نظرة على كتاب " بيتي هنا"

واقع الحرب على لسان شاهد عيان


إلهام صالح
ترجمة: أحمد حيدري مجد

2016-3-31


الحرب، قصة مُرة. و لا يهم أين تقع، على أية حال هي مُرة و موجعة. يخرج الناس دون ارادة من حياتهم الطبيعية الى شروط الحرب. يكمل فريق حياتهم و فريق آخر يدخل في حرب، ليس كمحاربين، بل ناس وقعوا بين فكي الحرب.

الحرب المفروضة على إيران مثلها كمثل بقية الحروب، لها صعوباتها و شورطها الخاصة. الكثير شارك فيها و لم يبق في ذاكرته شئ منها.و فريق آخر أخذ يروي ذكرياته عنها، هذه المذكرات، جاءت في اطار التاريخ الشفوي، يزيح الستار عما جرى للشعب الإيراني.

" بيتي هنا" 1 هي إحدى قصص الحرب، قصة سيدة بات لها الآن زوج و أطفال، لكنها كانت في السابعة عشر – الثامنة عشر بين عائلة. حين اشتعلت الحرب، تورطت " أفسانة قاضي زاده" فيها. كانت عضوة في المركز الإسلامي للتلامذة. و أدخلتها عضويتها في البسيج لتمر بدورة تدريبية مضغوطة. و شاركت في دورة الاسعاف.

و هذا ما تسبب مع أول ظهور لملامح الحرب، أن تتجه الى مسجد جامع في مدينة خرمشهر. و تاتي المذكرات شارحة دعم الناس للدفاع عن المدينة: " منذ ذلك اليوم و نحن نقضي النهار و الليل في المسجد. لم يكن لديهم عتاد، نقضي الساعات لاعداد المولوتف ( الزجاجات الحارقة)، مقشرين الصابون. نغسل الثياب. نعد الضمادات. نعد الطعام و نجمع الأدوية من المنازل و الصيدليات."

كان الطبخ و اعداد المولوتف من أسهل أعمال قاضي زاده في فترة الحرب. لقد جربت الكثير من الأمور، من غسل الجثث الى حفر القبور: " ذهبنا الى المقبرة. كانت المجارف و المعاول تملئ الأرض. بضعة رجال يعملون. حملت المجرف و المعول و بدأت بحفر القبر. منذ اللحظة الأولى آلم المعول و المجرف يدي. لم نصل بعد الى حفر قبر حين وصل رجل لمعونتي و طلب مني أن يكمل مكاني.في ذلك اليوم بقيت لغروب الشمس في المقبرة نقوم بما نقدر عليه."

كانت فتاة عادية في مدينة خرمشهر دخلت دون إرادة منها في ظروف الحرب. يأكد الكتاب مرات على هذا الأمر، الشروط التي يدخلها الانسان في الحرب تتغير: " كنت لا استطيع الاكل دون شوكة، و لكن حين حوصرت مدينة خرمشهر و دخلنا في مسجد جامع، رأيت كيف يصبون المرق في صينية كبيرة و يأكلون بأيديهم. كنت اكتفي في الأيام الأولى بقطعة خبز. لكنني بدأت أضعف مما أثر سلبا في عملي. في النهاية شاركت الاكل بيدي مع البقية."

كانت قاضي زاده صاحبة شخصية قوية، و لكن من الطبيعي أنها دخلت في ظروف صعبة: " كانت الايام الأولى مرعبة جدا. لم تعتد عيني بعد على الدماء و الارجل المقطوعة و الثياب الوسخة. كنت في حالة غثيان دائم. أصاب بالغثيان من كل أكل أحمر اللون.نزل ضغطي و أدخلت المشفى اسبوعا، بسبب قلة الأكل.و أصيبت رأتي بسبب المياه الملوثة."

تبدأ المذكرات مع بداية الحرب المفروضة، من الطبخ في مسجد جامع، الاسعافات الاولية و حفر القبور و الخياطة و التمريض، من دخول أفسانة قاضي زاده تجربة مغايرة  حتى تتحول الى مساعدة جراح و تتزوج و تصبح أما. من الفصل السادس تشتد الأحداث. و في الفصل السابع يتجه الكتاب الى حياة بعض الشخصيات حاليا التي كانت في تلك الفترة.

الكتاب مذكرات محضة عن تلك الفترة، فلا ينتظر منه نصوص مغايرة و لا صورا و لا أدبيات مغامرة، هي مذكرات محضة تروي حياة فتاة. حاولت أن تكون محايدة ساعة تروي ما مرت به. " بيتي هنا" نص بسيط عن مدينة حدودية دخلت فجأة في حالة حرب.

 

1-بيتي هنا: مذكرات أفسانة قاضي زادة، حوار و اعداد: كلستان جعفريان، دار سورة مهر، الطبعة الخامسة، 1393، 116 صفحة.

المصدر الفارسي



 
عدد الزوار: 3780


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة