المؤتمر الوطني الثاني للتاريخ الشفهي للدفاع المقدس -3

هندسة السرد الجماعي في سرد قاعدة التاريخ الشفوي

مريم رجبي
ترجمة: حسن حيدري

2019-5-10


خاص موقع تاريخ إيران الشفوي، أقيم المؤتمر الوطني الثاني للتاريخ الشفهي للدفاع المقدس في 3 مارس لعام 2019م في صالة أهل القلم التابعة لمنظمة الوثائق والمكتبة الوطنية لجمهورية إيران الإسلامية. قرأتم في الجزء الأول من هذا المؤتمر، ما تتطرق إليه كل من العميد غلام رضى علاماتي، رئيس منظمة الوثائق ومستندات الدفاع المقدس وسكرتير المؤتمر وأيضاً العميد بهمن كاركر، رئيس مؤسسة الحفاظ علي أعمال ونشر قيم الدفاع المقدس والسيد أشرف بروجردي، رئيس منظمة الوثائق والمكتبة الوطنية لجمهورية إيران الإسلامية، كما قرأتم في الجزء الثاني منه كلمة الإدميرال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي.

سبعون يوماً من جبهة تيناب

إستمراراً لهذا المؤتمر، تحدث السيد مرتضي نورايي، أستاذ جامعة اصفهان والأخصائي في مجال التاريخ الشفوي قائلاً: "ما سأقدمه لأصدقائي الأعزاء في هذه الفرصة هو تقرير من سرد مختلف للدفاع المقدس على طريقة التاريخ الشفوي. هذا سبب آخر لاختلاف النتائج. منذ حوالي ثلاثة أشهر بدأ المشروع ويهدف إلى تحقيق نتائج مختلفة. يجب تحويل تعبير الأساطير في الدفاع المقدس قليلاً نحو قاعدة المقاتلين. إنّ قوات المشاة في ثماني سنوات من الحرب والدفاع المقدس، تعني أنه أينما تكون هذه القوات، ستكون تلك المنطقة أهم جزءاً في المعركة. لهذا الإهتمام في تسجيل التاريخ الشفوي في هذا الجانب يحظي بأهمية قصوي. بدأ هذا المشروع من وجهة نظر أخري. أطلق علي هذا المشروع "سبعون يوماً من جبهة تيناب" هندسة السرد الجماعي في سرد قاعدة التاريخ الشفوي. تذكروا كلمة تيناب جيداً. هذه المفردة تعني الحلم. كانت قوات الدرك نشطة في هذه المنطقة. يتكون حديثي من ثلاثة أجزاء. في الجزء الأول سأشرح جغرافية وتاريخ هذا الحدث، والذي تم التحقيق فيه لمدة سبعين يوماً. تقع تيناب بين دهلران ومهران. زمن حديثنا عنها لحوالي ثلاثة أشهر من مارس حتي يوليو عام 1981م حيث كانت مهران تحت الإحتلال من منطقة كنجان جم حتي 50 كيلومتر خارج مهران نحو مدينة دهلران وكان موقعنا علي مرتفعات تيناب، في المكان الذي كان استراتيجياً بالنسبة لمهامنا المنشودة. لقد أفصحت عن حقيقتي لأنني كنت من ضمن هؤلاء الأفراد النشطين في تلك المرحلة. كما سيقوم كل من المهندس سجاد حقيقت والسيدة هاجر مهرجويان والسيدة سمية سجادي لمتابعة وإجراء مقابلات هذا المشروع.

المكان الذي وقعت فيه الحادثة هو مكان عشائري بالقرب من مدينة دهلران. يتحدث الأهالي في هذه المنطقة باللغة الكردية. النقطة الأخرى هي أنّ الناس في هذه المنطقة كانوا من المقرر أن يجرون مقابلة معنا، ستة أشخاص سُجلت حواراتهم وسيشاركون في الأيام السبعين. من المتوقع أن يرتفع العدد إلى ثلاثين. ومن المثير للاهتمام، هناك وثائق حول ما أشير إليه من قبل. على سبيل المثال، كتب جندي مذكراته الخاصة في نفس العام 1981م، وكانت بعض المذكرات التي وقعت في نفس المكان من تيناب مهمة على الأقل. في تلك المذكرات كتب التحركات والكلمات والعواطف بشكل دقيق. بالإضافة إلى ذلك، هناك فرصة، وهناك العديد من صور للمنطقة. هناك العديد من الصور الفوتوغرافية والوثائق المكتوبة، بالإضافة إلى حقيقة أنّ الصحف سجلت ثلاث إلى أربع عمليات في المنطقة، ومن ناحية أخرى، ساعدتنا في القبض على العراقيين في ذلك الوقت، لذلك كانت الوثائق متاحة لمدة سبعين يومًا. والتي من شأنها إعادة بناء نسخة مقبولة من حياة الدرك خلال فترة الحرب. نتوقع إجراء مقابلات مفصلة، كما تمت مقابلة العديد من الأشخاص حتى الآن، وكان أسلوب المقابلة مختلفاً منذ البداية. كان السبب هو أنّ المنخرطين في قوات الدرك للخدمة في ديسمبر عام 1980م لم يكونوا متطوعين. ذهب الجميع للخدمة العسكرية من أجل، أن يفتحوا طريقهم بعد ذلك للقيام بأنشطة أخرى أو إدارية. الشيء المهم هو أنّ كل هؤلاء الأشخاص هم من نفس العمر نحو 57 عاماً. لديهم عقل نشط ويتم تصوير المنطقة بأكملها في أذهانهم. قال أحد المحاورين إنه عندما تحدث أحد الرواة عن تيناب وتلك المنطقة، أوضح أنه بالنسبة لنا، وكأنما لم نر هذه المنطقة علي الإطلاق، كان الوضع برمته واضحاً وشفافاً. هذه مقدمة موجزة عن هذا المشروع ومكان وجوده. هذه المنطقة لم تكن نشطة أثناء الحرب من حيث المواجهات. لم يكن هناك أي طريقة لحرب المواجهة ستحدث مثل عملية والفجر 8، كانت العمليات التي نقوم بها عملية ملحمية، وعندما تعود قوات العدو للإستراحة نقوم بمهاجمتها والضغط عليها في ذلك المكان.

من الناحية الفنية، الجزء الثاني من حديثي هو أننا من حيث التخصص مدربون علي الجانب السردي  للتاريخ  الشفهي. يجب أن يكون هذا السرد من تجربة الفرد إلى التجربة الجماعية. كانت معظم محادثات اليوم هي: أنه ينبغي عليهم تقديم التاريخ الشفوي الصحيح. في المقابلة، لا نذهب إلى الأساطير والعمل علي العواطف، ويقال أيضاً أنّ على القائم بإجراء المقابلة في التاريخ الشفوي أن يأخذ المقابلة إلى تجربة جماعية يمكن التحقق منها. هذه القضية نفسها يمكن أن تكون ذات أهمية بسبب حقيقة أننا نواجه العديد من الأشخاص. هناك الكثير من الناس يعملون في هذا الصدد. لقد رأيت اليوم في بعض المؤسسات أنها قد حلت محل طريقة يشار إليها بالطريقة الجماعية، أي هناك عدد من الأشخاص الذين يجتمعون، ويتحدثون عن أمور. هذا صحيح بشكل عام، لكن من الناحية العملية، في المرحلة الأولى، يؤدي ذلك إلي الاختلاط المشترك والعديد من المشكلات التي يتذكرها الأفراد لوحدهم ويحللون ذلك عبر عقولهم بشكل دقيق. توصيتنا هي إجراء مقابلة فردية مع كل من الأشخاص الذين شاركوا في الحدث، أولاً وقبل كل شيء، وعند اكتمال المقابلات الفردية، لابأس بإجراء المقابلات بشكل حلقة جماعية. وهذا يعني الجلوس والتحدث وتذكيرهم بعضهم البعض بما حدث من وقائع. النقطة الحساسة هي أنه يقال بشكل فردي وتجريبي أنه يمكننا تحويل السرد إلى سرد أساسي، بمعنى، نحن نعرف أنّ كل نص تاريخي يحتوي على سرد، من الأول إلى النهاية. يقال ماذا نفعل مع تعدد الروايات؟ ما هو المفضل؟ ما يبدو هو أنّ عقل القائم بإجراء المقابل، في مقابلة مع عدة أشخاص، يمكن أن يقرر أخيراً كيفية جعل هذه الرواية الجماعية سرداً أساسياً. تخيل وجود محادثات متعددة وتقارير متعددة من قصة ما. يرمونها في علبة ويريدون استخراج رواية من الحفرة. استخراج هذا الوضع يتطلب تجربة. قد ينتهي بنا المطاف إلي تباينات عديدة، والجمل الشهيرة المطلوبة. لم يتم إيلاء هذا الجزء من الرواية الجماعية اهتماماً تقنياً بالبحث الإيراني، وهو الآن متلكأ، حيث ما هو الجانب المفضل لسرد شخص لآخر؟ هل معلومات ذلك الشخص؟ هل ذاكرة ذلك الشخص؟ أو هل وثائق ذلك الشخص، نصيحتنا هي أن أفضل استراتيجية لهذه الرواية الجماعية هي في تاريخ الدفاع المقدس الشفهي، وخاصة بالنسبة للمقاتلين والمشاة الذين، مثل القادة، ليس لديهم فرصة لتسجيل مذكراتهم. لكن هذه الرواية الجماعية تتطلب تفكيراً إضافيًا لتحويلها إلى تأثير، وقمنا بتسميتها بالمصفاة. وهذا هو، أي نضع روايات عديدة في هذه المصفاة لنعطيها سرداً واحداً. هذا هو أساس تحويل الروايات الجماعية. بالطبع، يتم ذلك للعمال والنساء، على سبيل المثال في التاريخ الشفهي للمصانع، ويعتقدون أكثر أو أقل أنه يمكن أن يكون ناجحاً.

النقطة المهمة هي أنه في السرد الجماعي، يبدو لي أنّ القائم بالمقابلة لديه دور أساسي. لذلك يمكن للراوي والقائم على المقابلة أن يحكيا قصة معاً. من المفترض أن نروي قصة سبعين يوماً. ما توصلت إليه من خلال هذه المقابلات، أدركت أنّ هناك بعض الالتباس، وأنّ بعض الناس يقولون شيئاً وينفيه الآخرون بشكل أو بآخر. سواءً أثاروا قضايا جديدة أم في بعض الأحداث يركزون علي أنفسهم بشكل محوري، وفي بعض المسائل الأخرى، قد يتأخر التاريخ أو يتقدم، على أي حال، يمكن أن يساهم بتوفير هذه الموضوعات المتعددة والمتقطعة أيضاً كعنصر عمل ذا مصداقية. يعتقد أصدقائي الشباب أنّ لديهم سنة كاملة لكي يقوموا بإجراء المقابلات. ما أثار إعجابي بنتيجة المقابلات هو أنّ هناك نقطة تحول في نظرة الجنود إلى قوة الباسيج ونوع الحرب. لقد كنت في الحرس الثوري قبل الخدمة العكسرية وانضممت إلي قوات الباسيج بعد إتمام الخدمة العسكرية. عندما كنت في التعبئة، شاركت في العديد من العمليات مثل والفجر5  ووالفجر التمهيدي  وأيضاً كانت لي مشاركة في منطقة دهلران. لذلك هذا الاختلاف في عرض الحديث أمر مهم بالنسبة لي، حيث رأينا معظم الكتابات حول الدفاع المقدس في التاريخ الشفوي. أولاً، كانت الحرب بين الجنود لغرض الحياة. بالنسبة للجنود كقوة بسيطة ومشاة، ستكون الحرب جزءاً من حياتهم، وليس كل حياتهم! أي أنهم شاركوا في العملية، من أجل وضع حدٍّ لهذه العملية، ثم سيواصلون حياتهم بعد ذلك. منذ بعض الوقت، رأيت أنه بدلاً من الجندي وتأدية العسكرية، كان من المقرر أن يصبح الأمر حراً وسيقوم المتطوعين بتشكيل القوة العسكرية للبلاد، ومع ذلك، فقد اكتشفنا الروح المعنوية التي كانت يتمتعون بها. يمكن لهذه النفسيات والمعنويات أن تكون بصالح التطلعات والأمنيات والتفكير للشهادة العليا والتضحية في التعامل والتوازان لتدخل قوات جديدة ساحة العمل. ومع ذلك، فإنّ أحد استفساراتنا حول يقوله المدافعون عن الدفاع المقدس هو استخراج آليات التصميمات والأذواق المختلفة، بدلاً من مجرد التوجه إلى اتجاه معين. في معظم أجزاء الحرب، أوقفوا الجنود العراقيين، أي بين بداية الحرب وتشكيل التعبئة ووصول الحرس الثوري الإيراني في مرحلة الحرب بشكل غير رسمي. الأشهر الستة الأولى هي ستة أشهر يمكننا الاستثمار فيها واكتشاف هذه الروح وادخال المزيد من الاهتمام لأبحاثنا. آمل أن ينتهي هذا المشروع وأن نري نتائجه".

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2634


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 

الأكثر قراءة

نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة