الاستيعاب الذي كان غير مقبول للعالم


2019-7-21


 

مؤسس مكتب الأدب وفن المقاومة ومدير موقع و أسبوعية موقع تاريخ إيران الشفوي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. لقد سمعت اليوم [1]  الحضور وهم يتداولون كلمات جميلة ورائعة. كما أني التقيت بأعزاء.

لقد سمعت ذلك من أخواتي الحكّاءات، ومن أخواتي المؤلفات، أبارك هذه الخطوات لدائرة الفنون، لدار سورة مهر للنشر. بارك الله فيهم جميعاً. تمّ هذا العمل بمساعدة السيدة السيدة أعظم حسيني، حيث كان مكانها اليوم شاغراً. لو كانت هنا، لكنا سمعنا حديثاً آخر.

أريد أن أعرّج علي نقطة أو نقطتين فقط، لأنّ الوقت يضايقنا وثانياً أشعر بتعبكم وإجهادكم الكبيرين. كان هناك اعتقاد مترسختاً في وجودنا. وهو أنّ الإيرانيين لا يستطيعون الدفاع عن أرضهم. عن التربة التي أكلنا قمحها ونمنا علي تربتها، لم يتمكنوا من الدفاع عن أشعة الشمس التي جففت ملابسهم. كان هذا الاعتقاد مترسخ في وجودنا. كانت مساحة منطقتنا الجغرافية في الفترة القاجارية ضعفي ما نمتلكه في الوقت الراهن تقريباً. أي أننا فقدنا ما يقرب مليون كيلومتر من هذه الأرض حتى وصلنا إلى حرب الثمان سنوات ومن ثم وصلنا إلى مدينة خرمشهر. لقد تحدثت مع العديد من الضباط العراقيين. قبل بضعة أيام، عندما كنت مشاركا في مراسيم سيد صالح موسوي، نقلت بعض النقاط العراقية. حيث قال الضباط العراقيون أنهم لم يناموا طيلة الشهور التسعة عشرة التي قضوها في مدينة خرمشهر، لم ننم حتي ليلة واحدة من شدة الخوف، هل تعلمون ما هي ليالي المحمّرة؟ الليالي التي لم نتوقع فيها إطلالة الصباح إذ يصاب البعض بالجنون والبعض الآخر يسارع بالهروب. الهروب من الجيش العراقي، بدأ هذا الأمر من مدينة خرمشهر، ولم يستطع العراقيون أن يجدوا حلاً لهذه المشكلة حتي آخر يوم من الحرب المفروضة.

كان سبب هروبهم هو أنهم حين جاءوا حصلوا علي  الثروة في خرمشهر. كانت المنازل التي تخلى عنها أهلها مليئة بذهب النساء والبنوك كذلك والمتاجر وحتى الصائغين. كان من بينهم أيضا مَن أخذ حقائب الذهب و أبدوا فرحهم وارتياحهم من ذلك الأمر. من خلال عمليات النهب والسرقة التي شهدتها المدينة، لم يروا الحاجة للبقاء في الجيش والقتال ليفقدوا حياتهم، من هذا المنطلق، بدأ الهرب من الجيش في مدينة خرمشهر. لقد نهب العراقيون الكثير من المال في خرمشهر لدرجة أنهم اضطروا لإنشاء مكتب لتصريف العملات حتي لا يضطر الجنود للذهاب إلي البصرة والموصل لتصريف أموالهم وتحويلها للدينار العراقي! الدينار القوي الذي كان يعادل ثلاثة دولارات أميركية، في زمن صدام، كل دينار عراقي يعادل ثلاثة دولارات أميركية حيث قاموا بنهبه من أهالي المدينة. عندما كنتُ اتحدث مع ضابط عراقي، أشار إلي هذا الموضوع قائلاً: عندما دخلنا إلي مدينة خرمشهر كنا في حاج عمران. رأينهم يأتون بالسجاد و قاموا بإهدائه للضباط. قلنا لهم: من أين أتيتم بهذه الهدايا؟ قالوا:  من سوق أبو أحمد في المحمرة. قلت لهم: أساساً لايوجد سوقاً بهذا الإسم هناك. ضحكوا وقالوا: سوق أبو أحمد أي سوق الإمام الخميني! إنه السوق الذي ننهب منه ما نريد ونحمله معنا. لقد حصلوا على سجّاد مدينة خرمشهر في حاج عمران، أي أنّ هذه السجادة أصبحت تبعد أكثر من 1200 كيلومتراً عنا!

كنت أتحدث مع طبيب عراقي. وقد كان من أهالي مدينة كركوك ويتحدث اللغة التركية. كنت أتحدث مع الضباط العراقيين عندما أذهب إلي المخيم. عادة وحين نكون في عيادته، نقوم بتسخين الطعام لوجود مدفئة. وبعدها نتحدث حول الكثير من القضايا. كنا نتحدث اللغة التركية. وأنا استوعب ما يقوله. كان اسمه الدكتور ليث. لقد اتصل بي قبل عشرة أعوام عن طريق وسيط. ذهب إلي النرويج. كان يقول الدكتور: ذهبت فترة إجازة. قال لي أبي: يريد أن يلتقيك رئيس الطائفة. ذهبت وقلت له: في أي نقطة كنت إبان الحرب الإيرانية ـ العراقية؟ قلت له: في مدينة خرمشهر بالتاكيد أنك تعرف اسم ولدي، هو ضابط في الجيش. طلبتُ لقاءك لكي أقول لك أن لا تنهبوا أموال الناس في المحمرة علي الإطلاق. لأنها أموالهم وتتعلق بهم فقط. لقد ذهبوا بأموال خرمشهر حتي البصرة. لقد أنشأت أسواقاً جديدة، لكن أهالي البصرة كانوا في شك من أمرهم ولم يشتروا شيئاً منها. كانوا يقولون: إنّ هذه الأموال منهوبة ودخلت السوق.

قالوا: إنكم لم تستطيعوا أن تدافعوا عن أرضكم ومياهكم، لكن ثُبت لهم ذلك في (الثالث من خرداد)،24 من مايو لعام 1982م. لقد حصلت انتفاضة عارمة في وجدان الشعب ونحن نزلنا إلي الشارع وفرحنا، كان جزءاً منه لإبطال ذلك المعتقد الذي كانوا يزعمون من خلاله، أننا غير قادرين عن الذود عن وطننا وأرضنا وشمسنا. أعتقد أنّ هذا الاعتقاد كان غير متوقعا بالنسبة للعالم لدرجة أنه من 24 مايو 1982 إلى 9 فبراير 1986م، لم يُسمح لنا بإجراء أي عملية ناجحة بنسبة كبيرة، فقد كانت عملياتنا تقريباً تفشل ولم نحقق فيها غايتنا المنشودة. بعد تحرير مدينة خرمشهر، وقف العالم أجمع مع صدام لدرجة أنّ هذا الاعتقاد لم يعد بيناا بعد الآن. لكن في الفاو، حدث هذا وسيطر المقاتلون علي مدينة الفاو، حيث حدث هذا لأنّ العراق كان يفكر في الدفاع عن أرضه بدلاً من التفكير في السيطرة وغزو ترابنا. لقد غرس جزء من هذا الاعتقاد (يمكننا حماية مياهنا وترابنا) من قبل النساء، مع المقاومة الشديدة للعيش في الحروب، نحن مدينون للنساء المحترمات اللاتي احتفلنا اليوم بتوقيع كتبهن.

أود أيضًا أن أنقل قول من طبيب عراقي كان أسيراً في المخيمات، الذي كان أيضاً في خرمشهر، وهو الدكتور أحمد عبد الرحمن. كان طبيباً حاذقاً وذا شخصية نبيلة، حيث عمل ضابطاً ضمن الخدمة العسكرية، قال: في إحدي المرات ذهبت في إجازة. قالت لي والدتي: دعنا نذهب معاً لزيارة خالك. كان لدي خالي تلفزيونياً وحينها يبث أخبار الحرب وعدد من الأسري الإيرانيين.  قال لي خالي: أحمد، هؤلاء لازالوا يافعين. قلت له: خالي إذا كان هؤلاء أطفالا، لم تر الأكبر منهم عمرا! والآن أقول: لم تر بعد نسائهم. والسلام [3]

----------------------

[1] أقيمت إحتفالية نشر أربعة كتب عن النساء المقاومات في الحرب وهي :"صباح: ذكريات صباح وطن خواه" كتبته السيدة فاطمة دوست كامي، "ساجي: ذكريات نسرين باقر زاده، زوجة الشهيد بهمن باقري"، أعدته وقدمت له: بهناز ضرابي زاده، "مصابيح المدينة المضيئة: ذكريات زهرة فرهادي" كتبته السيدة فائزة ساساني خواهو "أجمل أيام الحياة: ذكريات سيدة فوزية مديح" بتحرير سمية شريف لو، حيث أقيمت هذه الإحتفالية في 9 من يوليو عام 2019م في صالة سورة بدائرة الفنون. وصدرت الكتب عن مكتب الأدب وفن المقاومة التابعة لدائرة الفنون وأصدرتها دار سورة مهر للنشر.

[2]سيدة أعظم حسيني، مؤلفة الكتاب الشهير: "دا: ذكريات سيدة زهراء حسيني". وأعدت الكتب في مكتب الأدب وفن المقاومة التابعة لدائرة الفنون وأصدرتها دار سورة مهر، بين العام 2008م حتي العام 2018م.

[3]نصّ خطاب مرتضي سرهنكي في مراسيم نشر أربعة كتب حول النساء المقاومات في مدينة خرمشهر.

النصّ الفارسي



 
عدد الزوار: 2552


التعليقات

 
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليق:
 
نبذة من مذكرات ايران ترابي

تجهيز مستشفى سوسنگرد

وصلنا إلى سوسنگرد قُبَيل الظهر. كان اليوم الثالث عشر من تشرين الأول عام 1980. لم يكن أمرها مختلفًا عن أهواز بل كانت أمرّ حالًا منها. كان قد غمرها التراب والدمار. وقد خلت من أهلها إلا ما ندر. كما أعلنت منظمّة الهلال الأحمر في أهواز، كانت لا تزال المدينة في متناول قصف العدو، ولم يأمن جانب منها من وطء القذائف والقنابل. لقد أوصلنا أنفسنا إلى مستشفى المدينة بسرعة. ما زال بابها ولوحتها سالمَين. تتقدّم المستشفى ساحة كبيرة قد حُرِث جانب منها. كأنها قد هُيّئت قبل الحرب لزرع الفسائل والزهور.

التاريخ الشفهي للدفاع المقدس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي

الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان)
لقد صدر عن حرس الثورة الإسلامية ومركز الوثائق والدراسات للدفاع المقدّس في عام 1401 ه.ش. كتابُ التاريخ الشفهي للدفاع المقدّس برواية حجة الإسلام الشيخ محمد نيازي، تحت عنوان الهيئة القضائية للقوّات المسلّحة (محافظة خوزستان) وبجهود يحيى نيازي. تصميم الغلاف يحاكي مجموعة الروايات التاريخية الشفهية للدفاع المقدس الصادرة عن هذا المركز. إذ قد اختار هذا المركز تصميمًا موحّدًا لأغلفة جميع كتب التاريخ الشفهي للدفاع المقدس مع تغيير في اللون، ليعين القارئ على أن يجدها ويختارها.
أربعون ذكرى من ساعة أسر المجاهدين الإيرانيّين

صيفُ عامِ 1990

صدر كتاب صيف عام 1990، بقلم مرتضى سرهنگي من دار سورة للنشر في سنة 1401ش. وبـ 1250 نسخة وبسعر 94 ألف تومان في 324 صفحة. لون غلاف الكتاب يحاكي لون لباس المجاهدين، ولون عنوان الكتاب يوحي إلى صفار الصيف. لُصِقت إلى جانب عنوان الكتاب صورة قديمة مطوية من جانب ومخروقة من جانب آخر وهي صورة مقاتلَين يسيران في طريق، أحدهما مسلّح يمشي خلف الآخر، والآخر يمشي أمامه رافعًا يديه مستسلمًا.
الدكتور أبو الفضل حسن آبادي

أطروحات وبرامج التاريخ الشفوي في "آستان القدس الرضوي"

أشار رئيس مركز الوثائق والمطبوعات لآستان قدس الرضوي، إلى أطروحات "تاريخ الوقف والنذور الشفهي" و"تاريخ القراءات القديمة في الحرم الشفوية" وعلى أنها أحدث المشاريع للمركز وقال: "إنّ تسجيل تاريخ الموقوفات لآستان قدس الرضوي الشفوي في عدّة مدن، هو مشروع طويل المدة. وتأسس مؤخرا قسم الدراسات للقراءت في مركز الوثائق وهو ضمن مجموعة مركز الدراسات". وفي حواره مع موقوع التاريخ الشفوي الإيراني قال الدكتور أبو الفضل حسن آبادي، شارحا برامج المركز:
مكتبة الذكريات

"أدعو لي كي لا أنقص"،"في فخّ الكوملة" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة"

سوف تتعرفون في هذا النص، على ثلاثة كتب صدرت عن محافظتين في إيران: " أدعو لي كي لا أنقص: الشهيد عباس نجفي برواية زوجته وآخرين" من المحافظة المركزية وأيضاً كتابي "في فخّ الكوملة: ذكريات محمد أمين غفار بور الشفهية" و"تكريت بنكهة خمسة خمسة" وهي ذكريات أمين علي بور الشفهية" من محافظة كيلان. إثنان من المعلّمين ألّفـت السيدة مريم طالبي كتاب "أدعو لي كي لا أنقص". يحتوي الكتاب علي 272 صفحة وثلاثة عشر فصل، حيث تم إنتاجه في مكتب الثقافة