشكيل حرس الثورة في كردستان وضعوا نقاط تفتيش على مداخل كل المدن، إذن علي حتى اكتمال الظلام البقاء متخفيا بين الصخور لكي لا أقع في أيديهم. تمر الثواني بصعوبة، كنت مثل فقاعة في الهواء لا اعلم أين أسير. كنت اعلم لا طريق للعودة، و لكن بقيت لدي أمور غير منجزة وعليّ انهائها. هجوم الأفكار يعذبني. أخذت بالهمس مع أمي. لي أكثر من شهر لا اعلم عنها. ملأت مرآة عيني بوجهها و هي تبتسم، التفكير بأمي يمنحني الإطمئنان في أي وقت. سالت دموعي على خدي الباردين و تسربت حرارتها الى قلبي. حين غطى الظلام المدينة و تعالت أصوات الحشرات، سرت. إتخذت القرار بالسير الى حمام ئاسو، المكان الدائم للموعد. عليّ الدخول الى قلب المدينة لمعرفة الاخبار. الوحيد الذي يمكنه مساعدتي هو رمضان دلاك. زحفت من بين الاعشاب للمدينة. أمتد ظلال فوقي، تجمدت، حين علت يده سمعت صوت صديق و احسست بمؤخرة البندقية تلتصق بوجهي." ( ص15-11)

يركض منوجهر للهرب من الحزب الديمقراطي الى أحد معسكرات الجيش ليلجئ لديهم. يمشي كثيرا و ينتظر المرور من مفرزة نفتيش وقفت امامه و لكن في الطريق قبض عليه أحد العسكريين و اغمي عليه اثر ضربة بمؤخرة البندقية و يأخذه للمعسكر...

في الفصل الثاني نقرأ كيف قبض عليه و عمليات التعذيب التي وقعت له أي فصل " نيركس". العسكريون الذين فرحوا بوقوع أحد أفراد الحزب الديمقراطي، يعدون ظروفا صعبة له. يبدأ التحقيق و يكرر منوجهر كلمة " خطأ" و يطلب منهم أن يلتقي رئيس المعسكر. تتصاعد شكوك العسكريين أكثر بمنوجهر: " خطأ. صحيح، هل جئت خطأ و أنت تحمل بطاقة الحزب الديمقراطي و بهذه الثياب و المسدس! كان عليك الآن أن تعد لحزّ رؤوسنا... خطأ!" يضربونه و بعد عملية التعذيب الطويلة يسجنونه في حضيرة.

حين كان رضايي وحده كان يسافر الى الماضي متذكرا أباه و أمه و حياته، كان يعرف نفسه كمغني.

بعد أن علم أعضاء الحزب بهروب منوجهر و احتمال لجوئه الى المعسكر، يجهزون للهجوم على المعسكر و يحدث اصطدام. و كان منوجهر طوال ذلك الوقت ينظر من ثقب لما يدور، يحاول معرفة ما يدور دون جدوى.

ينتهي الفصل الثاني بمعرفة منوجهر بهجوم الديمقراطيين على المعسكر.

جاء الفصل الثالث تحت عنوان " طيران الهدهد" ، يروي تواجد منوجهر في المعسكر و لكن يواجه القارئ إعادة زمنية أدخالتها الكاتبة، نتعرف هنا على كيفية تسلل منوجهر الى الحزب الديمقراطي الخطة التي طرحت من محمد برجردي و هدايت الله لطفيان. نكتشف مهمة منوجهر الأساسية و مشاكل مهمته و خطة الدخول الى الحزب الديمقراطي. ينتهي الفصل بتوديع منوجهر لأحد أفضل أصدقائه، حافظ أسراره، إبراهيم....

في الفصل الرابع مازال منوجهر سجين المعسكر و يعذب دائما و مهما حاول أن يسمحوا له باتصال، لا يسمحون له. من جانب ، مجبر هو على اخفائ تسلله تحت أي ظرف و من جانب ثاني، يخاف من في المعسكر من اتصال يطلعهم على القبض عليه. لا يعلم الحزب الديمقراطي عن القصة بعد، يحاول بكل طاقته انقاذ منوجهر، حتى أنهم بعثوا برسالة طرحوا فيها عن استعدادهم لعملية تبادل و أن يسلموا عدة عسكريين مقابل منوجهر.

و لكن في هذا الجانب، التقديرات تسير الى بعد آخر. يأخذون منوجهر الى المحكمة و يحاكموه و يصدر بحقه حكم " الإعدام" :

قرأ القاضي حكم منوجهر: " نظرا الى ما قام به الحزب من تجاوزات ظالمة و غير مشروعة على حقوق أبناء كردستان و ما قام به الحزب الديمقراطي في العام الأخير و الاخلال بالأمن في المنطقة و حسب الوثائق الموجودة في ملف السيد منوجهر رضايي زنكنه، المبنية على نشاطه في هذا الحزب و حصوله على رتب عسكرية رفيعة، لذا و حسب أمر الإمام الخميني روحي له الفدا المصرة على مواجهة الملحدين بصورة جادة و مواجهة حزب الكوملة و الحزب الديمقراطي الذي سلب أمن المنطقة، تصدر المحكمة أشد عقوبة و تحكم بالإعدام. نهاية الجلسة. و السلام عليكم و رحمة الله ...." (ص 58)

هذا القسم من الكتاب يحبس الانفاس. تقرر إعدام منوجهر غدا صباحا في ميدان المدينة. بهذه السهولة. و يغيب منوجهر في جدل عالم الخيال و الماضي. الماضي تحت عنوان " سحر الأمومة" و هو الفصل القادم من الكتاب، و فيه يحاور منوجهر أباه و أمه. النقطة المهمة و المؤثرة في هذا الفصل، قصة منوجهر و وصلوه الى اعلى مركز و تجمع في الحزب الديمقراطي و لقاء قاسملو و قادة الحزب. تصف الكاتبة بدقة الجلسة المهمة مع قادة الحزب الديمقراطي و ما تقرر فيها.

صباح يوم الإعدام، و بقاء ساعة على تنفيذ حكم الإعدام، يخرجون منوجهر من الحضيرة آخذينه الى مكان الإعدام. يود الجندي الذي يقود منوجهر الى حتفه أن ينفذ له طلبا. و على هذا مع وضع هاتف أمام منوجهر، يطلب منه الاتصال على عائلته ليخبرهم عن اعدامه و وصيته. يقبض منوجهر على الهاتف غير مصدق و يتصل على مقر محمد بروجردي و لطفيان و يشرح لهما الوضع. بعد أقل من ساعة، دقائق قبل تنفيذ حكم الإعدام، يدخل محمد بروجردي المعسكر و ينقذ منوجهر.

لو عرفنا قصة الشهيد منوجهر في قسمين، فالقسم الأول ينتهي هنا. يأخذون منوجهر.

القسم الثاني من حياة الشهيد منوجهر رضايي يبدأ في الكتاب من انهاء تسلله الى الحزب الديمقراطي و بعد انقاذه من الإعدام، إلتحق مجددا بحرس الثورة و لكن و لأن لا أحد يعلم بخفايا مهمته كانوا ينظرون له بريبة و كان تحملها بالنسبة له لا تطاق: " حسب أمر السيد هدايت انتهت مهمتي في سنندج و عدت الى معسكر الحرس. العودة أكثر مرارة من الدخول في الحزب. يمر من أمامي أصدقائي و يحيوني ببرودة. كان عودتي الى المعسكر عجيب لحد أن الناس تمر مني خائفة. الهمسات تألمني. أحيانا يدافع عني أكبر و إبراهيم. و لكني أعلم أن الحق معهم. ما يقارب العام و الجميع يضع جدرا فاصلا بيني وبينه يحتاج على الأقل عام لهدمه. أترك سنندج أملا العودة الى كرمانشاه ولكن استطعت تحمل وحدة كرمانشاه آملا في ابتسامة الخالق. لم أكن غاضبا على أحد حين أضع نفسي مكانهم، في تلك الأيام الحدود بين الحق و الباطل هو رمشة عين. حين كنت تسير في المدينة تألمك الأقنعة التي غطت وجوه أبناء المدينة. الأزقة ملئيت بصور آباء استشهدوا في طريق الثورة، و لكن كأن نهر جارف أخذ طريق داماهم معه. كنت أتذكر لعب الطفولة، حالة عجيبة لو فلتت يدك من يد أصحاب الإمام فتفطن على نفسك و إذا أنت في صف الخوارج تقف مالئين السماء بصوت العنصرية و متسخة أيديهم بدم جيرانهم. قلقت على نفسي، لا من الموت الجسمي بل من الموت الروحي، على أني لم أشكر خالقي و لم أفن عمري في طريق غير الإسلام. ذهبت لأفدي نفسي من أجل الولاية و الآن أخاف حين انتهت الفرصة و قد فاتت الفرصة على هذا الجسد لكي لا يكون فداء للحسين (ع).

كنتُ مترددا، خوفا من عدم تراجع أمي و تتجمد رجلاي. الوحدة في تلك الأيام منحتني فرصة أكثر لأفكر في نفسي و أجر يدي من ذاتي، لاستطيع التحليق. دعائي الوحيد هو ألا تتحرك ألسنتهم و يتغير طريقي الذي كنت أراه جيدا و ليروا ما أرى من جمال." (ص 81-80)

رغم كل ذلك، سعى الحزب الديمقراطي بكل قواه أن يغتال منوجهر أو ايصال تهديدات له. لكن منوجهر رضايي لم يعرها أهمية، و يعود للعمل بكل قوة الى الحرس، و عبر تعيين قيادته، وصل الى قيادة حرس الثورة في سقز.

نقرأ في الفصل الخامس نشاطاته حيت بات قائدا لحرس ثورة سقز أي فصل " دلووان". في هذه الفترة يحاول جاهدا اعادة الامن الى المدينة مرة أخرى و ترتيب أجواءها و لكن طوال هذه الفترة كان يواجه تهديد و تطميع الحزب الديمقراطي: " كلما تقدم منوجهر يتزايد غضب الديمقراطيين. بدأت اللعبة بوعود أخذ عائلته الى أوربا، و لكن مع رد فعل منوجهر خابت آمالهم فاتجهوا الى التهديد و الوعيد و عينوا مكافئة 200 ألف تومان لرأسه. مع انتشار هذا الخبر بات هناك خوف على فقدان منوجهر."

بعد أن فقد الحزب الديمقراطي أمله من عودة منوجهر رضايي زنكنه يقرر أن يقتلوه و على هذا يقفل ملف منوجهر. كيف استشهد رضايي نقرأه في الفصل الأخير من الكتاب " عمر أعمى" .

حصيلة كتاب " إبن كرماشان" هي جهود ثلاث فرق بحثية عملت على جمع المعلومات عن الشهيد رضايي زنكنه و أخذ 35 ساعة حوارية مع أقربائه و أصدقائه و زملائه. و رغم أن الحوار مع زملائه سارت ببطئ و صعوبة و لكن نتائجها كانت كبيرة.

ابن كرماشان هو النتاج الحادي و العشرين عن مجموعة " أعين الثورة الإسلامية السماوية" حيث صدر في اطار سيرة ذاتية في 132 صفحة. و قامت الكاتبة لادخال القارئ في أجواء الكتاب بادخال اللغة الكردية اللغة الأم لمنوجهر، و انهت الكتاب ب " مناجة أم". و في الملحق نجد عدة صور من منوجهر و عائلته و أصدقائه. و في النهاية ادرجت سيرة الشهيد.

ولد الشهيد منوجهر رضايي زنكنه في 12 مايو 1959  كرمانشاه. أنهى دراسته الثانوية في نفس المدينة. و حين كان مشغولا بالدراسة كان يساعد أباه في المحل و قبل انتصار الثورة الاسلامية كان عضوا في مجموعة مسلحة تعمل ضد النظام البلهوي.

بعد انتصار الثورة الاسلامية، و في 1979 دخل حرس الثورة الاسلامية و تعاون مع الشهيد محمد بروجردي. و بعد فترة، و تحت أمر الشهيد بروجردي تسلل الى المجموعات المناهضة للثورة ( الحزب الديمقراطي الكردستاني) و وصل الى قيادة أحد ألوية الحزب الديمقراطي و حصل على رتبة " سربل" .

سبب دخول رضايي في مركزية الحزب الديمقراطي أن يحصل الحرس على معلومات قيمة عن خلية مناهضة للثورة و أوقع فيهم ضربات موجعة. و بعد تسلله لعدة أشهر في الحزب الديمقراطي قبض عليه من قبل حرس الثورة و بعد اتصال على مقر القيادة اطلق سراحه.

عين في العام 1979 قائدا للحرس في سقز و قبض على الكثير من قيادة الحزب الديمقراطي.

في 28 مهر 1359 و تزامنا مع عيد الأضحى استشهد رضايي على يد الحزب الديمقراطي عبر كمين.

 

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 4021


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة